الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية المفيدة وسورية غير المفيدة

سورية المفيدة وسورية غير المفيدة

28.02.2016
د. مطلق سعود المطيري


الرياض
السبت 27-2-2016
    دعوة نظام بشار الاسد لاجراء انتخابات تشريعية في ابريل القادم تثير بعض التساؤلات حول أهداف هذه الدعوة المشبوهة في اهدافها وسياستها، فكيف وأين ستجرى، هل سوف تقتصر على المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام، أم تشمل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة ؟ أم انها توصية روسية - اميركية جاءت بعد اعلان وقف اطلاق النار الذي بدأ أمس الجمعة، حيث اعتبرت تلك الدولتان ومعهما الامم المتحدة ان نظام بشار الاسد هو الممثل الشرعي للشعب السوري، والمعارضة لا تمثل الجانب الآخر من الشرعية ولكنها تدخل ضمن صلاحية النظام، وتأتي الانتخابات التشريعية كتأكيد لهذا التوجه الاميركي - الروسي على عزل شرعية المعارضة ربما مؤقتا أو كترويض سياسي لها للتنازل عن بعض مطالبها السياسية من أجل القبول بالمقترح الروسي لحل الأزمة السورية.
انتخابات في بلد ثلثيا شعبه مهجر، ومناطقه تشهد تحولات من يد النظام الى يد المعارضة والعكس.. هل اجراء انتخابات به أمر منطقي ؟
شعب حول نظامه صناديق الاقتراع لبراميل متفجرة تحرق الأصوات واللجان الانتخابية والمرشحين والمستغيثين والهاربين .. فلمن يعطي صوته ؟ لروسيا أم لطهران ومليشيات عصائب الحق، أم للمستشارة الالمانية ميركل التي دعت بلادها لاستقبال مليون لاجي سوري..
الانتخابات المقترحة ليست استحقاقا شعبيا ديمقراطيا، بل أداة من أدوات الصراع تعمل جانبا مع الطائرات الروسية والبراميل المتفجرة، للقضاء على إرادة المعارضة ووضعها في موضع المواطن المقاطع للخيارات الديمقراطية أو متمرد عليها بالعنف والخيانات، حتى تكون المواجهة بين الخيار الديمقراطي الذي يقف خلفه النظام وخيار السلاح الذي تحمله المعارضة.
تأكيد واشنطن على أنه لا حل سياسيا بموجود نظام بشار الاسد، بدون ان تسحب شرعية الاعتراف بالنظام يعتبر مخادعة اخلاقية لا تليق بموقفها السياسي المعلن، فأمام البيت الأبيض بعض الاجراءات التي لو اتخذها لدعمت مصداقية تصريحاته التي تفيد بعدم الاعتراف بنظام بشار الاسد، ولكن تصريحه شيء وأعماله شيء آخر، فواشنطن لم تطلب من سفير بشار فيها بالمغادرة لانها لا ترى شرعية للنظام الذي عينه، ابسط الاجراءات لم تتخذ، ليتماشى التصريح مع الفعل، فبعد اعلان بشار لاجراء انتخابات تشريعية في ابريل، لا يمكن ان يفسر هذا العمل الا انه نتيجة لاتفاق روسي - اميركي على شرعية النظام، وتم الطلب منه التعبير عن هذه الشرعية بأسلوب ديمقراطي مدني، يدخل المناطق التي انتزعت منه بالسلاح لدائرة سيطرته بخدعة الممارسة الديمقراطية، فالانتخابات تجرى على كل سورية التي تتبع نظاما واحدا ودستورا واحدا، وإن كان اجراء الانتخابات في المناطق التي تقع تحت سيطرته فقط، بدون مناطق المعارضة فهذا يعد بداية مشروع التقسيم، والمناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة يطبق عليها السيناريو العراقي صحوات شعبية تواجه الجماعات الارهابية، مشروع سورية المفيدة للنظام، وسورية غير المفيدة للإرهاب.