الرئيسة \  واحة اللقاء  \  صفقات التنازلات في سوريا

صفقات التنازلات في سوريا

15.11.2017
سلطان حميد الجسمي


الخليج
الثلاثاء 14/11/2017
بعد سبع سنوات من الحرب الدامية في سوريا وتزايد أعداد الضحايا وارتفاع حصيلة الخسائر من جميع الأطراف، بدأ تفعيل صفقات التنازلات من قبل النظام السوري والتنظيمات الإرهابية حول السيطرة على المناطق السورية بين النظام وحلفائه مثل ميليشيات حزب الله من جهة و"داعش" والمنظمات الإرهابية والجماعات المعارضة من جهة أخرى، ولعل التواجد الإيراني هو الأخطر، ويرجع ذلك إلى أن إيران لها أجندات وسياسات تسعى من خلالها لتخريب الدول العربية والسيطرة عليها، كما هي حال لبنان اليوم الذي يعاني من التدخلات الإيرانية في شؤونه الداخلية والخارجية، إضافة إلى الدعم المستمر لحزب الله.
من أخطر الصفقات التي يجريها النظام السوري هي التنازل عن سيادته والسماح لإيران ببناء قواعد عسكرية على الأراضي السورية، وأبرزها بناء قاعدة عسكرية قرب دمشق، إذ إن بناء هذه القاعدة يعد إنجازاً كبيراً للإيرانيين على الأراضي السورية، ويأتي ضمن الاستراتيجيات التي وضعها الجيش الإيراني في سوريا للتوغل في أعماق التراب السوري، كما أتى في إطار مذكرات الجنرال الإيراني حسين حمداني قائد الجيش الإيراني الذي قتل في المعارك في سوريا.
لم يكتفِ الإيرانيون بالتدخل العسكري في سوريا، واليوم تلعب إيران دوراً كبيراً في مجرى حركة تجارة المخدرات والنفط في سوريا، إذ تشتري النفط بقيمة رمزية من "داعش"، وتصدره إلى العالم عن طريق السوق السوداء، وتتحكم في طريق انتقال المخدرات من وإلى سوريا عن طريق "داعش" والمنظمات الإرهابية الأخرى، ولأجل المال فإن "داعش" يبيع النفط السوري للإيرانيين لكي تمول إيران "داعش" بالسلاح والمال.
تعمل إيران جنباً إلى جنب مع قوى الشر العالمية على تأجيج الحرب في سوريا، وتلعب دوراً كبيراً في الحيلولة دون رجوع السوريين إلى وطنهم، فتستعمل كل الوسائل التي تزعزع الأمن والاستقرار داخل سوريا، لتبني بذلك سداً كبيراً يمنع رجوع النازحين والمهاجرين واللاجئين السوريين إلى بلدهم وتعطيل إعادة إعمار أوطانهم في ظل أمن واستقرار يهنئون به.
طبّق الجيش الإيراني في سوريا أكثر من استراتيجية للسيطرة على سوريا منذ إعلان المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي في 2011 ما سماه بالجهاد لصالح النظام السوري، لتسعى من خلال ذلك التحكم في الدول العربية، وزرع الميليشيات الإرهابية الموالية لها، واستقدام المقاتلين الأجانب إلى سوريا، وتوجيه المؤامرات الإرهابية ضد دول الخليج والوطن العربي.
ل "داعش" نصيب كبير من الصفقات السرية للبقاء فترة أطول في سوريا بعدما تم طرده وتصفيته في العراق من قبل الحكومة العراقية، فآبار النفط السورية التي كانت تحت سيطرة "داعش" بيعت للعالم، ونهب خيرات الشعب السوري بواسطة هذا التنظيم الإرهابي، وأيضاً لعب "داعش" دوراً مهماً في عملية التصفيات والاغتيالات داخل سوريا، فكانت الدمية الإلكترونية التي تلعب بها قوى الشر في تأجيج الحرب والنزاع في سوريا.
بعد طرد الجيش العراقي ل "داعش" وبسط نفوذه على مناطق النفط العراقي وفقدان "داعش" لتمويله من النفط يركز "داعش" اليوم على تجارة المخدرات بين سوريا والعراق، ويقوم التنظيم الإرهابي بزراعة "القنب الهندي" في المناطق التي يسيطر عليها، ويستغل جهل الناس بخزعبلات وفتاوى لا صحة لها كفتوى "أنه يجوز بيع السم للكافر"، والناس كلهم في معتقداتهم الظلامية كفار، فيصدر المخدرات من سوريا والعراق، ومن ثم إلى العالم الخارجي مثل تركيا والدول الأوروبية. وأصبحت المخدرات اليوم من المصادر الأساسية لتمويل التنظيم الإرهابي، وبهذا قدم النظام بعض التنازلات لتنظيم القاعدة لتمويله، والذي يساعده على البقاء مدة أطول في سوريا.
تحديات كبيرة تواجه السوريين من قبل قوى الشر، لا سيما في غياب المجتمع الدولي، الذي يقف مشلول الحركة تجاه الأزمة السورية، وأصبح تقسيم سوريا اليوم في أجندات الاجتماعات العالمية السرية، وخاصة من قبل إيران التي تصارع للحلم الأكبر، وهو السيطرة على الدول العربية.
إن استمرار النظام السوري في التنازل عن الأراضي السورية لصالح بناء المعسكرات الإيرانية وسماحه ببقاء حزب الله في أراضيه يشكل خطراً على مستقبل سوريا وسيادتها، وكان الأولى تقديم التنازلات للشعب السوري الجريح، كما أن وجود التنظيمات الإرهابية خطر آخر يهدد سوريا والمنطقة بأكملها.