الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية: العودة إلى ما دون الصفر

سورية: العودة إلى ما دون الصفر

18.10.2015
منار الرشواني



الغد الاردني
السبت 17/10/2015
ليس مهماً ما إذا كان الروس قد استقدموا فعلاً -بحسب تقارير إعلامية- جنوداً وضابطاً كوبيين، ليخوضوا المعارك البرية في سورية. فالتدخل الروسي هناك يستند أساساً إلى قوات برية إيرانية، كما سعت طهران ذاتها إلى تأكيد ذلك، عبر تسريبات للإعلام عن وصول الآلاف من جنودها إلى مطار اللاذقية. وهؤلاء الجنود سينضمون بداهة إلى القوات الخاضعة لإيران أصلاً، ويسميها الشبيحة "الجيش العربي السوري"، والتي تضم مليشيات الدفاع الوطني، والمليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية...!
لكن المهم والأساسي، وفق هذه المعطيات، هو سؤال: ماذا بعد التدخل الروسي؟
حتى الآن، نجح تدخل روسيا عسكرياً في إعادة الأزمة السورية إلى المربع الأول فقط. فالهدف الأساسي، إن لم يكن الوحيد، كما صار معلناً من قبل الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً (فلا حاجة إلى اجتهادات وتوقعات)، ليس تنظيم "داعش"، بل بقاء بشار الأسد بمسمى رئيس جمهورية وفق الشروط الروسية. ما يعني أن جوهر خطة الطريق التي تقترحها موسكو لإنهاء الحرب مستقبلاً، وتظهر الآن بشكل فعلي عملي، هو إعادة الأمور إلى صيغة الدولة السورية المخابراتية الفاسدة، كما كانت طوال عقود وحتى آذار (مارس) 2011. وهو الأمر الذي يغدو معه طبيعياً وضرورياً إشعال الجبهات كافة، على نحو يكاد يكون غير مسبوق، لاسيما بوجود القنابل الروسية الغبية، لإيقاع أكبر ضرر بالسوريين الرافضين للعودة إلى عهود الاستبداد والفساد.
لكن التنسيق الروسي-الإيراني، وبافتراض نجاحه بأي درجة ما على الأرض، يعني العودة إلى ما دون الصفر، ليس سورياً فقط، وإنما إقليمياً أيضاً. فمثل هكذا نجاح روسي-إيراني، لا يمكن إلا أن يعني احتلالاً إيرانياً مباشراً ومعلناً على الأرض السورية، يجب أن يتصاعد مع اقتراب الحملة الروسية الجوية من نهايتها/ تحقيق أهدافها.
فمرة أخرى، وعدا عن انهيار المعنويات لدى قوات نظام الأسد "السورية"، تتمثل المشكلة الأهم لهذه القوات، باعتراف بشار الأسد نفسه، في التناقص المستمر في أعداد المقاتلين في صفوفها؛ ما يبرر الحضور الإيراني المباشر الآن، بعد فشل مليشيات الحرس الثوري الشيعية متعددة الجنسيات والأعراق، وبحيث يضمن الجنود الإيرانيون تثبيت الانتصارات على الأرض.
وإذا كان صحيحاً أنه مع كل تأخر في تحقيق "النصر" الروسي، تزداد الحاجة لجنود إيرانيين ومرتزقة (بدلاً من الجنود الروس الذين لا يرغب بوتين حتى الآن في زجهم في حرب بعيدة، وإن كان هناك حديث عن "متطوعين" روس)؛ فإن الأمر ذاته ينطبق أيضاً في حال انتهاء العملية الجوية الروسية حتى بإعلان انتصار ما. فحماية الانتصارات الروسية-الإيرانية المتحققة من أي هجوم مضاد لاحق للمعارضة، وفي ظل غياب الغطاء الجوي الروسي، يستدعي مزيداً من الحضور الإيراني العسكري المباشر.
مثل هذا الحضور يكفي بحد ذاته لإشعال مزيد من النار في كامل الإقليم. إلا أن الأسوأ من ذلك ارتداداته الشعبية الدينية والمذهبية، بعد وصف الكنيسة الروسية الحرب في سورية بـ"المقدسة!"، وقبل ذلك موت خرافة إيران بشأن "الممانعة والمقاومة"، ومن ثم دفنها في ظل تصاعد التنسيق بين روسيا (المتحالفة مع طهران) وإسرائيل؛ استخباراتياً وتدريباً على قصف سورية!