الرئيسة \  واحة اللقاء  \  فصائل المعارضة السورية تواصل مناوراتها في مواجهة قوات النظام… ودور "تحرير الشام" غائب

فصائل المعارضة السورية تواصل مناوراتها في مواجهة قوات النظام… ودور "تحرير الشام" غائب

05.01.2020
هبة محمد



القدس العربي
السبت 4/1/2020
دمشق – "القدس العربي" : تستغل فصائل المعارضة السوريّة المسلحة ما لديها من خيارات وبدائل تكتيكية مرتبطة بالمناورة، للحفاظ على ما بقي لها من مناطق نفوذ شمال غربي سوريا، وللحيلولة دون المزيد من الخسائر والانحسار، رغم تحشيد النظام السوري المتواصل لقواته على جبهات إدلب الجنوبية والشرقية وريف حلب، وسط غياب الدور الحقيقي والفاعل لـ"هيئة تحرير الشام" التي تفرض سيطرتها على مساحات واسعة شمال غربي سوريا.
حشود عسكرية لقوات الأسد تصل إلى جبهات حلب وإدلب
وبينما تشهد محاور التماس في ريف إدلب الجنوبي والشرقي مواجهات عنيفة بين فصائل المعارضة من جهة، وقوات النظام السوري وميليشياته من جهة أخرى، وفق المعرفات الرسمية للجيش الوطني التي أكدت ان مقاتليها شنوا غارات نوعية على مواقع قوات النظام في جرجرناز بريف ادلب الشرقي، ومحور تل الملك في جبل الأكراد في ريف اللاذقية، بدأت طلائع تعزيزات عسكرية للأخيرة بالوصول تدريجياً إلى مدينة حلب، منذ يوم أمس، وذلك وفقاً لوسائل إعلام روسية، حيث أكدت أن آليات تحمل معدات عسكرية وجنوداً من مرتبات "الفرقة الرابعة" دخلت مدينة حلب، عبر أرتال من الآليات والمدرعات وحاملات الجنود، بهدف تعزيز وجود الوحدات المقاتلة على جبهة ريف حلب الغربية والجنوبية الغربية.
وأكد المصدر أن قيادات عسكرية وصلت إلى جبهات حلب بهدف الاطلاع على الواقع العسكري، ودراسة إمكانية شن عمل عسكري واسع للسيطرة على الجبهة الغربية والجنوبية الغربية، وذلك استكمالاً لعمليات النظام في ريف إدلب الجنوبي بهدف فتح طريق حلب – دمشق.
المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد بدوره وصول حشود عسكرية لقوات النظام على محاور ريفي حلب وإدلب، حيث قال إن أرتال القوات الخاصة التابعة للنظام انطلقت من محاور ريف حماة الشمالي واللاذقية خلال الأيام الفائتة واتجهت نحو إدلب وحلب، على صعيد آخر. في غضون ذلك، تشهد محاور التماس في القصابية والكركات في ريف إدلب الجنوبي، والتح وجرجناز بريف إدلب الجنوبي الشرقي، عمليات استهداف متبادلة بالقذائف والرشاشات الثقيلة، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل ومجموعات جهادية من طرف آخر، وسط تجدد القصف الجوي على منطقة خفض التصعيد، وعشرات الغارات التي شنتها طائرات حربية روسية استهدفت خلالها محيط مرعند بريف جسر الشغور الغربي، وأماكن أخرى في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي.
وعلى الرغم مما تشهده المنطقة من تسخين للجبهات، ومؤشرات على عمليات عسكرية قد تكون واسعة، إلا أن "هيئة تحرير الشام" لم تزجّ بثقلها العسكري مقارنة مع مقدّراتها التي تمتلكها مع إلحاح فصائل المعارضة السورية على ذلك، وفي هذا الاطار يقول عبيدة فارس رئيس وحدة الدراسات لدى مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، انه ومنذ إطلاق النظام السوري وحلفائه الحملة العسكرية الثالثة على إدلب مطلع أيار/ مايو 2019، وحتى الحملة العسكرية الرابعة منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، كان هناك غياب واضح لدور حقيقي فاعل لهيئة تحرير الشام في العمليات القتالية، إذ أنها لم تزجّ بثقلها العسكري مقارنة مع مقدّراتها التي تمتلكها رغم مطالب فصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية لها بإعادة السلاح الثقيل إلى التشكيلات التي تمت مصادرته منها على أقل تقدير، باعتبار أنّ السلاح الثقيل يعطي للمعركة توازناً ينقل العدو من الهجوم إلى الدفاع.
كما اكتفت "تحرير الشام" بالاعتماد على المجموعات العسكرية التابعة لها من أبناء مناطق العمليات العسكرية للتقدّم نحو الخطوط الأمامية بدعوى أنّهم الأقدر على المواجهة، من دون تزويدهم بالمقدّرات اللازمة، واستخدمت "هيئة تحرير الشام" العربات المفخّخة بشكل غير مجدٍ، كوسيلة للحفاظ على تماسك حاضنتها العسكرية والرأي العام الموالي لها، وبما يوصل رسالةً مفادها أنّها ما تزال حاضرة في ميدان المواجهة في إطار الصورة التقليدية للعمليات الجهادية.
وأوضح فارس لـ "القدس العربي"، ان هيئة تحرير الشام وضعت شروطاً صارمة أمام الجيش الوطني السوري للمشاركة في صدّ الحملات العسكرية، رغم جولات التفاوض التي توسّطت فيها الجبهة الوطنية للتحرير، حيث تم إرسال المقاتلين بدون قياداتهم مع الاكتفاء بالأسلحة المتوسّطة فما دون، ما قوّض من فاعلية وجدوى مشاركة الجيش الوطني، كما منعت "هيئة تحرير الشام" التنظيمات الجهادية أمثال حرّاس الدين وأنصار التوحيد، من شنّ عمليات عسكرية خارج إطار غرفة العمليات المركزية، وقد تكون هذه الخطوة صحيحة في حال كان سياق التعاون والتنسيق داخل مكوّنات وعمل هذه الأخيرة حقيقياً وفاعلاً وليس مجرّد وسيلة اتّخذتها الهيئة للـتأكيد على حـضورها.
وتحدث مدير وحدة الدراسات لدى مركز جسور للأبحاث عن الكلمة التي ألقاها أبو محمد الجولاني زعيم "هيئة تحرير الشام"، والتي علّق فيها على الحملة العسكرية التي يشنّها النظام السوري على إدلب، حيث "اكتفى بتحليل الواقع السياسي دون العسكري، متغاضياً أيضاً عن التحوّلات الحاسمة في الميدان وعمّا يجدر القيام به لصدّ ومواجهة النظام السوري وحلفائه، معتبراً، أنّ النظام السوري بشكله السابق ذهب دون رجعة، وأنّ السنوات السابقة فكّكت جيشه وأظهرت ضعف قواه الأمنية، وأنّ الحرب باتت حالياً في إطار التحرير والاستقلال من روسيا وإيران ذات الطموح التوسّعي القومي، وأنّ كلا الدولتين عاجزتان عن إخضاع الثورة سياسياً أو أمنيّاً". لافتاً إلى أن خطاب الجولاني – الذي لم يقدّم فيه أيّ جديد – يعزز السلوك البراغماتي الذي تعاملت به هيئة تحرير الشام مع العمليات القتالية، على نحو يضمن لها استمرار بقائها وسيطرتها أمام بقيّة الفاعلين المحليين من فصائل مسلّحة وتنظيمات جهادية، ولا يؤلّب عليها حاضنتها العسكرية، مع الحفاظ نسبيّاً على وتيرة خطابها الإعلامي.