صحيفة إسرائيلية: تنازل الحكومة و”جوقة المتقاعدين”.. ضرورة أمنية أم رعب من “حزب الله”؟

بقلم: إسرائيل هرئيل
هآرتس 7/10/2022
القدس العربي
السبت 8/10/2022
في الأيام الأخيرة، انضم رجال أمن كبار متقاعدون إلى النقاش العام “المهني”، على خلفية التنازل عن مساحات بحرية فيها خزانات غاز. القاسم المشترك بين هؤلاء هو أن كونهم المصممين والمهيمنين على السياسة الأمنية لإسرائيل في عشرات السنين الأخيرة. اثنان من النجاحات المثيرة للانطباع سجلت باسمهما: 1- قيادة الاقتلاع من “غوش قطيف” الذي قامت في أعقابه دولة حماس في قطاع غزة التي أطلقت منذ ذلك الحين نحو 150 ألف صاروخ، فزرعت القتل والدمار وشلت الدولة بين حين وآخر. 2- عدم منع تزود “حزب الله” بنحو 200 ألف صاروخ، من بينها 3 آلاف من الصواريخ الدقيقة التي يمكنها المس -حسب اختياره- بأهداف مدنية ومطار بن غوريون والموانئ وديمونا وكل قواعد سلاح الجو.
هذه الاستراتيجية الناجحة تبرر -حسب رأيهم- مشاركتهم في مسيرة الحماقة الحالية، التي أغلقوا فيها الاتفاق مع حسن نصر الله (ألم يشاهدوا بأن حكومة لبنان هي الرسول الذي ينقل المسودات بين حسن نصر الله ويئير لبيد؟).
في بداية تموز، حذر حسن نصر الله إسرائيل من عدم استخراج الغاز من حقل كاريش قبل التوصل إلى اتفاق مع لبنان (سيكون هو الذي يجمع عُشر أو عُشرين منه التي سيمول بها آلة حربه ضد إسرائيل). “جميع حقول الغاز والنفط الإسرائيلية في مرمى حزب الله”، هدد. “لا هدف في البحر أو في اليابسة إلا وتطاله صواريخ لحزب الله الدقيقة”.
قالت الحكومة وجوقة الضباط المتقاعدين بأنه يتبجح ويبحث عن نصر. ودليل ذلك أن قام حسن نصر الله بإطلاق طائرات مسيرة نحو طوافة كاريش. هي طائرات تم إسقاطها، لكن استنتاج حسن نصر الله كان قاطعاً: “الطائرات قامت بالمهمة، وقد تم إرسال الرسالة المطلوبة إلى إسرائيل”. تم نقل الرسالة وكانت حاسمة. يمكن الاستماع إلى مشاهدي رئيس “حزب الله” بعد أن خضعت إسرائيل لإملاءاته.
لكن إنكار المتقاعدين السابقين يبهت إزاء رأي الجيش الإسرائيلي (الذي تسرب إلى غاي بيلغ في القناة 12)، الذي تم وضعه أمس على طاولة الكابنت. هذا الرأي يكشف الوعي السائد في الجيش. من يعتقد أن مقولة إن الجيش الإسرائيلي قد خاف من “حزب الله” هي نتيجة ذعر كاتب مقالات “يميني”، مطلوب منه قراءة مقطع رئيسي في رأي الجيش الإسرائيلي الذي يحث فيه الكابينت بهذه الصيغة: “هناك ضرورة أمنية وسياسية ملحة للتوصل إلى اتفاق في أسرع وقت وبدون تأخير لمنع تصعيد أمني متوقع باحتمالية كبيرة”.
منذ متى يقرر الجيش الإسرائيلي للحكومة ما هي “الضرورة الأمنية”؟، وإذا كان حسن نصر الله “يتبجح” فقط، فمن أين تنبع الضرورة لـ “منع تصعيد أمني متوقع وباحتمالية عالية”؟ مع من يتوقع حدوث “تصعيد أمني باحتمالية عالية”، مع الجيش اللبناني؟
هل أصبتم بالقشعريرة، أيها الأصدقاء؟ حسن نصر الله وإيران أو أي عدو (وأي صديق أيضاً) يعرفون جيداً دافع الحكومة الانتقالية لتغيير الموقف المتسرع والمتطرف، الحكومة التي تحظى، إلى جانب الشرعية من الجيش الإسرائيلي، بشرعية النظام القانوني المنحرف.
الوثيقة التي توصي الحكومة فيها بتبني إملاءات نصر الله “من أجل منع تصعيد أمني باحتمالية عالية” إنما صيغت بناء على رأي افيف كوخافي وهرتسي هليفي واهارون حليوة وأصدقاءهم في هيئة الأركان. ويل لنا أن وصلنا إلى هذا الحد.