الرئيسة \  واحة اللقاء  \  صناعة المستحيل في حلب

صناعة المستحيل في حلب

08.08.2016
سمير الحجاوي


الشرق القطرية
الاحد 7/8/2016
اقتحام الثوار لقلاع نظام بشار الأسد العسكرية في حلب، أقرب إلى المعجزة في ظل اختلال التوازن العسكري لصالح النظام المدعوم بميليشيات برية إيرانية عراقية لبنانية أفغانية باكستانية شيعية، وغطاء جوي روسي كثيف.
هذا الانتصار لم يكن مجانيا وكلف الكثير من الأرواح البريئة الطيبة، ولكنه ثمن مقبول مقابل دحر قوات الأسد وحلفائها الطائفيين المعبئين بالحقد على الشام وأهلها، لأن المعركة في حلب تقرر حاضر سوريا ومستقبلها، ومن يحكمها في مقبل الأيام، ولهذا السبب تحولت المعركة في حلب إلى "حرب مصيرية" وقضية حياة أو موت بين الثوار والمجاهدين ونظام الأسد وحلفائه.
كل الأطراف ألقت بأقوى أوراقها على الرقعة الحلبية، فزعيم حزب الله حسن نصر الله، اعتبر أن مقاتليه يخوضون في حلب "معركة إستراتيجية كبرى"، وهو ما يتفق معه فيه أمير جبهة فتح الشام أبو محمد الجولاني الذي قال إن نتائج معركة حلب "تتعدى فتح الطريق عن المحاصرين، إنها ستقلب موازين الصراع في الساحة الشامية، وتقلب طاولة المؤامرات الدولية على أهل الشام، وترسم ملامح مرحلة جديدة لسير المعركة". ويعتبرها الروس اختبارا لمدى قوة وتأثير قواتهم الجوية بوصفها معركة "حياة أو موت"، أما إيران فإنها ألقت الجنرال قاسم سليماني في "اللجة" وأعلنت أنها تقاتل في حلب "دفاعا عن الحدود الإيرانية والأمن القومي الإيراني والوجود الشيعي في سوريا والمنطقة".
بالنسبة لكل الأطراف المتصارعة في حلب فإن ما يجري معركة لـ"صناعة المستحيل"، من أجل الانتصار الكامل، فمن يسيطر على حلب يفتح الباب للسيطرة على كل سوريا. ولهذا يستميت مقاتلو جيش الفتح وفتح الشام وكل الفصائل الأخرى في القتال على قاعدة "نصر أو شهادة"، وأحرقوا خلفهم كل المراكب لأن العودة إلى الخلف "محرمة" في حلب، وكذلك الأمر بالنسبة للروس والإيرانيين وحزب الله ونظام الأسد.لم تحسم المعركة بشكل كامل بعد في حلب، ولكن الأصداء الإستراتيجية لما يجري فيها يطرق أبواب كل العواصم العربية وأنقرة وطهران وواشنطن وموسكو ولندن وباريس وبرلين، وهي أصداء تعلن أن "قواعد اللعبة" تغيرت وأن موازين القوى مالت لصالح المجاهدين والثوار رغم التحالف الضخم الذي يدعم نظام الأسد.
طهران وموسكو وواشنطن وعواصم عربية أبرز الخاسرين من سيطرة المجاهدين على حلب، أما أبرز الرابحين بعد الثوار والمجاهدين، فهي "أنقرة" التي أثبتت أنها قادرة على قلب الموازين إذا قررت أن تفتح مخازن السلاح للثوار السوريين، دون أن ترسل جنديا تركيا واحدا إلى هناك.
تركيا هي من يقرر مصير الحرب، ويبدو أنها مصرة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تتهم أمريكا بدعمها أنها قررت أن تلقن الجميع درسا قاسيا في سوريا، من بوابة حلب تحديدا، ويبدو أنها نجحت في ذلك.
لا تزال المعركة مستمرة رغم سيطرة الثوار على "كلية التسليح وكلية المدفعية والكلية الفنية الجوية وكتيبة التعيينات وبنى الضباط، ومقالع الشرفة وكتيبة الصواريخ"، وتدمير قاعدة إطلاق صواريخ متمركزة فوق بناء المول في "مشروع 3000 شقة" بحلب. وتواصل الفصائل تقدمها شرقا باتجاه حي الراموسة ما يفتح طريق إمداد نحو الأحياء التي يسيطرون عليها في شرق وجنوب شرق حلب من جهة، وقطع طريق الإمداد إلى الأحياء الغربية التي يسيطر عليها نظام الأسد حاليا.
وبإذن الله سينتصر المجاهدون الثوار في حلب، وسيكون نصرا مؤزرا، وسيكون صوت الشعب السوري هو الأعلى في المرحلة المقبلة، بعد أن فشلت المؤامرة "الروسية الأمريكية الإيرانية" لإبقاء حلب في قبضة نظام الأسد.