الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية تفكك تحالفات الكبار والصغار..

سورية تفكك تحالفات الكبار والصغار..

03.09.2013
يوسف الكويليت



الرياض
الاثنين 2/9/2013
    الاعتداء الثلاثي على مصر عام 1956م أخرج بريطانيا وفرنسا من دورهما الإمبراطوري في العالم لصالح الاتحاد السوفيتي، وأمريكا، وهي الطبقة التاريخية في انتقال الأدوار والقوى في سياق زمني يهدم إمبراطوريات ويبني أخرى، ومع طبول الحرب في ضربات نوعية على سورية، رفض البرلمان البريطاني المشاركة في العملية، وهو اعتراف آخر أن بريطانيا لم تعد القوة المهمة في الفصل بين الإشكالات العالمية في المواقع المضطربة، رغم أنها ظلت خلفية القوة مع أمريكا في خوض الحروب، والرأس المخطط لسياسات البلدين في الأزمنة الحرجة، حيث ظل العقل السياسي البريطاني من يدير الخطط ويضع الاحتمالات للابتعاد عن التورط الخطر، وقد كانت «تاتشر» هي من فرض على أمريكا تحرير الكويت حتى لا يكون صدام حسين الرجل الأول في السيطرة على النفط رغم تردد بوش الأب في خوض تلك الحرب، ثم القبول بها تحت تأثير السيدة الحديدية..

سورية نقطة افتراق بين الحلفاء بين تردد أوباما وعرضه الضربة على الكونجرس ربما بدافع تمنع بريطانيا، وخيار فرنسا النظر للأجواء بمشاركتها أم رفضها، فهل أصبحت الحروب الخارجية مغامرات معقدة، رغم أن الأحداث تجبر تلك الدول على التدخل وفقاً لتطبيق القوانين الدولية وحماية الشعوب تجاوزات حكامها؟
أسقطت أمريكا وحلفاؤها صدام حسين لكن لم تغب قوة القاعدة وحالات التطرف، وكذلك أفغانستان، ويبدو أن عقدة الحربين أطلت بظلالها على أوباما الذي كان من أسباب نجاحه في الانتخابات قوله إن آخر الحروب ما جرى في العراق وأفغانستان، لكن ظهوره نمراً في الإطاحة بالقذافي، ربما يعيده للقفص في الحالة السورية إلا بضوء أخضر من الكونجرس وتفويض تام له..
مراكز القوة تغيرت عسكرياً واقتصادياً لصالح دول ناشئة مثل الصين والهند وتقليدية ذات صناعات عسكرية وإمكانات طبيعية هائلة مثل روسيا، والتي تدار بدولة تعيش عقلية العالم الثالث بأسلوب إدارتها ومهماتها الدولية، وكما أنها دعمت نظام الأسد لإثبات الدور ما بعد الاتحاد السوفيتي، فإنها مثل بريطانيا، وإن لم تأخذ شرعية ردها على الحليف السوري من خلال البرلمان، فإن قرارها اتخذ من الرئيس وفريق عمله..
في حال ضربة موجعة، كما يقول المحللون لنظام الأسد العسكري بشكل موجع قد يدفعه لشراسة أكبر، لكنه سيواجه الجيش الحر والمعارضة بدون تفوق بالقوة، بل وربما أن رفض روسيا تزويده بطائرات وصواريخ جديدة لعدم التزامه دفع تكاليفها، يعتبر خياراً للهروب من المسؤولية، أو رؤية أن الاستمرار بدعمه خطأ استراتيجي، إذ لو حكم أو أبقى على سلطته فإنه لن يستطع السيطرة على سورية كلها، ومن هذا التقويم آثرت روسيا أن تقلل من آمال دعمها نظاماً يتجه للأفول..
خيبة أمل رئيس وزراء بريطانيا «ديفيد كامرون» ربما جاءت بسبب واقعية مجلس العموم أن الزمن بدأ يتجاوز بلدهم، وغالباً ما تكون تصويبات العقل السياسي البريطاني جيدة، وهي تستمد حذرها من تجارب تاريخية أسقط بعضها هيبتها، وأخرى نجحت بواسطة الحليف الأمريكي الأهم والأقوى، غير أن حساب المكاسب والخسائر وبسورية تحديداً، لا ترى بريطانيا فوائد مادية بعقد صفقات مثلما جرى مع العراق وليبيا، ولا أهمية سياسية وأمنية تجعلها تخاف على إسرائيل، وهي دوافع أنهت مفهوم القوة البريطانية المعتادة خوض المعارك حتى لو كانت بدافع إثبات الدور..
سورية ربما تفكك تحالفات مع النظام ويرتفع سقفها إلى تراجع الحلفاء الأكبر وهي صورة جديدة تعكس تراجع القوة مهما كان مالكها وصاحب إدارة تنفيذها..