الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية: اوباما يسمح بالقتل ولكن بأسلحة تقليدية

سورية: اوباما يسمح بالقتل ولكن بأسلحة تقليدية

14.09.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الخميس 12/9/2013
تشهد جنيف اليوم لقاء هاما يجمع وزير خارجية امريكا جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث تفاصيل اقتراح التخلص من الاسلحة الكيماوية لدى النظام السوري.
مبادرة التخلص من الاسلحة الكيماوية، قدمها لافروف اثناء لقائه بنظيره السوري وليد المعلم في موسكو يوم الاثنين الماضي، بعد ساعات قليلة من زلة لسان كيري بأن نظام الاسد يمكن ان يتجنب الضربة العسكرية اذا سلم كل الاسلحة الكيماوية خلال اسبوع. بعد ذلك كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انه ناقش هذا الموضوع مع باراك اوباما اثناء قمة العشرين في سان بطرسبورغ، لكن رغم ذلك فان هذا الاقتراح لم يكن من بنات افكار بوتين، ولا نتيجة زلة لسان كيري، بل يبدو ان صياغته تمت في تل ابيب.
غداة الضجة التي اثيرت بعد الهجوم الكيماوي على الغوطتين الشرقية والغربية في ريف دمشق، في 21 آب (اغسطس) الماضي، تحدث المحللون الاسرائيليون المقربون جدا من صناع القرار في تل ابيب عن ضرورة تسليم سورية اسلحتها الكيماوية.
هذه المبادرة، المرجح ان تكون اسرائيلية والتي سميت ‘روسية’، تلقفتها العواصم المعنية من موسكو لواشنطن ودمشق.
ففي واشنطن منحت المبادرة اوباما فرصة للخروج من مأزق سياسي خطير، وأعفته من اصدار أمر شن ضربة عسكرية على سورية بدون موافقة الكونغرس وتأييد الامم المتحدة’والرأي العام الامريكي الذي سئم كلفة النزاعات في الخارج بعد حربي افغانستان والعراق’، على حد تعبير اوباما نفسه في كلمته للشعب الامريكي مساء الثلاثاء.
اما بالنسبة لموسكو، فيبدو بوتين اليوم اهم الفائزين، فبهذه المبادرة تنجح روسيا بحماية حليفها السوري وبالعودة كقوة مؤثرة على الساحة الدولية.
وبالنسبة للنظام السوري، فقد ابعدت المبادرة عنه شبح الضربة العسكرية، التي كان من المقرر ان تستهدف اكثر من ترسانة الاسلحة الكيماوية، لتطال مقار ومعدات عسكرية كبيرة، وقد تستهدف ‘عن طريق الخطأ’ شخصيات نافذة بالدولة. وكان تعبير دمشق عن الانتصار واضحا يوم أمس حيث تسلمت هدية قيمة للاسد في عيد ميلاده الثامن والاربعين.
لكن لا بد من الاشارة هنا الى ان هذا نصر مؤقت للنظام السوري، ففي اي مواجهة قادمة ستكون دمشق مجردة من وسائل التهديد والرد، وخاصة على اسرائيل، التي تعتبر ايضا احد الفائزين بهذه الصفقة.
فوقف خطر نحو الف طن من العناصر الكيماوية المتعددة في سورية من بينها غاز السارين والخردل (حسب التقديرات الامريكية)، سبب كاف للاحتفالات في تل ابيب.
الخاسر اليوم هو المعارضة السورية، التي فوجئت بالصفقة، وكانت قدمت قائمة بعشرات الاهداف، أملت ان يتم قصفها، لاضعاف النظام كمدخل يؤدي لاسقاطه، او الذهاب للحل السياسي من موقع اضعف.
ولا شك ان اكبر الخاسرين هم المدنيون السوريون الذين يرون بالمبادرة انقاذا للاسد واستمرارا لحرب وحشية وتشريعا للقتل ولكن باسلحة تقليدية.
الجدل الذي شهدته اروقة الامم المتحدة وعواصم العالم خلال الاسابيع الماضية حول الاسلحة الكيماوية، اختزل الازمة في سورية بالاسلحة الكيماوية وحول قضية نزعها الى غاية، في تجاهل كامل الى ان المطلوب وقف نزيف دم الشعب السوري المستمر منذ ثلاثين شهرا سواء باسلحة كيماوية او غير كيماوية.