الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية.. هل هي قضية عربية فعلا؟

سورية.. هل هي قضية عربية فعلا؟

13.10.2013
منار الرشواني


الغد الاردنية
السبت 12/10/2013
لا بد أن يُحسب لتلويح الولايات المتحدة الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية لنظام بشار الأسد -غداة استخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين في الغوطة- إجبار العرب من أنصار هذا النظام على الاعتراف بوجود مواطنين سوريين، عمروا ويعمرون سورية قبل الأسد وبعده. فباسم ما قيل إنه الخشية فقط على "الأشقاء العرب" السوريين ووطنهم مما ينتظرهم على يد "الغزاة"، كان ممكناً وحقاً لأولئك التدخل في الشأن السوري؛ بإصدار صكوك غفران للنظام، وصكوك تخوين للمعارضة.
لكن من سوء حظ هؤلاء أن الاختبار الحقيقي لرابطة العروبة المزعومة، جاء سريعاً جداً مع ابتعاد شبح "العدوان" الأميركي.
ففوق أكثر من سنتين ونصف السنة من الحل الأمني العبثي الذي يواصل تدمير سورية، مع حصد أرواح أكثر من ألف إنسان سوري حتى الآن، ناهيك عن اعتقال وتهجير الملايين، وإثارة النعرات الطائفية في المنطقة ككل؛ جاءت صفقة حماية الأسد من الضربة الأميركية على حساب سورية وحدها.
إذ لا يملك أحد إنكار أن الصفقة التي أبقت النظام وسمحت له لأجل ذلك بمواصلة مجازره، هي صفقة خدمت فقط فريقاً آخر، وبشكل مؤكد أكثر وأكبر مما ناله الأسد؛ وهو إسرائيل، وذلك عبر تدمير ترسانة السلاح الكيماوي السوري مجاناً، وبتعاون بات يشهد له العدو الأميركي قبل الحليف الروسي! بل ويجاهر بشار الأسد في مقابلته مع مجلة "دير شبيغل" الألمانية، قبل أيام، بأنه لن يرد على عدوان إسرائيلي ممكن في المستقبل!
أين ذهب المتباكون، زوراً وبهتاناً، على سورية وشعبها؟ أين هي مبادراتهم لإنقاذ "قلب العروبة النابض" ومهد الحضارة؟ أين زوار الأسد من القدرة على إطلاق سراح سوري واحد، وبعضهم "رفاق" سابقون، من بين مئات آلاف المعتقلين في سجون الأسد من دون ذنب أو محاكمة، كما أقر نائب الرئيس في مقابلته الشهيرة (والمنسية لحرجها) قبل أشهر طويلة مع صحيفة "الأخبار" اللبنانية، ناهيك عن تقارير المنظمات الدولية؟!
طبعاً هنا يتم عادة تبرير القتل والتدمير باستحضار بديل الأسد. فحتى إن لم تسقط ورقة توت "المقاومة والممانعة" عن هذا الأخير، موضوعياً قبل اعترافه الصريح اليوم، فإنه يظل، بزعمهم، "أفضل" من تنظيم القاعدة وتفرعاته.
لكن عدا عن أن تلك الذريعة لا تؤكد سوى حقيقة أن خلاف أنصار الأسد "العروبيين" و"الأممين" هو على هوية الجلاد والقاتل، وليس على الشعب السوري الضحية الذي يتحدثون باسمه؛ يظل الأهم هنا حقيقة أخرى تتمثل في أن "القاعدة" وشقيقاتها هي الوحيدة التي تعلن على الأرض انتصارات موازية لانتصارات الأسد على الشعب السوري. ما يعيد التأكيد على ما بات ثابتاً بداهة، وإن استمات البعض في إنكاره، وهو أن قوة "القاعدة" تتأتى من استمرار الأسد، وحلوله المسؤولة أساساً عن إيصال سورية إلى ما هي فيه اليوم.
رغم كون الأزمة السورية مفتوحة على المجهول الذي لا يسمح لأي كان ادعاء معرفة خواتيمها و"المنتصرين" فيها (مع أنه لم يبق من معنى للانتصار بأي معيار إنساني قويم)، لكن يظل ممكناً الجزم منذ الآن بأن بين المنقرضين انتحاراً هم أولئك الذين جعلوا القومية العربية مرادفاً للاستبداد والموت والعجز؛ يشهد على ذلك العراقيون تحت صدام حسين ثم تحت الهيمنة الإيرانية، كما الليبيون إبان جماهيرية القذافي العظمى.. قبل السوريين في عهد الأسد الأب والابن على السواء.