الرئيسة \  واحة اللقاء  \  صدور قرار مجلس الأمن من دون "فيتو" روسي أهو بداية تفاهم على حلّ في سوريا؟

صدور قرار مجلس الأمن من دون "فيتو" روسي أهو بداية تفاهم على حلّ في سوريا؟

26.02.2014
اميل خوري


النهار
الثلاثاء 25/2/2014
لماذا لم تستخدم روسيا "الفيتو" هذه المرة في مجلس الأمن الدولي لتحول دون صدور القرار المتعلق بدعم وصول المساعدات الانسانية إلى سوريا ووقف حرب البراميل المتفجرة التي تستهدف المدنيين؟
في المعلومات ان اميركا كانت قد ابلغت روسيا انها ستزود المعارضة السورية المعتدلة أسلحة متطورة بينها صواريخ مضادة للطائرات اذا لم تتوقف حرب البراميل المتفجرة، فوعدت روسيا بالعمل على وقف هذه الحرب مع إبداء خشيتها من وقوع هذه الصواريخ في أيدي المعارضة المتطرفة، وقد انتهى الأمر باتفاق على ان يصدر قرار عن مجلس الامن لهذه الغاية بعدما طلبت روسيا عدم إدراجه تحت الفصل السابع إذا لم يلتزم تنفيذه أي طرف سوري، والاكتفاء بعبارة "اتخاذ خطوات إضافية في حال عدم الالتزام بما ورد فيه". وفي المعلومات أيضاً انه لم يتم التوصل بعد الى اتفاق اميركي – روسي على شكل حل الأزمة السورية بحيث ينعكس ذلك إيجاباً على المحادثات في جنيف بين وفد النظام ووفد المعارضة إذ ما زال الحكم البديل من الرئيس بشار الأسد موضوع خلاف كي يتم التوصل الى تشكيل الحكومة الانتقالية التي تعود إليها الصلاحيات كاملة، وماذا يكون مصير الأسد بعد ذلك، هل يتخلى عن الحكم أم يستمر وإن من دون صلاحيات حتى انتهاء ولايته لحفظ ماء الوجه، أو أن يترك له حرية القرار؟
وبما أن أميركا وروسيا لم تتوصلا بعد الى اتفاق على تشكيل الحكومة الانتقالية وتحديد القوى التي ستتمثل فيها، سواء من المعارضة أو من الموالاة، فإن الوضع في سوريا يستمر على ما هو وتحاول روسيا خلال ذلك ممارسة سياسة كسب الوقت لتسجيل انتصارات على الارض تجعل حل الازمة السورية يتخذ منحى آخر، كما تجعل الموالين للنظام يطالبون بالاتفاق على مكافحة الارهاب أولاً ومن ثم الاتفاق على المرحلة الانتقالية.
لكن المعارضة السورية تتساءل: كيف يمكن محاربة الارهاب قبل ان يقوم في سوريا حكم قادر على ذلك ويمثل القوى السياسية الأساسية في البلاد، إلا إذا كان النظام يعتبر أن كل المعارضة في سوريا هي إرهابية ويجب ضربها؟ لذلك يستمر الخلاف بين وفدي النظام والمعارضة حول حل الازمة لأنه مستمر أيضاً بين أميركا وروسيا، وقد تكون الأزمة السياسية التي انفجرت في أوكرانيا من أسباب تفاقم هذا الخلاف، عدا التقارب الذي لم يتحقق بعد بين السعودية وإيران لأن هذا التقارب يشكل عاملاً مهماً في التوصل إلى حل كامل للأزمة السورية ينعكس إيجاباً على الوضع في دول الجوار ولا سيما في لبنان.
الواقع أن ما من حل لأي أزمة مستعصية إلا بعد تفاهم الدول المعنية. فالحرب الداخلية في لبنان لم تتوقف إلا بعدما صار اتفاق عربي ودولي على وقفها بالتوصل الى اتفاق عُرف باتفاق الطائف، ولم يكن للمدعوين إلى الطائف سوى الموافقة عليه بعد تعديل المسموح بتعديله فقط، وهو ما ينبغي التوصل إليه لحل الأزمة السورية، أي حصول تفاهم بين الدول المعنية لكي يسري ذلك على المعارضة والموالاة في سوريا.
والسؤال المطروح هو: هل بات التفاهم بين اميركا وروسيا قريبا وكذلك بين السعودية وإيران لكي يرى حل الأزمة السورية النور؟
بعض المراقبين يرى ان صدور القرار الاخير عن مجلس الامن حول الأزمة السورية من دون استخدام "الفيتو" الروسي يشير الى ان السعي جدي لإنهاء الازمة لأن الاوضاع الانسانية المتردية أخذت تشكل عاملاً ضاغطاً للتعجيل في الحل، وان استمرار هذه الاوضاع لن تكون لمصلحة الموالاة والمعارضة السورية إنما لمصلحة الاسلاميين الاصوليين والجهاديين بحيث يصبح من الصعب على أي حكم يقوم في سوريا مواجهتهم والتغلب عليهم.
لذا ينبغي الآن انتظار مدى الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الامن الذي يعالج الوضع الانساني الكارثي في سوريا والوضع العسكري الذي بات يستهدف المدنيين اكثر من المقاتلين كي يكون لأميركا وروسيا في ضوء ذلك موقف مشترك يجعل اللجوء الى الفصل السابع أمراً لا مفر منه لوقف القتال في سوريا وفرض حل على كل الاطراف قبل أن تصبح السيطرة للتنظيمات الارهابية وبالتالي محاولة ضربها اكثر صعوبة.
وما يخشاه بعض آخر من المراقبين هو أن يستمر الخلاف الاميركي – الروسي على حل الأزمة السورية اذا ما تداخلت فيها الازمة الاوكرانية ويستمر القتال لتدمير ما تبقى من سوريا بشراً وحجراً إذا ما قرر كل منهما تزويد جماعته الاسلحة لتبقى الحرب سجالاً وتصبح المنطقة كلها معرضة لحرب شاملة لا تنتهي الا بتقاسم النفوذ فيها.