الرئيسة \  واحة اللقاء  \  صفقة أميركية إيرانية... عبْر "الخطوات الصغيرة"

صفقة أميركية إيرانية... عبْر "الخطوات الصغيرة"

01.10.2013
سكوت بيترسون



الاتحاد
الاثنين 30/9/2013
عقب 17 شهراً من مفاوضات نووية عقيمة نُظمت على أعلى المستويات مع إيران، أوحى الرئيس الإيراني الجديد بنفحة أمل بتحقيق اختراق كبير وسريع. وقال روحاني في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر الجاري: «لا مكان للأسلحة النووية في المنظومة الأمنية والدفاعية الإيرانية». إلا أن آمالا عراضاً سبق أن خابت في مجال تسوية العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، وفي بعض الأحيان كانت تتلاشى بسبب عجز كلا الطرفين عن استبعاد التشدد في المواقف. فما شروط النجاح هذه المرة؟ وهل يمكن أن ينطوي الأمر على مجرّد الخداع؟ وماذا يريد الإيرانيون هذه المرة؟
يشكو الدبلوماسيون الأميركيون من أن إيران لم تعبر على الإطلاق عن القبول بأي حل معقول على طاولة المفاوضات. كما يشتكي الإيرانيون دائماً من أن «مجموعة 5الاثنين 30/9/20131» (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) لم تعترف أبداً بقبول المطالب الدنيا لإيران بحقها في تخصيب اليورانيوم فوق أراضيها. وهذا ما أدى إلى إجهاض جولات المفاوضات في بغداد وموسكو و«آلماتي» (كازاخستان).
وقال روحاني لصحفيين وإعلاميين أميركيين في نيويورك: «ليس لدينا ما نخفيه. هناك 40 دولة في العالم تقوم بتخصيب اليورانيوم، ونحن لا نقبل بأقل من هذا الحق، ولا نريد أكثر منه».
وأشار روحاني إلى أن سعي إيران لتخصيب اليورانيوم حتى بلوغ نسبة 20 بالمئة من النقاء (وهو ما يمثل المراحل التقنية ما قبل الأخيرة لصناعة القنبلة الذرية)، وأقل بنسبة 5 بالمئة من النقاء اللازم لصناعة الوقود النووي، يمكن أن يُطرح للنقاش والتداول على الطاولة. ولا يمكن لهذه اللعبة أن تنتهي إلا بإزالة المخاوف التي تعتري كافة الأطراف مع ضمان حقوق إيران في تخصيب اليورانيوم.
والشيء الذي لا يزال غامضاً هو المصير الذي ستؤول إليه منشآت التخصيب في «فوردو»، والتي تم بناؤها في جوف جبل لحمايتها من الغارات الجوية للولايات المتحدة وإسرائيل، وكيف يمكن لإيران أن تبدد مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول نشاطاتها السابقة ذات العلاقة المباشرة ببناء الأسلحة الذرية.
ولا يزال اجتياز مرحلة اجتثاث أسباب الخوف صعباً. فقد طبّق الكونجرس عقوبات متزايدة القسوة على إيران باتت تستهدف المقوّمات الأساسية لاقتصادها، وهي تتنوع بين تقليص صادراتها النفطية التي انخفضت خلال سنتين من 2.4 مليون برميل يومياً إلى أقل من مليون برميل، وبين فرض العقوبات على بنكها المركزي ومؤسساتها المالية الأخرى.
ويرى بعض المحللين أن الكونجرس مغرم بأسلوب فرض العقوبات، وهي سياسة يعتقد أنها ستجبر إيران على الاستسلام. لكنّ إيران استطاعت الإفلات من سياسة «العصا والجزرة» وقالت بأن هناك الكثير من العصي لدى كل الأطراف، وأن الجزرات تُركت لتأكلها «الحمير» وحدها.
وقال جاري ستيك خبير الشؤون الإيرانية بجامعة كولومبيا في نيويورك والمستشار في البيت الأبيض إبان الثورة الإيرانية عام 1979: «هناك أعضاء في الكونجرس يرفضون عقد صفقة مع إيران. والشيء الوحيد الذي يريده هؤلاء هو تغيير القيادة الإيرانية. ولهذا السبب، فإنهم مستعدون للوقوف في وجه أي عمل يمكن أن يخفف الضغط عن إيران. ولا يمكن لهذا السلوك أن يحمل في طياته إلا الآمال المحبطة. وحتى لو لم يعلنوا عن موقفهم جهاراً فإن همهم الوحيد يتركز على فكرة تغيير النظام القائم هناك».
وحتى داخل إيران ذاتها، هناك بعض العناصر المتشددة التي تعارض أي اتصال مع الولايات المتحدة وتسميها «الشيطان الأكبر». وتشهد طهران بعد كل صلاة جمعة احتجاجات تحرق العلم الأميركي وتصرخ: «الموت لأميركا». وتوقع ناصر هاديان جازي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران حدوث تطور سريع نسبياً فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، لكنه عبّر عن تفاؤل حذر فيما يتعلق باحتمال تسجيل تحسن في العلاقات الأميركية الإيرانية.
وحتى الآن، بقيت إدارة أوباما متمسكة بنموذج «الخطوات الصغيرة» في محاولتها بناء الثقة، والتي من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى عقد صفقة لإلغاء البرنامج النووي الإيراني كلياً، وبحيث لا تتمكن إيران من تركيب القنبلة الذرية أبداً.
وقال جورج بيركوفيتش الخبير والمحلل في مركز «السلام الدولي» بواشنطن: «علينا أن نكون أكثر قدرة على الإبداع بقليل مما نحن عليه. وأن نتعلم كيف نتعامل بمنهجية (الكبير يتحدى الكبير)». وأضاف: «إن نموذج (حبوة الطفل) تمثل هزيمة ذاتية لنا في هذه المرحلة، لأن الإيرانيين يريدون أن يعرفوا إلى أين تؤدي نهاية هذا الطريق، لا أين يبدأ».
ولا يتوقف الإيرانيون عن الإعلان بأنهم لا يريدون بناء الأسلحة النووية، وبأنهم يلتزمون فتوى الخميني برفض امتلاك مثل هذه الأسلحة. ويعلق بيركوفيتش على هذه النقطة المهمة قائلا: «هذا هو مفتاح التوصل إلى الحل». ثم يضيف: «ضع الشك معياراً ثم راقب ما يحدث. ونحن نعلم أن الولايات المتحدة لا تثق بالإيرانيين، إلا أن ما نغض الطرف عنه بشكل عام هو أن الإيرانيين يرتابون فينا أكثر ألف مرة مما نرتاب فيهم، وإن قادتهم يحتكمون للعديد من الأسباب التي تبرر لهم التمسك بهذا الشعور».
لقد أشار أوباما إلى فتوى الخميني التي تحرّم امتلاك الأسلحة النووية واعتبرها تشكل «أساساً لاتفاقية شاملة»، وأضاف في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر: «نحن لا نسعى إلى تغيير النظام، ونحترم حقوق الشعب الإيراني بامتلاك الطاقة النووية ذات الأغراض السلمية».
وبالنسبة للإيرانيين، «فإن التحكم بدورة الوقود النووي من أجل تنويع مصادر الطاقة لا يقل أهمية عن التمسك بشعورهم الوطني كأمة، وبكرامتهم واحترامهم واحتلال موقعهم اللائق في العالم»، وفقاً لما كتبه روحاني مؤخراً في مقال نشرته صحيفة «الواشنطن بوست».
واشنطن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»