الرئيسة \  مشاركات  \  سورية والفرسان (الرؤساء) الثلاثة!

سورية والفرسان (الرؤساء) الثلاثة!

16.02.2015
الطاهر إبراهيم




المتأمل في ما آل إليه الوضع في سورية يجد أن كل الآمال التي عقد عليها الشعب السوري قد ذهبت أدراج الرياح. لكنك لن تجد من السوريين من يقول لك: ليت هذا الربيع لم يمر علينا في سورية، رغم كارثية ما آل إليه الوضع فيها. لأن أي سوري عاقل متبصر يعرف أنه لا بد وأن يأتي اليوم الذي يتخلص السوريون من حكم آل أسد ولو تأخر سنوات وعقود.
مع بداية حكم حافظ أسد حاولت بعض فئات في المجتمع السوري أن تسير مع حكمه، ورضوا بنصيب ولو صغير، ولم يتنبهوا إلى ما انطوى عليه الحكم من خطورة على نسيج المجتمع في سورية. وحدهم الإسلاميون تنبؤوا من البداية أن سورية مع حافظ أسد لابد وأن تصل في يوم من الأيام إلى ما وصلت إليه اليوم، فأعلنوا معارضتهم للحكم منذ أعلن الاستفتاء على الدستور عام 1972، فأودعوا في السجون والمعتقلات،وأعدم منهم ومن المعارضين الآخرين عشرات الآلاف في ثمانينيات القرن العشرين.
عندما بدأ الربيع السوري نهض كل السوريين يحيون مفاعيل هذا الربيع،فخرجوا في 15 آذار 2011 بشكل سلمي يطالبون بالحرية والعدالة والمساواة، ثم تحولوا وبعد ستة أشهر إلى ثورة مسلحة تقاوم بطش أجهزة بشار أسد الأمنية التي بدأت تفتك بالمتظاهرين السلميين.
في بداية المظاهرات السلمية،ثم في الثورة الشعبية، كان السوريون يأملون أن يقف العالم معهم كما وقف مع التونسيين والليبيين والمصريين واليمنيين، أو هكذا ظنوا أنهم وقفوا. وقد عشمتهم الدول الغربية أنها ستقف مع السوريين، وشكلت ماسمي دول أصدقاء سورية. وتبين للسوريين بعد ذلك، أنها تبيع السوريين الآمال، وأنه عندما حقت الحقيقة رفضت بريطانيا أن تشارك في ضربة يعد لها باراك أوباما في صيف عام 2013 ضد بشار أسد بعد أن تجاوز الخط الأحمر، باستعماله السلاح الكيماوي في غوطة دمشق، ثم ليعدِل بعد ذلك أوباما عن توجيه الضربة بعد أن باع دماء أطفال غوطة دمشق من روسيا التي ضمنت له نزع سلاح بشار الكيماوي.
رغم أن بشار استعمل كل ما في جعبته من سلاح ارتكب بها أبشع المجازر التي حصدت أكثر من ربع مليون سوري، فقد أدخل بعد ذلك سلاح البراميل العمياء رخيصة الثمن التي أنتجتها ترسانة السلاح الإيرانية. وقد استطاع بشار أن يصل بهذه البراميل إلى كل عمارة في سورية فيهدمها فوق رؤوس أهلها من نساء وأطفال. بذلك استطاع بشار أن يقف على قدميه مرة ثانية بعد أن حاصرته فصائل المعارضة في دائرة الأحياء القليلة في مدينة دمشق التي تتمركز فيها أجهزة بشار الأمنية.
ولأن هذا المقال لا يمكنه الإحاطة بكل ما أصاب السوريين من تقتيل وتعذيب وتهجير وإفقار  وتجويع، حتى أنهم أكلوا الحشائش والحيوانات الميتة، ومات أطفالهم من الجوع، فسأقصر حديثي على ما قام به رؤساء ثلاثة ساهموا أكثر من غيرهم في زيادة معاناة السوريين. و كان كل رئيس من هؤلاء قد ساهم بما يخصه ولا يقدر عليه غيره من رؤساء العالم.
فأما بشار أسد ففعل في السوريين -وهو المفترض أن يحميهم من عدوان الآخرين- ما لم يفعله حاكم في شعبه، بل في أعدائه. وحين عجزت أجهزته الأمنية وشبيحته ومن رضي أن ينخرط معه من الطائفة العلوية، فقد استعان بحزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني وميليشيا أبو الفضل العباس العراقية، وشيعة سورية، وهم أقلية. ومؤخرا استقدم بشار أسد ميليشيا أفغانية وباكستانية ويمنية وأفريقية سموا "الفواطم" نسبة إلى السيدة فاطمة رضي الله عنها وهي منهم براء ،فأوقعوا في الشعب السوري مقتلة لم يحصل مثلها في العالم من قبل.
وكان "فلادمير بوتين" ثاني الفرسان الذي كانت مهمته تقديم السلاح إلى بشار أسد، عدا أنه استخدم حق النقض "الفيتو" لمنع أي قرار يصدر عن مجلس الأمن، من شأنه تقييد أيدي بشار من الإيغال في دماء الشعب السوري،أومنع أي قرار لتقديم الإغاثة إلى الشعب السوري ويظن بوتين أن بشار سيخلد في حكم سورية، فيستوفي ما بذله في سورية.
أما ثالثة الأثافي الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فلم يكن أقل أذى من سابقيْه في حق السوريين ، وهو يزعم أنه مع شعب سورية. ولن أستفيض في ما سببه من أذى للسوريين، فقد أصبحت نكايته بهم مفضوحة. فلا يترك مجموعة من الفصائل السورية التي تقاتل عن الشعب السوري إلا ويضعها على قوائم الإرهاب. أما الفصائل الشيعية: لبنانية وعراقية وإيرانية، وقد اعترفت طهران صراحة بوجودها على الأرض السورية حين اعترفت بمقتل قادة إيرانيين في سورية، وكأن أوباما لم يرها ولم يسمع عما تفعله في سورية، حتى قال أحدهم إن أباه حسين أوباما هو شيعي من دولة كينيا.
وكان مثال هؤلاء الفرسان (الرؤساء)الثلاثة، بشار وبوتين وأوباما، كمثل رجل (بشار) يضع السكين على رقبة شخص آخر (سوري) وقد أعطاه إياها بوتين، بينما أمسك أوباما بالسوري ليمنعه من الدفاع عن نفسه.