الرئيسة \  واحة اللقاء  \  شر البلية ما يضحك

شر البلية ما يضحك

20.03.2014
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الاربعاء 19/3/2014
"كالمستجير من الرمضاء بالنار".. إذْ أن من سخريات القدر في هذا الزمن الرديء أنْ يصل الإفلاس بالأمم المتحدة وأمينها العام بانكي مون حدَّ إرسال الأخضر الإبراهيمي إلى طهران للإستنجاد بالقيادة الإيرانية وعلى رأسها المرشد الأعلى خامنئي لتليين موقف الرئيس السوري بشار الأسد وإستدراجه للقبول بإستئناف مفاوضات جنيف على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118 الذي نص على ضرورة تشكيل هيئة "حكومة" إنتقالية كاملة الصلاحيات تشرف على كل الأوضاع في سوريا إلى حين إجراء إنتخابات تشريعية ورئاسية تضع البلاد على الطريق الديموقراطي والحريات العامة.
والواضح من خلال هذا التوجه ،المستغرب فعلاً، أنَّ الأمم المتحدة ، في ضوء هذا التقاعس الأميركي والتردد الأوروبي، قد وصل بها الإفلاس إلى حد الإستنجاد بالدولة التي تعتبر أن هذه الحرب المحتدمة في سوريا هي حربها والتي لها قوات تقدر بعشرات الألوف تقاتل ومنذ اليوم الأول لإنفجار هذه الأزمة إلى جانب بشار الأسد والمؤكد أن بانكي مون ومبعوثه إلى طهران الأخضر الإبراهيمي يعرفان أن إيران لا يمكن وعلى الإطلاق أن تكون وسيطاً اللهم إلاَّ إذا كان الأمين العام للأمم المتحدة يريد ترتيبات عسكرية وسياسية لإستسلام المعارضة السورية.. وهذا غير وارد على الإطلاق ولا يمكن أن يكون ولا يجوز التفكير فيه حتى مجرد التفكير.
كان الأميركيون ومعهم الأوروبيون قد حالوا دون حضور إيران مؤتمر جنيف الأول ومؤتمر جنيف الثاني والحجة أن طهران التي تعتبر طرفاً رئيسياً في القتال لا يمكن أن تكون وسيطاً.. والآن إذْ يرسل الأمين العام للأمم المتحدة مندوباً لإستجداء الوساطة الإيرانية فإن الإيرانيين سيجدون الفرصة سانحة لإملاء شروطهم التعجيزية على بانكي مون وليطالبوا بإعتبار المعارضة السورية المسلحة مجرد مجموعات إرهابية يجب تقديم مطلب القضاء عليها على أي مطلب آخر.
هناك كلام عن أنَّ الإيرانيين قد ردّوا على الإبراهيمي بالحديث عن مبادرة من أربع نقاط والواضح أن هذه النقاط الأربع غير بعيدة عمَّا بقي الروس يتحدثون به وهو أن المشكلة هي مشكلة الإرهاب وليس غير الإرهاب وهذه ، كما هو معروف، معزوفة قد بادر نظام بشار الأسد إلى السعي لتسويقها منذ البدايات عندما تم قمع المظاهرات السلمية واللجوء إلى العنف الأهوج والقوة العسكرية التي أُستخدمت خلال الأعوام الثلاثة الماضية بإفراط لا مثيل له وغير مسبوق حتى بالنسبة للمذابح الجماعية التي إرتكبها نظام بول بوت في سنوات سابقة من القرن الماضي.
إنه غير ممكن أنْ يتصور إنسان عاقل أن تتحول إيران من طرف أساسي ورئيسي في هذه الحرب الظالمة التي يشنها بشار الأسد على الشعب السوري إلى وسيط محايد وحقيقة أنَّ هذه الخطوة المثيرة للتساؤلات التي أقدم عليها الأمين العام للأمم المتحدة ليست معيبة وفقط بل أنها تدل على مدى الإستهتار بدماء مئات الألوف من السوريين.. فالمفترض أنْ يطالب بانكي مون الإيرانيين بسحب قواتهم من الأراضي السورية ووضع حدٍّ لتدخلهم الشائن في شؤون دولة عربية من المفترض أنها مستقلة وذات سيادة وذلك قبل أن يتحولوا إلى وسيط يسعى لإصلاح ذات البين بين نظام لم يترك ولا موبقة إلاَّ وارتكبها وبين شعب كل ذنبه أنه انتفض للمطالبة بالحرية والديموقراطية.
إنه غير مستبعد أن تقترح إيران رداً على مطلب الأمين العام للأمم المتحدة أن تتحول قوات حراس الثورة وفيلق القدس التي تقاتل على الأراضي السورية ومعها "داعش" و"الغبراء" وحزب الله وكل الشراذم الطائفية التي استُقدمت من العراق إلى قوات حفظ سلام وأن يعلن بانكي مون رسمياً أن المعارضة المسلحة في سوريا مجموعات إرهابية وأنَّ الإنتصار على هذه المجموعات سيكون بالتجديد لبشار الأسد رئيساً لسوريا لأربعة عقود مقبلة.. إنها مهزلة وأنه لابد من وضع حدٍّ لكل هذا التلاعب المعيب بدماء الأبرياء من السوريين من أطفال ونساءٍ ومن رجال ثاروا على ظلم أهوج بقي مستمراً في بلادهم لأكثر من نصف قرن.