الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سيناريوهات بديلة لفشل مفاوضات جنيف السورية

سيناريوهات بديلة لفشل مفاوضات جنيف السورية

24.04.2016
د. محمد مصطفى علوش


الشرق القطرية
السبت 23-4-2016
يبدو أن الولايات المتحدة وصلت إلى قناعة أن مفاوضات جنيف 3 بين النظام السوري والمعارضة المتمثلة بالهيئة العليا لقوى المعارضة في طريقها إلى الفشل، وهو ما يعني عودة فتح جبهات القتال من جديد وبشكل أشد ضراوة مما سبق، وهو أمر مقلق للولايات المتحدة أكثر من الروس حاليًا، لأن العودة إلى الحلّ العسكري يعني فشل المخطط الأمريكي في محاربة تنظيم الدولة بأيدٍ سورية معارضة، وأن عملية الفكاك بين جبهة النصرة وباقي مكونات المعارضة المسلحة التي تخطط لها المخابرات الأمريكية منذ مدّة ستفشل بدورها.
تصريحات رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب في مؤتمره الصحفي أشار بشكل واضح إلى نية الهيئة إنهاء عملية التفاوض وليس تعليقها فقط، بحجة أن النظام يحاول كسب الوقت فقط للقضاء على الثورة تماما، لذلك كانت دعوته في ختام مؤتمره الصحفي قوى المعارضة إلى عدم التخلي عن سلاحها حتى تحقيق تطلعات الشعب السوري.
الخلاف البارز حاليا بين طرفي الأزمة يدور حول تفسير مقررات جنيف1 وجنيف2، والقرار الدولي ذات الصلة، والذي من بنوده تشكيل هيئة حكم انتقالي، إذ تصر قوى المعارضة على تفسيرها أنها هيئة حكم، لها كامل الصلاحيات مع عدم وجود دور للرئيس الأسد، في حين يحاول النظام السوري أن يفسرها بأنها تشكيل حكومة وطنية موسعة ذات صلاحيات تنفيذية، مستبعدًا بشكل مطلق الحديث عن أي تغيير بشأن دور الرئيس الأسد في السلطة.
القراءة الروسية المعتمدة رسميا تتماهى تماما مع رؤية النظام في تشكيل حكومة موسعة بصلاحيات تنفيذية بحيث تبقى للرئيس السوري السيطرة التامة على الجيش وقوى الأمن، وهي تراهن على اقتراب الموقف الأمريكي منها في مقاربة المسألة السورية وسبل حلّها، لاسيَّما وقد نجحت موسكو في دفع واشنطن إلى التراجع كثيرا في مواقفها المتصلبة تجاه التدخل الروسي من ناحية وتجاه النظام السوري من ناحية أخرى، بل إن الروس نجحوا في إرغام الأمريكيين على التنسيق معهم على الأرض السورية بعد طول تمنع، وضغطوا باتجاه منع توريد السلاح إلى قوى المعارضة في الوقت الذي لم ينقطع السلاح عن النظام.
يهدف السيناريو الروسي إلى إلزام الأمريكيين في نهاية المطاف إلى محاربة كل معارضة تحمل السلاح ضد الحلّ السياسي الذي ترتأيه موسكو لإنهاء الأزمة، وأن يصبح أي سلاح في سوريا موجها حصريًا لقتال التنظيمات المصنفة إرهابية، والتي يقصد منها في الحقيقة كل التنظيمات الفاعلة على الأرض والتي تحركها جميعها أدبيات إسلامية.
فما هي السيناريوهات المطروحة أمريكيًا لمنع العودة إلى العمل العسكري في حال فشلت المفاوضات؟ صحيفة العربي الجديد في عددها الصادر يوم الأربعاء الفائت نقلت عن مصادر في المعارضة السورية أن الفشل المتوقع لمحادثات جنيف أبرز سيناريوهات جديدة تم التباحث بين الولايات المتحدة وروسيا بشأنها منها الذهاب إلى مجلس الأمن لإصدار قرار تحت الفصل السابع ينص على تشكيل "مجلس انتقالي موسّع لا يضم شخصيات لا من المعارضة ولا من النظام تحت الفصل السابع، أو هيئة رئاسية موسّعة لا تستبعد رئيس النظام السوري بشار الأسد". وهي سيناريوهات لا تكاد تخرج في مطابقتها عن أحد هذه الاحتمالات: السيناريو الأفغاني، السيناريو العراقي، السيناريو اللبناني.. قد يكون أقصى طموح الأمريكيين تحقيق السيناريو اللبناني القائم على المحاصصة الطائفية. في الحقيقة استنساخ السيناريو اللبناني أمر صعب لأنه شديد الخصوصية. ففي لبنان المكونات الطائفية الأساسية متقاربة من حيث الحجم والتوزيع الجغرافي، ولعل السيناريو العراقي أو الأفغاني هو الأكثر توقعًا في الحالة السورية. إذ إنه من المؤكد أن الرئيس السوري لن يتمكن من استعادة السيطرة على كامل التراب السوري ما لم يكن هناك دعم حقيقي من الدول الإقليمية التي ترعى المعارضة لاسيَّما بعد تهميش متعمد أمريكيًا وروسيًا لكل من تركيا والسعودية من مفاوضات الحل النهائي مهما كان الدعم الأمريكي والروسي المقدم للرئيس السوري. كما أن قوات المعارضة لن تقبل بالحل الروسي القائم على دعم الأسد لإعادة السيطرة على البلاد مع تحقيق إصلاحات غير مضرة بهيكلية النظام. وما نرى من نتائج السيناريوهين العراقي والأفغاني، يمكن القول إنه لا حلّ قريبا في الأزمة السورية وأن الصراع باق حتى إشعار آخر.