الرئيسة \  واحة اللقاء  \  صورة سورية.. وقرار سعودي

صورة سورية.. وقرار سعودي

24.02.2014
اليوم السعودية


الاحد 23/2/2014
لم تكن صورة ذلك الطفل السوري، ابن الأربعة أعوام، والذي عُثر عليه وحيداً في الصحراء محاولاً الوصول للأردن، وتناقلتها وكالات الأنباء، سوى ترجمة فادحة، للضريبة المخجلة التي يدفع ثمنها أبرياء، على أيدي نظام قاتل، وتحت سمع وبصر عالم أكثر فجوراً وإثماً.. لا يستطيع التحرك عملياً لوقف المأساة والمذبحة التي تجري على الأرض السورية.
فالعالم، الذي كثيراً ما يتشدق بحقوق الإنسان، وصدع رؤوسنا بـ"ديموقراطيته" المزيفة، يصمت، ويدير رأسه مكتفياً بالكلمات والأماني، دون أن يقدم للشعب المكلوم شيئاً، مراهناً فقط على مصالحه السياسية العوراء، ومتخلياً، بكل أسف، عن الكثير من القيم الأخلاقية التي دوماً ما يرددها وقت حاجته هو فقط، ووفق هواه، تاركاً الملايين من السوريين البسطاء تحت رحمة نظام لا يعرف معنى الرحمة، حتى بشعبه المسؤول عنه تاريخياً وأخلاقياً، قبل أن يكون سياسياً.
وربما كان الموقف السعودي، الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين، تجاه الوضع في سوريا، وليس آخره بالطبع، رفض المملكة قبل أشهر لعضوية مجلس الأمن احتجاجاً، معبراً عن صرخة الضمير الواعي بحجم الأزمة، ورفضاً لأسلوب التعاطي الدولي مع الأحداث على الأرض، قبل أن يكون إدانة لكافة المواقف الدولية، التي سكتت عن الحق، فأصبحت مثل الشياطين الخرساء.
المملكة ستظل رافعة للتحدي ضد القمع الدولي بكل صفاته، وماضية في استنكارها بالأفعال والأقوال لكل سياسات التعمية الجارية على الساحة الدولية. وما قرار خادم الحرمين الشريفين، بالأمس، بإقامة يوم تضامن مع أطفال سوريا على مستوى المملكة، ويتم من خلاله تغطية حاجة الآلاف من الأطفال السوريين.. إلا استيعاب "إنساني" لحجم المأساة، ووقوف مشرف بجانب المظلومين والمضطهدين. وأولهم أبناؤنا وأشقاؤنا في سوريا، كما كان قبلهم في فلسطين والعراق والصومال وغيرهم.
ولأننا، على هذه الأرض، ندرك عظم المسؤولية الأخلاقية على الأقل، فإن تنظيم هذا اليوم التضامني، يوم الثلاثاء المقبل، في مركز الـملك فهد الثقافي بالرياض، بمشاركة شعبية ورسمية على أعلى المستويات، سيكون فرصة لتأكيد نوعية المشاركة الفعالة، التي لم يخذل فيها أي مواطن سعودي قطّ دعوة قائده ومليكه ووطنه، بل كان هذا المواطن وتلك المواطنة، من جميع الشرائح الاجتماعية، كنزاً احتياطياً وصوتاً مشاركاً وداعماً لكل قرارات الوقوف بجانب الأشقاء، في مشهد إنساني متكرر، يعزز كافة أنواع التلاحم والتعاضد مع الأشقاء في كل مكان.
علينا في هذه اللحظة الفارقة أن نثبت للجميع أن هذا وطن للجميع، ليس لكل أبنائه فقط، ولكن مظلة يستظل بها كل عربي ومسلم، ما إن نشعر بمأساته أو ضيقه، حتى نلبي نداء الواجب الأخلاقي والإنساني والإسلامي أيضاً.