الرئيسة \  واحة اللقاء  \  صيدا: نموذج انسحاب "حزب الله" من سوريا

صيدا: نموذج انسحاب "حزب الله" من سوريا

30.06.2013
احمد عياش

النهار
الاحد 30/6/2013
عندما يتحدث المرء عن معركة خاضها "حزب الله" ضد جماعة احمد الاسير وورّط فيها الجيش كمن يتحدث عن مباراة لكرة القدم بين فريق كرة القدم اللبناني المحبوب النجمة وبين فريق ريال مدريد الاسباني الشهير احد عمالقة فرق كرة القدم عالميا. النتيجة معروفة سلفا قبل ان تبدأ المباراة وستكون معجزة ان يحرز فريق النجمة الفوز. اذا كان السؤال البديهي في عالم كرة القدم هو: لماذا تُجرى اصلاً مباراة بين النجمة وبين ريال مدريد والفارق بينهما شاسع جداً؟ فإن السؤال البديهي فيما جرى في صيدا هو: كيف يخوض "حزب الله" معركة حاسمة ضد جماعة الاسير والهوة عميقة في ميزان القوى بينهما؟
ربما يستفاد من هذه المقدمة انه من غير المعقول تصديق كلام صيدا وناسها وفاعلياتها الذين رفعوا الصوت عاليا حول تورط "حزب الله" في معركة سفكت فيها دماء ابناء الجيش وابنائهم وحولت بعضا من عبرا الى خراب بعدما عمل الغزاة على نهبها بالكامل؟ او ان يكون كلام المدير العام السابق لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي المعروف برصانته موضع شك: "انا أعرف جيداً قدرة جماعة احمد الاسير العسكرية. لكن عدد الشهداء الذين سقطوا للجيش اللبناني هو اكبر من قدرة الجماعة على تحقيق الاصابات". حسم الجدل هو في اجراء تحقيق عسكري وقضائي الذي سيضع النقاط على الحروف وهذا ما يتطلع اليه اللبنانيون عموما والصيداويون خصوصاً. في انتظار ذلك لا ضير من الانصات الى ما تردد عن حشد "حزب الله" ومعه حركة "أمل" مئات المقاتلين ليل الجمعة الذي سبق نهار الاحد الذي اندلعت فيه اشتباكات عبرا. هؤلاء المقاتلون الكثر جرى نقلهم من الخزان البشري للثنائي الشيعي السوري-الايراني لا سيما من بيروت. واكتملت العدة بمرابض المدفعية التي جرى تجهيزها حول صيدا خصوصاً في المرتفعات التي كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي تستخدمها إبان اجتياحها للبنان عام 1982. وفي ما يشبه المخطط كانت الطلقة التي اطلقها جندي على حاجز في عبرا في الهواء لرد عناصر من جماعة الاسير جاؤوا محتجين على توقيف رفاقهم بمثابة اشارة البدء في الهجوم الذي تمثل في اندفاعته الاولى بوابل من النيران الذي انهمر على الجيش وجماعة الاسير معا.
حتى يقول التحقيق كلمته هناك من يرى ان "حزب الله" المتوتر اصلا قبل تورطه في حرب سوريا هو اليوم في ذروة التوتر. اذا كان من المستحيل ان يفوز فريق النجمة على فريق ريال مدريد فإن من المستحيل ايضا ان ينتصر "حزب الله" على شعب سوريا. الامر يبدو ساذجا ان يصوّر ما جرى على انه قصة شقّتين لـ"حزب الله"في عبرا طالب الاسير باقفالهما مما تسبب بحرب ضروس، فيما واقع الحال ان لبنان حاليا أسير في شقة "حزب الله"!