الرئيسة \  واحة اللقاء  \  شفافية الانتخابات بسوريا

شفافية الانتخابات بسوريا

09.06.2014
صالح إبراهيم الطريقي


عكاظ
الاحد 8/6/2014
لا توجد انتخابات في دول العالم "المتخلف ثقافيا" بشفافية الانتخابات الأخيرة بسوريا الآن، إذ كان كل شيء يدار علنا، دون محاولة لتزييف المشهد ؟.
فمن جهة كانت المدن التي لا يسيطر عليها "النظام" وترفض التصويت، ترجم بالبراميل المتفجرة دون أن تستهدف فئة معينة فالجميع يستحقون الموت وإن كانوا أطفالا لا يسمح لهم نظام الانتخاب بالتصويت.
هذا الرجم لم يكن لقتل المعارضين وأطفالهم وأحفادهم فقط، بل هو أيضا رسالة لسكان المدن الأخرى، بأن عليهم الذهاب لانتخاب قائد "راجمي القنابل" حتى لا تتعرض مدنهم لنفس الحمم.
حتى الصور المبثوثة من سوريا كانت عالية الشفافية، "صورة لأشخاص يخرجون جثثا متنوعة الأعمار من تحت الأنقاض، وأخرى للرئيس وزوجته أمام صندوق يدليان بصوتيهما، أمام فئة تشعر بالطمأنينة"، لتوضح للشعب السوري أن الأمان مرتبط بالتصويت لقائد راجمات الموت.
من جهة أخرى تم دفع النازحين السوريين أو الهاربين من "الموت المجاني" في لبنان للتصويت "لقائد راجمي القنابل" بشفافية أو بغباء، فلم يتم خداع أحد وخرجت مظاهرة تحمل صوره لتصوت للزعيم، وفي الانتخابات الديموقراطية لا يتم التصويت بهذه الطريقة الفجة، إذ يبدأ التجمع أمام صناديق الاقتراع بالعشرات ثم المئات إلى أن يصبحوا آلافا بطريقة عفوية، عكس المظاهرات التي تحتاج لمن ينظمها ويدفعها للخروج بوقت واحد، وكان يمكن مشاهدة هذه المظاهرات في تركيا والأردن لو أن النظام يملك فيها ذراعا كما يملك في لبنان "حزب الله".
من جهة ثالثة لم يستدع النظام السوري هيئة حقوقية لمراقبة الانتخابات، حتى لا ينشغل في محاولة إقناع المراقبين بغض الطرف أو "يطعمهم لتستحي عيونهم"، بل أحضر أصدقاءه "روسيا وإيران" والدولة الحائزة على المركز الأول منذ عقود في قمع الحريات "كوريا الشمالية"..
ويبقى السؤال الحاد يفرض نفسه على الغالبية، مفاده: ما الذي يجعل أقلية تستبد وتطغى وتستعبد الغالبية العظمى؟.
باختصار وبنفس "شفافية انتخابات سوريا التي لم تزور"، هذا المشهد نتاج ثقافة يؤمن بها غالبية شعوب العالم "المتخلف ثقافيا" ، تقول: "من حق القوي / الكبير أن يفعل بالضعيف / الصغير ما يريد" ، وعلى الضعيف أن ينافق القوي بالبيت والمدرسة والعمل..
وإلى أن تكفر تلك الشعوب بهذا الظلم المنتج لهذا الواقع، ستستمر الانتخابات لديهم بنفس الطريقة، لكنها لن تكون بشفافية انتخاب "بشار" التصويت له أو الموت.