الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية هي التحدي

سورية هي التحدي

14.09.2014
فهد الخيطان



الغد الاردنية
السبت 13-9-2014
ليس ثمة جدل كبير بشأن سير العمليات العسكرية المتوقع في العراق؛ الطائرات الأميركية تقصف من الجو تجمعات تنظيم "داعش"، وعلى الأرض تتكفل قوات الجيش العراقي، والبيشمركة الكردية في التوغل واستعادة السيطرة على المناطق الواقعة تحت حكم تنظيم الدولة. العملية لن تكون ميسرة تماما، لكن أيا كانت التحديات، فإنها لا تقارن مع ما هو متوقع في سورية.
سياسيا، لا يوجد تصور مشترك بين الدول العربية والإقليمية المنخرطة في التحالف الدولي حول مستقبل سورية. هناك اتفاق على خطوة واحدة فقط؛ ضرب "داعش"، لكن الخطوات التالية محل خلاف بين تركيا ومصر على سبيل المثال، وبين السعودية وتركيا، لا بل وبين مصر والسعودية. قطر لديها حسابات خاصة في سورية، والأردن ليس على نفس الخط مع دول في التحالف.
وهناك أطراف خارج التحالف، لكن لا يمكن إسقاطها من الحسابات؛ إيران وروسيا. العراق نفسه الذي تخوض أميركا الحرب على أراضيه يتخذ موقفا مختلفا من التطورات في سورية، لا يتفق تماما حتى مع التصور الأميركي.
عسكريا، الوضع أكثر تعقيدا. المقاربة الأميركية تقوم على دعم المعارضة السورية المعتدلة لتحل مكان "داعش" في السيطرة على محافظات الرقة ودير الزور ومناطق أخرى على الحدود مع العراق. بينما الوضع على الأرض يشير إلى أن القوى المعتدلة في المعارضة السورية تكاد تتلاشى، والبديل الوحيد المحتمل هي "جبهة النصرة"، بينما القوة القادرة فعلا على خلافة "داعش" هي قوات الجيش السوري، وهذا سيناريو ليس واردا في حسابات الإدارة الأميركية وحلفائها.
بيد أن خبراء يقولون إن الموقف الأميركي المتشدد من النظام السوري قد لا يصمد حتى النهاية. لكن تغيير المقاربة هذه يستدعي تحولات جوهرية في مواقف دول رئيسة في التحالف الدولي، وإذا لم يحصل ذلك سينهار التحالف قبل أن يكمل مهمته.
سنشهد في الأسابيع المقبلة سباقا بين قوى عربية وإقليمية عديدة تسعى كل منها لتعزيز نفوذ جماعات المعارضة المحسوبة عليها، وتعظيم مكاسبها من التدخل العسكري الأميركي. سيبرز دور للسعودية من جهة، ولقطر وتركيا من جهة أخرى، فقد أظهرت مناقشات جدة وما سبقها من اجتماعات تباينا في وجهات النظر حيال الطريقة المناسبة للتعامل مع المعارضة السورية المشتتة والمتصارعة. ويعتقد على نطاق واسع أن تصفية قيادة لواء "أحرار الشام" كانت واحدة من تجليات الصراع، وخطوة استباقية لتغيير ميزان القوى قبل شروع الولايات المتحدة بقصف مواقع "داعش".
ما نود الإشارة إليه هنا هو أن التحالف الدولي الذي تشكل أخيرا، يملك استراتيجية واضحة نسبيا في العراق، لكنه يفتقر لمثلها في سورية. ويتعين على الشركاء في التحالف أن يفكروا منذ الآن، وقبل أول طلعة جوية فوق سورية، ببناء تصور مشترك لما ينبغي أن يحدث على الأرض.
الحل في سورية لن يأتي من الطائرات في السماء، بل على الأرض. صحيح أن الخيارات شحيحة في العموم، وصعبة على بعض الشركاء، لكن أمامنا عدة أشهر قبل القضاء على "داعش" تكفي لفحص كل الاحتمالات، وبناء البدائل الواقعية.