الرئيسة \  واحة اللقاء  \  صراع ما بعد القوى العظمى

صراع ما بعد القوى العظمى

20.05.2013
صحيفة «غارديان» البريطانية

 صحيفة «غارديان» البريطانية
البيان
الاثنين 20-5-2013
فيما توعدت تركيا بالرد على التفجيرات الأخيرة التي أدت إلى مقتل أكثر من 50 شخصاً، تستفيد الحرب السورية بالفعل من الشرق الأوسط الكبير. إلا أن البلد الوحيد الذي كان جميع الأطراف يرغب الاعتماد عليه في القيادة، يبدو مشلولاً بالتردد.
غير أن الناحية الأكثر إثارة للاهتمام في المأزق السوري، هي أن هذا الصراع قد يكون الأول في حقبة ما بعد القوى العظمى. ولا تعلم أميركا هدف هذا الصراع، وحتى لو علمت فإنها تبدو خائفة من استخدام الوسائل لإيقافه.
وعزوف أميركا دفع إسرائيل للتحرك وشن هجمات على بعض المواقع السورية، لإيصال رسالة، ليس إلى الرئيس السوري بشار الأسد فحسب، بل أيضاً إلى جماعة "حزب الله". فالإسرائيليون أوضحوا الأمور التي لا يرغبون حدوثها، وهي إيصال شحنة من الأسلحة الثقيلة والمتطورة إلى هذه الجماعة في لبنان.
لكن هل يرغب الإسرائيليون في بقاء بشار الأسد أو رحيله؟ يبدو أن لا أحد في المنطقة يعرف الجواب.. وربما إعادة صياغة وصف الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت، لزعيم نيكاراغوا "أناستازيو سوموزو"، بأنه "قد يكون وغداً، إلا أن أمره يخصنا".
سيقوم كل من الإسرائيليين والأميركيين بأي شيء، لتقليل نفوذ بعض دول المنطقة في سوريا. وتتمثل خططهم بشكل تقريبي، في التخلص من الرئيس السوري بشار الأسد، واستبداله بآخر يحفظ النظام، ويسمح للمعتدلين في المعارضة بالمشاركة في الحكومة، ويكون أكثر وداً للغرب.
يكفي القول، إنه ليس لمثل هذا المخطط عملياً، أي فرصة للنجاح. في هذه الأثناء، توفي أكثر من 80 ألف شخص، وبدأت الحرب تنتشر خارج الحدود، كما تشهد الهجمات الأخيرة على بلدة الريحانية التركية. ولبنان، دولة هشة ولا تستطيع استيعاب مليون لاجئ سوري.
وغياب القيادة أو الاستراتيجية أمر محسوس، في ما يتعلق باستخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، التي وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما خطاً أحمر بشأن استخدامها. وفي إشارة أخرى على ضعف الغرب، فقد توجه كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، إلى داعم الأسد الأكبر.
وهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لإقناعه بوقف تأييده للأسد. وقال كاميرون في لقائه الأخير مع أوباما في واشنطن، "أياً كانت الفروقات بيننا وبين الروس"، فإننا نمتلك الأهداف ذاتها، وهي "سوريا مستقلة وسلمية، خالية من المتطرفين".. ولقد عنى هذا التصريح كل شيء، ولا شيء.
لقد كان الرئيس الأميركي حكيماً وشجاعاً بشكل سياسي، للتخلص من الغطرسة والوهم الذاتي. كانت ليبيا فصلاً مختصراً، إلا أن التدخلات العسكرية قد انتهى زمنها. إنها مأساة سوريا، وقريباً ستكون مأساة دولة أخرى، حيث لم يتم وضع أي شيء في مكانه الصحيح.