الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية والدويلات الثلاث: سنّية وعلوية وكردية!

سورية والدويلات الثلاث: سنّية وعلوية وكردية!

13.08.2013
نزار حسين راشد



القدس العربي
الثلاثاء 13/8/2013
يميل محللون سياسيون إلى الإعتقاد أن سورية في طريقها إلى الإنقسام إلى ثلاث دويلات: كردية وسنّية وعلوية، متّكئين في توقّعاتهم هذه إلى المعطيات الميدانية، ومنها نقل النظام معركته إلى حمص بعد القصير، لفتح الطريق إلى الساحل وخلق شريط تسكنه أغلبية علوية، متواصلة مع مناطق التركز الشيعي في هرمل لبنان، ومنها نشاط حزب العمال الكردستاني بمسمى أو آخر، في مناطق الشمال الشرقي الكردية، ومحاولته تأسيس إدارة مدنية، استنساخا لما حدث في كردستان العراق في تسعينات القرن الماضي، إبان الحظر الأمريكي وما سمّي بحرب تحرير الكويت، ومن ذلك أيضا بروز جبهة النصرة والتنظيمات الجهادية الأخرى كحضور يجد تجاوبا سنيا من جهة ويثير مخاوف العلويين والأكراد من جهة أخرى!
أعتقد أن عوامل كثيرة، تضعف مثل هذا الإحتمال، وإن كان مرجّحا أن هناك قوى استخبارية ودولية، تسعى سعيا حثيثا لدفع الأمور بهذا الاتجاه! أول هذه العوامل التي تبعد احتمال التقسيم، أنه حتى تتهيّأ الأرضية لإمكانيّة التقسيم، لا بد من سقوط دمشق في يد المعارضة، واضطرار النظام نفسه، للجوء إلى المعقل الّذي هيّأه كحاضن للدولة العلوية المفترضة، إلّا أن سقوط دمشق سيكون هزيمة مدوّية للنظام، بغضّ النظر عمّا سيتبعه من نتائج، من الناحية الأخرى فإن سقوط دمشق، يعني بالضرورة اتصالها بامتدادها الطبيعي إلى الجنوب، درعا وريفها، حاضنة الثورة ومنطلقها، وفي هذه الحالة كيف سيكون شكل التعامل مع النصرة والجهاديين، هل باعتبارهم شركاء في الحكم، أم سينفرد الجيش الحر بالقرار؟ أم سيخوض معركة ضد الجهاديين تبدأ ولا تنتهي، تاركا الدولة العلوية وحاكمها الأسد لتعيش في ثبات ونبات؟! الأمر الآخر الّذي ينقض مثل هذا الاحتمال، ان قيام دولة كردية تحت حكم حزب العمال سيكون مرفوضا من تركيا، والتي ستسعى لإسقاطه بلا تلكؤ، إضافة إلى أن قطاعا كبيرا من الجماهير الكردية، والذي اندمج في القتال ضد نظام الأسد، لن يقبل استبدال نطام حكم حزبي عانى منه طويلا، بنظام حكم شمولي جديد، لا يختلف كثيرا في أيدبولوجيته عن حزب البعث، لا بل إنه أكثر تطرفا وانقراضا من حزب البعث، الوعي الجماهيري يتكلم بضمير الحرية، وهذا ما لا يدركه حزب العمال كما لم يدركه حزب البعث من قبله! وهذا الوعي يدرك جيدا أن الأنظمة الحزبية تفرخ في ظلها التحيزات العائلية والعشائرية، كنتيجة حتمية، ولذا فلن يفلح الإغراء بالدولة القومية، في جذب الأكراد لمثل هذا الخيار، فلم تعد الدولة القومية بلا حرية وكرامة تساوي شيئا، بالنسبة لأي مواطن، في أي بقعة من بقاع الوطن العربي، وها نحن نرى، كيف جذب الإنقلاب العسكري في مصر الملايين إلى ساحات الاعتصام، ولا جدوى من التظاهر أو الإدعاء بأن كل هؤلاء هم من الإخوان المسلمين!
مطلب الحرّية هذا ستنتقل عدواه إلى الدولة العلوية المفترضة! فكيف يمكن ان يقبل العلويون بحكم يشار الأسد، الذي سيحكمهم باسم الطائفة، الأمر الذي لم يعد يشكل ذريعة كافية، لمصادرة الحريات والطغيان العائلي الذي لن يتغير، كونه جزءا لا يتجزأ من بنية النظام نفسه، الأسوأ من ذلك هو دخول حزب الله كشريك، وهو شريك للنطام وليس للقاعدة الشعبية، التي لا تربطها به أصلا سوى روابط عقائدية باهتة ستتلاشى مع تلاشي حكم آل الأسد الذين لم يبق منهم إلا بشار، وفي حالة رحيله، سيقفز حليفه إلى السلطة ليفرض حكمه على العلويين باسم المذهب أو المقاومة أو الممانعة، والتي لم تعد سوى شعارات وأدوات لإضفاء الشرعية على الاستبداد واحتكار السلطة، من إيران إلى سورية، مرورا بحزب الله!
هذه المخاوف والهواجس ستجد طريقها إلى أذهان الكثيرين، كما وجدت سبيلها إلى ذهن صلاح جديد القيادي العلوي الّذي قضى في سجون الأسد!
هناك حقيقة أخرى غابت في ظل ضجيج الحرب، وهي أن العلويين تربطهم وشائج مصاهرة وصداقة ومصالح ومنافع وعلاقات متشابكة، لا يمكن تفكيكها لا عمليا ولا وجدانيا، لا بإحراق السجلات المدنية ولا هدم الأحياء بالمدفعية ولا قصف المساجد، وأعتقد أنه في لحظة ما سينقلب الجميع على حكم الأسد وحلdفه حزب الله، ولن يمنحوه لا فرصة إنشاء دولة طائفية، ولا الدخول في المهمة المستحيلة وهي رسم حدود هذه الدولة، وبأي ثمن! أما حزب الله أو حسن نصر الله فسيجد من داخل طائفته من يأخذ على يده وينهي اختطافه لطائفة كاملة بصفته الزعيم الأوحد!