الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية: تزايد اعداد الضحايا وتراجع الامال

سورية: تزايد اعداد الضحايا وتراجع الامال

20.07.2013
رأي القدس
رأي القدس

القدس العربي
السبت 20/7/2013
مشاهدة الصور التي تبث عن سورية كل يوم مخيفة، فمناظر النساء والاطفال والشيوخ وهم يفرون من القصف مرعبة، ومشاهدة المنازل وهي تقصف وتُهدم على رؤوس ساكنيها فظيعة، ولكن ما يثير الفزع اكثر هو ما تحدثنا عنه الارقام والاحصائيات. فحسب مفوض الامم المتحدة للاجئين انطونيو غوتيريس، ازمة سورية هي الاسوأ منذ حرب الابادة في رواندا في تسعينيات القرن الماضي، فعدد الفارين من الحرب في سورية الى الدول المجاورة وصل الى 1.8مليون لاجئ، بمعدل ستة آلاف لاجئ يوميا، وعدد النازحين من ديارهم في سورية وصل الى 4.25 مليون سوري.
وتشير الاحصاءات الى اكثر من مئة الف قتيل (بمعدل خمسة الاف يقتلون شهريا) كما قتل 6500 طفل، وفقد 350 ألف طفل والديهم.
الشيء الوحيد الذي تراجع في سورية هو الامال والوعود ودعم المانحين وحجم المساعدات، فحسب مؤسسة الاغاثة الانسانية المسؤولة عن نقل المساعدات والتي يتم جمعها من الخارج في تركيا، تم خفض المساعدات الى حوالي العشر، فقبل اشهر كان يتم ارسال 50 ـ 60 شاحنة مساعدات، بينما اليوم لا يذهب سوى 5 ـ 10 شاحنات يوميا.
يقول بولنت يلدريم رئيس مؤسسة الاغاثة حول هذا الوضع ‘اننا نذهب في عطلات صيفية بينما اراقة الدماء تتواصل’.
من المؤسف ان الازمة طالت اكثر بكثير مما كان متوقعا، والمؤسف اكثر، هو توقعات استمرار الازمة لسنين عديدة مقبلة، خاصة بعد تدخل حزب الله في الحرب، وهو ما يغير ميزان القوة لصالح نظام الرئيس بشار الاسد، وتردد الغرب في التعامل مع المذابح في سورية وغياب اي استراتيجية لانهاء الصراع، مما يعني ان هذه الازمة ستفوق في احصائياتها حرب الابادة في رواندا.
التقييم الغربي للازمة في سورية تغيّر، فلندن وباريس على سبيل المثال، مارستا ضغوطا كبيرة للحصول على قرار اوروبي في نهاية ايار/مايو الماضي برفع الحظر المفروض على شحنات الاسلحة المعارضة، الا ان لا باريس ولا لندن قدمتا ولا يبدو انهما تعتزمان تقديم اي اسلحة، واكتفتا حتى الان بتقديم تجهيزات عسكرية غير قتالية، ومساعدات تقنية تتعلق بتقديم المشورة والتدريب لمقاتلي المعارضة.
وفي الولايات المتحدة تعثرت الجهود الامريكية لتسليح المعارضة في الكونغرس، وكما اعترف الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الاركان المشتركة الامريكية، فان الوقت اليوم يسير لصالح الرئيس الاسد، وان كان من خيار امريكي عسكري فيبدو انه اليوم هو التدخل ضد الناشطين ‘الجهاديين’ في سورية. واشارت تقارير صحافية امريكية الى امكانية استخدام الطائرات بدون طيار لملاحقة وقتل ‘الجهاديين’ في سورية.
المرشحة لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة سامنثا باور اعتبرت ان رد فعل مجلس الامن الدولي على الحرب في سورية مخز، وان التاريخ سيحكم على هذا الفشل بقسوة، هذا الخطاب مشجع، ولكن ما هو مخز اكثر من موقف مجلس الامن انعدام الرد والاهتمام الامريكي بالازمة في سورية منذ البداية.
طبعا لا نتوقع من السيدة باور تغيير الموقف الامريكي بعد استلامها منصبها الجديد، بل نتوقع ان تغير هي افكارها، فأثناء تغطيتها لحرب البوسنة، سجلت السيدة باور اخفاق الولايات المتحدة في وقف القتل الجماعي في كتابها ‘مشكلة من الجحيم: امريكا وعصر الابادة الجماعية’، ولكنها اليوم ستغير رأيها ولن تربط كلمة اخفاق بالسياسة الامريكية.
والرسالة الى الغرب هي ان لا تأملوا الشعب وتواصلوا بث الوعود اكثر من قدرتكم، فاذا لم تكونوا قادرين على التدخل، كان يجب البحث عن حل سياسي في وقت مبكر، وتوفير عشرات الالاف من الضحايا.