الرئيسة \  واحة اللقاء  \  فشل دولة المركز.. ونظام الأقاليم كبديل

فشل دولة المركز.. ونظام الأقاليم كبديل

20.03.2014
يوسف الكويليت


الرياض
الاربعاء 19/3/2014
    بغداد، دمشق، بيروت، كانت مثلث الأزمات منذ عقود طويلة، والغرابة أنها كانت المزدهرة قبل أن يحل صاحب الثكنة بديلاً عن رئيس الدولة والبرلمان المنتخبين شعبياً، فكان اقتصاد العراق يتفوق على دول أوروبية زراعياً وتجارياً، وكذلك سورية التي ظلت مركز الثقل في الشام كله في الصناعات الحديثة في الزراعة والنسيج والجلديات، وصاحبة السبق في اقتصاد السوق..
أما لبنان فهي مركز الاشعاع الثقافي، والسياحي، والمجتمع الذي آوى جميع من أخرجتهم سلطاتهم بسبب مواقفهم السياسية، أو الثقافية، غير أن الدورات الحادة التي عصفت بهذه الأقطار حولتها إلى بؤر الصدام العسكري مع المدني، ثم الطائفي فقامت الحرب الأهلية اللبنانية التي كانت ملتقى الصراعات العربية - العربية، والأجنبية - العربية، فدمر كل شيء بنته ما بعد مرحلة الاستعمار، والسبب أن ساسة لبنان في تلكم المراحل، زايدوا على بلدهم بالانتماءات للخارج واعتقدوا أن حلقات التآمر التي تنطلق منه، وتوسع دوائر الاستخبارات الأجنبية التي خططت لأن يكون مركز الحركة لها، يخدم الشرق والغرب ولبنان معاً، لكن عائد اللعبة الخطرة تسبب في إشعال الحرب الأهلية التي لم يتعاف منها حتى اليوم..
صدام حسين عاش عقلية الأمبراطور الثوري، وهي الأزمنة التي بدأ انحسار مد اليسار يتقلص بنهاية غير سعيدة للاتحاد السوفيتي، ولأنه ضحية خدعة الشرق أولاً في بناء دولة الكفاءة العسكرية والتنظيم الحزبي الذي يدين للسلطة ويحميها، فقد استطاع بالقبضة الحديدية أن يؤمن استقرار العراق، ولكن بحمامات الدم، ولم يكن مفاجئاً أن يدفع العراق إلى حرب مجنونة مع إيران والتي كلفته فقدان العراق لولا لعبة المعادلات والمخاوف من نظام الخميني الراديكالي الذي بدأ صداماً حاداً مع الغرب، ثم يعلن استسلامه وإقرار الهزيمة من الجيش العراقي، وجاءت الخدعة الأخرى بأن ينقل صدام المعركة للكويت والتي كانت بداية نهايته قبل أن تختم أمريكا السيناريو الطويل باحتلال العراق، ووضعه في دوائر الانقسامات وما يشبه الحروب الأهلية، وتسليمه لايران لخلق هلالها الشيعي..
أما سورية فهي تستنسخ تجربة لبنان في حربه الأهلية، فأوهام الأسد أنه سيعيد الحلقات المتقطعة بدولة سورية متكاملة يكون سيدها وحاكمها، أمر يستبعده أقرب المتفائلين حوله، لأن الأطراف المتحاربة، سواء من قام بإشعال الاحتجاجات السلمية، أو ما ولدته الحرب من صعود تنظيمات جديدة إرهابية، تجعل سورية على خط نار قد تطول لسنوات طويلة، مما يصعب أن تحسم الحرب لصالح السلطة أو من يعادونها، وقد اختلطت بنفس الحالة اللبنانية حروب الجميع ضد بعضهم وخروج الصراع إلى مساحات الدول الكبرى والتي تجد في الحالة السورية اختبارات جديدة للقوة وللاستنزاف معاً، والقلق يمتد للأقطار الثلاثة، بأنها ستصبح ميدان عدم الاستقرار، ليس بسبب الرابط الجغرافي الحرج والمتأزم، وإنما بحروب الطوائف التي تتناقض وتتقاتل باسم الحق القانوني والحق الإلهي..
اليمن، ورغم كل نكساته خرج بحل صعب، ولكنه الطريق لجعل اليمن لا تحكمه دولة مركزية، وإنما جاء نظام الأقاليم ليفك عقدة القبيلة والطائفة، بحيث تصبح السلطة الاقليمية هي من يخطط وينفذ التنمية الكاملة بسنّ قوانين تدفع بهذه الأقاليم للمنافسة بدلاً من التقاطع وبما أن التجربة وليدة، فإن نجاحها سيكون عائده على اليمن مهماً وأساسياً، وبالتالي، فسورية ولبنان والعراق، هم من يستطيعون بحكم الأوضاع المتشابهة مع اليمن التخطيط لدولة مماثلة مركزية في السياسة الخارجية وسنّ قوانين الأقاليم، وترك الحرية الكاملة للنظام الاتحادي أن يكون البديل عن الأنظمة السابقة للخروج بحل ربما يحل عقد الانقسامات القادمة..