الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سياسات أوباما الجديدة

سياسات أوباما الجديدة

03.11.2013
حازم مبيضين


الرأي الاردنية
السبت 2/11/2013
بات واضحاً أن ملابسات وتداعيات الأزمة السورية، وما حدث قبلها في تونس ومصر وليبيا واليمن، دفعت الإدارة الديمقراطية للتفكير بنهج جديد، للتعاطي مع قضايا المنطقة، يعتمد على درجة عالية من البراغماتية في اعتماد ثوابت محددة في شرق أوسط متقلب، وبحيث يتحقق هدف الرئيس الأميركي في تفادي الانزلاق إلى أحداث في الشرق الأوسط، تبتلع اهتمامات سياسته الخارجية، كما ابتلعت أجندة رؤساء أميركيين سابقين، لأنه لا يمكن لساكن البيت الابيض أن يستهلك 24 ساعة من الجهد يومياً في منطقة واحدة مهما كانت أهميتها، كما صرحت بذلك سوزان رايس مستشارة الأمن القومي، التي ترأست خلية من موظفي البيت الأبيض ووزارة الخارجية، ظلّت تعمل على مدى شهرين، لإنجاز رؤية سياسية جديدة، يعتمدها أوباما في ماتبقى من ولايته الثانية.
لسياسة أوباما الجديد أولويات مختلفة عن ولايته الأولى، وعن سياسات من سبقه من الرؤساء وهي ستركز جهودها على ثلاثة ملفات، هي عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث الهدف هو حماية مصالح الدولة العبرية، والملف النووي الإيراني مع ما يشتبك فيه من العلاقات مع العراق، بعلاقته الملتبسة مع واشنطن وطهران، والوساطة في سورية، وبحيث تأخذ دور الوسيط بين الأسد ومعارضيه، وليس الداعم لمطالبهم، في حين تُمارس دور المتفرج على ما يجري في العالم العربي، من حروب أهلية ونزاعات وثورات، في مصر وسواها من دول الربيع العربي، وهي تبحث عن أسس جديدة لاستخدامها القوة في المنطقة، تُركز على حماية الحلفاء، وضمان حركة ناقلات النفط، ومحاربة تنظيم القاعدة، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
إدارة أوباما قررت الجلوس في المقعد الخلفي، واعتمدت استراتيجية جديدة، تنأى عن نهج رؤساء سابقين قرروا خوض الحروب، دفاعاً عن ما قالوا إنه ضرورة نشر الديموقراطية وتفعيل أجندة الحرية، كما فعل جورج بوش في الحرب على العراق، وهي استراتيجية تحصر خيارات استخدام القوة بالرد على أي اعتداء ضد الولايات المتحدة أو حلفائها، وإحداث خلل في حركة ناقلات النفط، والرد على الشبكات الإرهابية أو أسلحة الدمار الشامل، ما يعني استبعاد أي تدخل عسكري في سوريا إن لم يكن للأحداث فيها تأثير على حلفاء واشنطن "المقصود إسرائيل"، والاكتفاء بدور الوسيط، مع التساؤل عن إمكانية أن يكون هذا الوسيط نزيهاً.
إدارة أوباما منذ تسلمه الرئاسة، وخصوصاً في ولايته الثانية، تسعى لمواجهة ما تعتبره تحديات أكبر، على المستويين الاقتصادي والعسكري في آسيا، ومنافسة العملاق الصيني، والانسحاب من نزاعات الشرق الأوسط، مع مقاربة متأنية خجولة تقودها وزارة الخارجية، فيما يخص عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، في حين يضع البيت الأبيض ثقله الأكبر في ملف إيران النووي، يعني ذلك أن التحولات في الملف المصري وما يشهده من تبدلات باتت خارج إطار الاهتمام، الذي كان واضحا وبارزا ويحتل الأولوية في الولاية الأولى، وهي تعتمد اليوم مع القاهرة لغة المصالح الأمنية والجيوسياسية في التعامل مع الواقع الجديد، مع تجنب حركة الشارع أو التحالف مع القيادة الجديدة.
كل ذلك يطرح سؤالاً عن إمكانية نجاح أوباما في التعاطي مع متغيرات الشرق الأوسط، وهل يترك الشرر المتطاير من أزمات المنطقة خارج حسابات حماية الحليف الإسرائيلي، الفرصة لسياساته الإنكفائية فرصة للنجاح؟ وهل ترضى أوروبا وهي بجوار هذه المنطقة الحيوية لأمنها واقتصادها بالدور الأميركي الجديد؟ لننتظر ونرى.