الرئيسة \  واحة اللقاء  \  فشل إستراتيجية أوباما في سوريا والعراق

فشل إستراتيجية أوباما في سوريا والعراق

14.07.2015
عبد العزيز الكحلوت



الشرق القطرية
الاثنين 13/7/2015
بعد مرور أكثر من عام على ظهور داعش ورغم الحلف الستيني الذي التأم ضدها ورغم الضربات الجوية المتوالية فإن داعش مازالت على قيد الحياة في العراق وسوريا ولا تنكمش في مساحة حتى تتمدد في مساحات أخرى وبينما ينشغل العالم بضرورة تسمية داعش بداعش ويرفض إطلاق اسم الدولة الإسلامية عليها لأن ذلك يسيء إلى الإسلام ويمنح تنظيما إرهابيا صفة شرعية أو اسما ذا بال لا يستحقه، تمضي داعش في أعمالها الإرهابية وتفجيراتها وإساءتها للتراث الإنساني وتهدد وتتوعد من يصر على تسميتها بغير الاسم الذي تحبه ولا تزال تسيطر على مساحات مهمة من العراق وسوريا بل ويتعدى إرهابها حدود سوريا والعراق إلى الخارج.
والسؤال المهم هو: لماذا لم يقض على داعش حتى الآن ولم تستأصل شأفتها لا في سوريا ولا في العراق؟
يرجع الفشل في القضاء على داعش في سوريا إلى غياب إستراتيجية واضحة للولايات المتحدة فلا أحد يعلم على سبيل اليقين ماذا تريد فالإستراتيجية الأمريكية في سورية تتسم بالتخبط، وتنتقل من إخفاق إلى آخر، فمرة تعطي الأولوية لإسقاط النظام بالقوة وعلى رأسه بشار الأسد ثم تنقلب وتعطي الأولوية لمحاربة داعش باعتبارها الخطر الأشد وفي الفترة الأخيرة وهنت عزيمة أمريكا وأضحى الحل السياسي مطروحا كمخرج للأزمة السورية ونظرا لهذا التخبط وهذا التردد فقد انعدمت الثقة بين الولايات المتحدة والجيش الحر كما كانت انعدمت بينها وبين الصحوات في العراق ورغم إعلانها عن نيتها في تدريب المعارضة السورية المعتدلة إلا أنها وبعد جهد جهيد لم تدرب سوى ستين مقاتلا من بين سبعة آلاف تقدموا لهذا الغرض وهو ما حمل وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر على القول بأن برنامج تدريب مقاتلي المعارضة السورية "المعتدلة" قد انطلق ببطء شديد بما يعكس تراخي الإرادة الأمريكية في حسم الصراع الدائر في سورية وبما يعني في نهاية المطاف خللا في الإستراتيجية الأمريكية في سورية أكده دعم وتدريب الإدارة الأمريكية للأكراد الذين تمكنوا من إنجاز انتصارات على داعش في الشمال الشرقي لسوريا ودخول تل أبيض وهي مدينة تكاد تكون متصلة مع إقليم كردستان العراق بما يعني إقامة دولة كردية مستقلة تشكل خطرا على وحدة إيران وتركيا وسوريا والعراق وتشكل نسفا لتفاهمات ما بعد الحرب العالمية الأولى مع تركيا وهو أمر قد يقلب التحالفات في المنطقة ويزيدها تعقيدا ويدخل المنطقة في صراع جديد عوضا عن أن يحل الصراع القائم ونظرا لهذا التخبط فإن داعش بما لديها من إمكانات تبقى تتمدد وتشكل خطرا ماثلا يستحق إستراتيجية أمضى تتجاوز هذا التردد.
أما في العراق فكثير من المحللين أرجعوا الفشل في القضاء على داعش إلى اعتقاد الرئيس أوباما بأن في مقدور إيران ووكلائها في منطقة الشرق الأوسط إنجاز الأمن والسلام فيه وأن في مقدور هؤلاء وحدهم محاربة داعش ولذلك مكنت القوات الأمريكية الحشد الشعبي وهو أحد وكلاء إيران في العراق من تقاسم قاعدة جوية معها ويعتقد أوباما أن الحشد الشعبي هو الخيار الوحيد المتاح لمحاربة داعش ويغض الطرف في الوقت نفسه عن كون إيران ذات مشروع توسعي عدواني يفخر بتمدده في أربع دول عربية وأنها قد تستخدم وكلاءها لأغراضها الخاصة وهو أمر يرتب بالضرورة أخطارا على المنطقة وقد رأينا في الأسبوع الأخير كيف تمخض التنسيق بين إيران ووكلائها عن تعميم لتجربة البراميل المتفجرة والتي جرى تجريبها في ملعب كبير تواجد به تجمعا للشباب كانوا يلعبون إحدى اللعبات الرمضانية في وسط الرمادي في محافظة الأنبار وأسفر القصف عن استشهاد 25 وإصابة 30 آخرين كما شاهدنا قصف الحشد الشعبي للفلوجة بمدافع الميدان إعمالا لسياسة الأرض المحروقة بزعم سرعة الحسم والتحرير وهو ما أوقع الخسائر الكبيرة في أرواح الأبرياء المدنيين في الأنبار والفلوجة وأدى إلى تنديد محافظ الأنبار صهيب الرواي، بما تتعرض له الصقلاوية والفلوجة وباقي مدن الأنبار من قصف عشوائي ورفضه بشدة سياسة الأرض المحروقة والقصف العشوائي التي تطال المدنيين الأبرياء في الأنبار، مشيراً إلى أن ما تتعرض له الصقلاوية والفلوجة هو كارثة إنسانية تطال من أجبرتهم الظروف القاهرة على البقاء في الأنبار. ودعا إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في دعم جهود تحرير المحافظات المحتلة وإغاثة النازحين ومن تعذر عليهم النزوح من مدنهم. وقد علق أمير باصيري وهو ناشط حقوقي إيراني على سياسة الولايات المتحدة في العراق وتسليمها الجمل بما حمل لإيران ووكلائها في المنطقة بقوله "إن مواءمة الإدارة الأمريكية مع قوى متورطة في جرائم ضد الإنسانية وعمليات تعذيب وقتل للمدنيين الأبرياء هو عمل لا أخلاقي بغض النظر عن المكاسب قصيرة الأجل التي قد تسفر عن هذا الخيار حيث أكدت تقارير المنظمات الدولية بما في ذلك منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة أن هذه القوى كانت مسؤولة عن عمليات اختطاف وقتل وحشية للعراقيين السنة، وهناك أدلة عن قيام الميليشيات الموالية لإيران بأعمال نهب وحرق للمدن السنية بعد استعادتها من جماعة داعش " ويدرك مسؤولون أمريكيون أن سياسة الأرض المحروقة والبراميل المتفجرة والاختطاف والقتل للعراقيين السنة ستجبرهم على الاختيار بين داعش وبين غيرها وأنهم قد يضطرون إلى الالتحاق بداعش للانتقام كما ينبهون إلى أن المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني قد وصلت إلى مرحلة حاسمة وأن إيران إذا فشلت هذه المفاوضات قد تسعى إلى توسيع نفوذها وتحقيق أحلامها القديمة باحتلال العراق وتوسيع الحدود الغربية لإيران وأنها لن تتردد في الطلب من الجماعات الموالية لها بالبدء في مهاجمة المئات من الضباط الأمريكيين في العراق الموجودين وسط الميليشيات لأنه من السهل وقوع إيران في إغراء استغلالهم إذا كانت المحادثات لا تروق لها. والخلاصة فإن الخبراء الأمريكان يقولون بأنه لا يمكن أن يعالج الشر بالشر وأن الحل الوحيد إنما يكمن في إخراج إيران من العراق وانجاز توافق بين مكونات الشعب العراقي وإقامة حكومة توافقية حقيقية يكون للسنة فيها دور حقيقي كغيرهم تتعهد الولايات المتحدة بمدها بكل أسباب القوة لمحاربة داعش وإيران كليهما فهل يـلقي باراك أوباما سمعه لهؤلاء الخبراء أم يمضي قدما في سياساته الفاشلة