الرئيسة \  مشاركات  \  صعوبة الحوار مع الخبراء

صعوبة الحوار مع الخبراء

23.09.2014
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
يعتبر مصطلح نابوليون بونابرت /  1769 – 1821 / عدو عدوي صاحبي وهو مصطلح  للعلاقات بين  الدول قديم كقدم  تاريخ الانسانية بين الدول المتحاربة لا يزال سائدا حتى وقتنا هذا . ويعني ذلك انه اذا كانت لألمانيا عداوة مع بريطانيا وليس لها علاقة صداقة وعداوة مع فرنسا الا انها ترغم بمصاحبة فرنسا ان كانت لها عداوة مع بريطانيا ، فالتاريخ الاوروبي أثبت هذا المصطلح فعلاقات المانيا مع روسيا مثلا كانت قبل انهيار القيصرية الروسية على يد البلاشفة / الشيوعيين / مشحونة بالعداء ، وعلاقاتها مع دولة الخلافة العثمانية الاسلامية علاقة عادية بحتة الا ان هذه العلاقة تطورت وأصبحت اكثر من صداقة عادية جراء معاداة الروس للعثمانيين . ولنعد الى الماضي السياسي قليلا فدولة قيصرية كارولينجر التي حكمت اوروبا بين اعوام 751 و 911 التي بلغت اوج عهددها وقوتها في عهد القيصر كارل  الكبير / 747 – 814 /  الذي يسميه العرب / شارلمان / كانت علاقتها مع الدولة الاموية بالاندلس سيئة للغاية تسودها العداوة ولذلك اتخذت من الدولة العباسية ولا سيما في عهد الخليفة هارون الرشيد خليلا لها جراء العداوة القائمة بين العباسيين والامويين في الاندلس ولذلك نرى استقبال القيصر الالماني كارل الكبير الامير عبد الله بن معاوية بن  هشام بن عبد الملك اخو فاتح الاندلس عبد الرحمن الداخل لاجئا في البلاط القيصري وعندما اراد تسليم القيصر كارل عبد الله لسفير الرشيد استطاع الامير الاموي الهروب والعودة الى اخيه بالاندلس ليتصالحا بعد ذلك . كما لو عدنا الى القرون الوسطى ولا سيما الحروب الصليبية   نجد ان الصليبيين الذين كانوا يكرهون المغول تحالفوا معهم  ضد المسلمين  لعداوة المغول للمسلمين  فبعد هزيمتهم في حطين وبروز قوة المغول  رأت البابوية التي كانت تعتقد ان خلاص اوربا يأتي من الشرق انه لا بد من اقامة علاقات وتحالف قوي مع المغول ضد المسلمين ذلك الحلف الذي اصبح منهارا اثر هزيمة المغول في عين جالوت ، وبالرغم من تلك الصداقة الاوروبية التتارية فان الاوروبيين لم يكونوا احسن حالا من المسلمين من بطش المغول بهم فقد انتهج التتار سياسة الارض المحروقة  في اوروبا التي اجتاحوا شرقها مثل بولندا واوكرانيا وغيرها .
دبلوماسية عدو عدوي صاحبي لا تزال قائمة حتى وقتنا هذا ولها أدوار رئيسية في الحروب واحلال السلام .
أما الحوار السياسي بين الاعداء والمتنازعين  فأساس نجاحه  الرئيسي ذلك المصطلح الذي يقول : / رأيي خاطئ يحتمل الصواب ورأيك صحيح يحتمل الخطأ / الا أن العناد وعدم الاستماع الى آراء الآخرين والانانية والتمسك بالرأي يسود الحوار حاليا ، فروسيا  والغرب كلاهما يتحملان مسئولية ما آلت اليه الاوضاع السياسة والامنية في اوكرانيا وانسلاخ شبه جزيرة القرم عن تلك الدولة وضمها الى الحظيرة الروسية وجميع الخطط التي بذلت من خلال الحوار بين الساسة الاوروبيين والروس لوضع حد لتفاقم الازمة الاوكرانية  ذهبت سدى جراء تأكيد كل منهما بأنه محق ولعبت الادارة الامريكية دورا بارزا من اجل عدم الاهتمام لآراء الاوروبيين  ولا أحد ينسى مسئولة شئون اوروبا الشرقين بوزارة الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند التي نصحت الرئيس الاوكراني السابق عدم الاهتمام بالاوروبيين بكلمتها التي دخلت سجلات الاعلام السياسي والدبلوماسي ، اذ الت له / فوك ذا اوروب . 
ومنذ بروز قوة ما يُطلق عليه بتنظيم الدولة الاسلامية / داعش /  أو بالاحرى منذ انتقال  الشعب السوري من انتفاضة سلمية الى انتفاضة مسلحة بعد أن يأس ذلك الشعب نصرة العالم له نجم عن الانتفاضة المسلحة ظهور تنظيمات اسلامية وغير اسلامية لا يحصى عددها عادت الاتهامات والافتراءات على السعودية وقطر وتركيا وغيرهما من بعض دول اسلامية تحب للشعب السوري الانتصار على الطاغية بشار اسد لتتهمها بدعم / داعش / هذا التنظيم الاجرامي الذي لم يخرج الا من عباءة ايران ونظام أسد .
فبالرغم من تأكيدات الحكومة الالمانية ودوائر المخابرات الالمانية والدولية براء الدول المذكورة من دعمها ارهاب / داعش / ماليا ومعنويا الا ان الذين يعتبرون انفسهم خبراء الاسلام والارهاب يؤكدون على دعم الرياض والدوحة وانقرة وكوالامبور للارهاب .
ففي ندوة دعا اليها مركز / اورانيا / للمحاضرات العلمية والسياسية بالعاصمة برلين زعم ما يُطلق عليه بخبير الاسلام  ميشائيل لودرز وخبيرة الاسلام النمساوية  جودرون هيلر بأن السعودية وقطر هي وراء  دعم الارهاب و/ داعش / اذا لم يتم استصالها فان ستصل الى عقر اوروبا  وخطرها يفوق خطر تنظيم القاعدة وما يجري في سوريا مؤامرة سعودية قطرية تركية وهلم جرا ودفاع ايران  وروسيا عن نظام سوريا لمنع تقسيم تلك الدولة وبالتالي لمنع المنظمات الارهابية بالفتك بمنطقة الشرق الاوسط .
وبالرغم من كلامهما الا انهما انتقضا انفسهما حيث أعلنا بان السعودية وقطر ليس لهما علاقة بالارهاب بشكل مباشر او غير مباشر الا انهما يدعمان كل من يسعى لتعزيز دور الاسلام من جديد في العالم .
ومهمة الصحافي الرئيسية الاستماع لمحدثه  ومناقشته  وعليه ان يكون مستقلا لا يتبع جهة ما ولكنه اذا سئل عن رايه حول مسالة سياسية  او اقتصادية وغيرها  يجب عليه الاجابة بصراحة وموضوعية وتقييم ما يجري على الساحة السياسية في العالم . وعبثا حاول احد الصحافيين الذين كانوا حاضرين بالندوة التي كان جل المشاركين فيها لتضييع وقتهم فقط وأصابت الصحافيين بخيبة امل لوجودهم بين العجزة ، تفنيد آراء لودرز وهيللر وان الاسلام لم بنتشر بحد السيف ودليل ذلك وجود كنائس وصوامع وكنس لليهود والنصارى ببلاد الشام والعراق وتركيا وغيرها من العالم الاسلامي منذ القدم حتى ان قطر والامارات العربية المتحدة والبحرين والكويت تلك الدول التي يعتبر سكانها مسلمون ولا يوجد فيها اقليات نصرانية بنى حكامها كنائس للنصارى وهدم / داعش / وغيرها كنائس وبعض المساجد لا يعني ان الاسلام امر بذلك وما يجري في سوريا والعراق يتحمل الغرب وخاصة امريكا مسئولية بروز ظاهرة التطرف لأن الغرب خذل السعودية وقطر وتركيا التي سعت لوضع حد لماساة الشعبين السوري والعراقي من نظامهما فالولايات المتحدة الامريكية  تركت العراق لقمة سائغة لايران وحكومه عنصرية ثم جاءت الان بتدخلها عسكريا لوضع حد لجرائم / داعش / بعد أن فقدت السيطرة على عناصرها كما خذل الغرب وفي مقدمته واشنطن الشعب السوري فالوعود لتأديب أسد كانت فقاعات هوائية وأفتى برلمان بريطانيا والكونجرس الامريكي لباراك اوباما وديفيد كِمرون عدم نصرة الشعب السوري وزعمت فرنسا بانها وحيدة واعلنت المانيا مسئوليتها على حماية وجود الكيان الصهيوني والاسلاميون اذا ما قاموا بتحرير دمشق ستكون القدس وجهتهم الثانية .
الا ان الحوار ومناقشة اولئك الخبراء كانت فاشلة فهم يؤكدون صحيح افكارهم وافكار الصحافي خاطئة لا تحتمل الصواب .