الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية ...الطائفي المشفوع بالدم!

سورية ...الطائفي المشفوع بالدم!

09.06.2013
جهاد المحيسن

الغد الاردنية
الاحد 9/6/2013
فاتحة القرآن الكريم تبدأ بالحمدلله رب العالمين، وفيها تأكيد على عموم الناس، وما لبث هذا العموم الإنساني أن أصبح حكراً على طائفة وفئة محددة ، وانقسم هذا الحكر في نظر هذه الفئات من نفس التركيبة إلى فرق وطوائف تلد الواحدة أختها وكل يرى انه على حق!
ثبت أن العقل التاريخي العربي والإسلامي ينتج على مر حركته انقسامات مذهبية وطائفية، تتناسب ومراحل الصراع السياسي فيه، ويتلقف عموم الناس ومثقفوهم وفقهاؤهم هذه الانقسامات على اعتبار أنها مستندة إلى نصوص تؤكد حججهم، التي لا يأتيها الباطل، حتى أصبح الكل يقتل الكل بحكم النصوص التي يستندون إليها.
الصراع الدائر في سورية وعليها مثال واقعي؛ لا يحتاج لكثير من العناء لفهم حالة تداخل الديني بالسياسي، وتوظيف الديني لمصلحة السياسي، بل إننا سمعنا ورأينا كيف تم استحضار كل نماذج الصراع في التاريخ لتحقيق مكاسب سياسية، فتحول الصراع من سياسي وحديث عن الحريات والدكتاتورية وما إلى أداة لفتح باب الصراع الديني على مصراعيه.
وبدا من الواضح أنه بعد أن فشل السياسي في تحقيق مراده، تحوَل الصراع إلى الطائفي الذي يحرك كل مكنونات الماضي وأحقاده ودمائه، ليخرج المارد الطائفي المصنوع في دوائر استخبارات الغرب ومراكز دراساتها وعند فقهاء النفط، ليبدأ التحريض على الجميع وضد الجميع لا تفريق بينهم، فالكل هدف لمنصة الموت والخراب التي نصبها أعداء الإسلام والعروبة التي جاءت بها رسالة الإسلام.
وهكذا دخلنا جحر الضب، ورقصنا طربا على الأشلاء، حتى أن الجار في البناية الواحدة سخط على الجار الذي شاركه الخبز والماء، ولو كان الجار من طائفة ثانية لأقام عليه حد القتل، وبدا أننا أمة لا تعرف سوى القتل وتعشق رائحة الدم، وهلل الكثيرون من عوام المثقفين والمحللين على اختلاف مشارب أفكارهم لهذا النسق من الصراع،  ودخل العدو الصهيوني على الخط، وقدم كل خبراته في تاريخه الدموي لينجح الانقسام في الأسرة الواحدة، ودب الخصام، وتحولت "إسرائيل" عدوة الأمس واليوم والغد إلى شيء يمكن التعامل معه بل والاستناد إليه طالما أن حرب البسوس أشعلت نارها.
النار التي أوقدت في سورية وأصابت الجميع، زعزعت الكثير من المفاهيم، ووضعت الكثير من الأفكار والمواقف والأشخاص والدول على المحك، وبات من المعروف ضمناً أننا أمام مستقبل جديد للأمة بمفهومها التاريخي، وأن أمامنا الكثير لنتجاوز كل ما علق من رواسب الفتن والمحن، التي تستحضر في كل صراع، فليس هناك أدنى شك أن شكل الصراع الذي روج له وقدم على طبق الطائفية، لا بد سينكسر لا محالة.
إن النفخ في كير الحرب على سورية على أنها حرب طائفية، بحاجة لمراجعة متأنية ودقيقة لمن يذهب إلى هذا الاعتقاد الذي زاد من نار الفتنة ولم يسعَ لفهم طبيعة الصراع الدائم على المنطقة والأمة.