الرئيسة \  واحة اللقاء  \  شاهد الزور على الاحتلال الإيراني لسوريا لم يعد معتمدا لدى إسرائيل

شاهد الزور على الاحتلال الإيراني لسوريا لم يعد معتمدا لدى إسرائيل

29.01.2015
د. يحيى العريضي



القدس العربي
الاربعاء 28-1-2015
" ما يجب أن تدركه إسرائيل هو أن كلفة المحافظة على الأمن الإقليمي أقل بكثير من كلفة انفلات الأمور من عقالها، وتطورها السلبي"، هذا تصريح سياسي جريء بليغ، ينذر ويتوعد إسرائيل بجدية ورزانة وقوة.
مُطلق التصريح: وزير إعلام نظام دمشق السيد عمران الزعبي؛ الذي قد يُقرّ ويعترف – هو ذاته- بأنه لا يمتلك هكذا بلاغة أو جرأة أو صلاحية كي يطلق تصريحاً خطيراً من هذا النوع.
لا بد أن هناك من عاد الى دفاتر حافظ الأسد لعام أربعة وسبعين من القرن الماضي، ونقل حرفيا أحد فقرات الشروط والضمانات تلك، ووضعها على لسان عمران، من دون خشية من انكشاف المستور؛ او أي قلق من أن يشير أحد للمرحوم بارتكاب الخيانة العظمى. تلك الدفاتر حَوَت ضمانات متبادلة لإسرائيل وللأسد أقرها كسنجر؛ ولا بد وضع من كلفة متبادلة لأي إخلال بها. وهذا التصريح هو نقل حرفي من تلك الشروط أو الضمانات أو التعهدات.
كان الوصف الذي اكتسبه حافــــظ الأســــد من الغـــرب وجهات أخرى أنه، يفي بتعهداته والتزاماته. وما كان الأسد الأب لينال وصفا رفيعا كهذا، لولا التزامه المطلق بأمان حدود إسرائيل كل هذا الوقت، وبالمقابل كان ثمن تلك "المهمة" او (الكلفة) ربع قرن من حكم سورية، وتوريث الحكم.
عندما أطلق رامي مخلوف عبارة تحمل المعنى ذاته: "أمن إسرائيل من أمن سوريا"، سارعت سلطة دمشق إلى نزع أي صفة رسمية عن ذلك التصريح، خشية من انكشاف دفاتر 1974. عندما زاد العيار الاسرائيلي بتنفيذ هجمات متكررة عبر الحدود، سبقت الاستهداف الأخير لموكب "ممانع مقاوم" في الجولان؛ صدر لغط كثير حول الإخلال باتفاقات فصل القوات لعام أربعة وسبعين… ولكن كل ذلك لم يحمل الصفة الرسمية، التصريح الأخير هذا، على لسان وزير الاعلام، هو الرسمي، وهو الوصول إلى الزاوية الحرجة.
هنا يبرز السؤال المهم: هل تتمكن سلطة دمشق؛ رغم المبالغات الإعلامية ورغم كشف المستور، عبر هذا التصريح الرسمي؛ ان تفعل شيئاً؟ وهل بمقدورها أن تنفّذ وعيدها وتهديدها؟ الجواب حتماً بالنفي. والمسألة هنا ليست لأنها ملتزمة باتفاقات؛ فهي بالزاوية ومضطرة وانكشفت، وعبّرت أنها بحل من تلك الاتفاقات، بسبب الطرف الآخر (اسرائيل). السبب هو انها لا تمتلك الصلاحية للقيام بأي شيء؛ وأن هناك يداً فوق يدها. سلطة دمشق الآن ليست أكثر من شاهد زور على احتلال إيران للمناطق التي تظهر بانها لا تزال تابعة لها.
أما السؤال الأهم والأخطر فهو: هل تتمكن اليد العليا في أمكنة وجود سلطة دمشق (إيران) ان تنسف ما تم الاتفاق عليه عام أربعة وسبعين؟ هل تتمكن من الرد على قتل إسرائيل لموكبها في الجولان؟ مرة أخرى، الجواب بالنفي. وسبب ذلك ان إيران التي تستبيح سورية عبر "نظام دمشق"، والتي أرادت ان ترسل رسالة للكيان الصهيوني بانها أضحت على حدود إسرائيل… رسالة يمكن ان تمر بها من دون مضاعفات؛ إيران ستفتح أبواب جهنم على نفسها؛ ليس فقط بنسفها محادثاتها مع الغرب بخصوص مشروعها النووي والعقوبات، بل ستنسف كل مشروعها التوسعي في المنطقة.
من هنا؛ على سلطة دمشق ان تعرف أنها لم تعد شريكا لإسرائيل، وما عادت قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه اتفاقات حمتها لعقود؛ وما عادت قادرة على أن تهدد وترعد وتبتز. حماية مؤخرتها العليا أضحت بيد اخرى.
وإن كان هناك من تعامل مع إسرائيل؛ فهناك من يقدم أوراق اعتماده للتعامل والاهتمام بهذه الحدود، من اجل الدعم في المشروع النووي. الأهم ان مَن تُقَدَّم إليه أوراق الاعتماد رفضها؛ وأرسل الرد صاروخاً قاتلاً لأبطال "المقاومة والممانعة" الإيرانيين على بطاح الجولان.
سلطة الاستبداد في دمشق ليست أكثر من شاهد زور على الاحتلال الإيراني لسورية عبر جنودها وحزب حسن وأبو فضل العباس الدباس. شاهد الزور هذا لم يعد معتمداً لدى إسرائيل، واليد العليا فوقــه (إيران) منافس قوي غير موثوق لسيد الأمس (إسرائيل). للأسف هناك من لا يزال يرغي ويردح برد حتمي على مجرم المنطقة الأساسي إسرائيل.
لابد لشاهد الزور هذا أن يزول، فيريح ويستريح؛ ويترك لأهل سوريا أن يحرروا بلدهم من ربقة الاحتلال الإيراني، ثم يلتفتوا إلى جولانهم ولو بعد عقود.. دوام الحال من المحال.
٭ كاتب سوري