الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ضحايا "الوفاق" الأميركي - الروسي

ضحايا "الوفاق" الأميركي - الروسي

11.05.2013
سميح صعب

سميح صعب
النهار
السبت 11/5/2013
في ذروة الحرب الباردة كانت العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق تمر أحياناً بمرحلة اصطلح على تسميتها "الوفاق". وفي ظل هذا الوفاق كانت تشهد العلاقات انفراجاً موقتاً يترجم في اتفاقات الحد من الاسلحة النووية أو انشاء هيئات مشتركة مثل منظمة الامن والتعاون في أوروبا انطلاقاً من هلسنكي التي كانت بمثابة مكتب ارتباط بين الغرب والكتلة السوفياتية السابقة.
ومنذ عامين اطلقت الازمة السورية، الى غيرها من القضايا الدولية العالقة بين موسكو وواشنطن، حرباً باردة بين الولايات المتحدة المتعبة من الحروب الخارجية والازمة المالية وروسيا الاتحادية العائدة بقوة الى المسرح الدولي بفضل تحسن مستوى اقتصادها نتيجة ارتفاع اسعار النفط في الاعوام الاخيرة واستقرار نظامها السياسي. ولكن عندما تلا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والى جانبه وزير الخارجية الاميركي جون كيري في موسكو في 7 ايار الجاري بياناً مشتركاً عن الازمة السورية، بدا ان رياح وفاق تهب من جديد بين أميركا وروسيا.
وبديهي ان يكون هناك متضررون من توصل واشنطن وموسكو الى اتفاق على الازمة السورية. وأول المتضررين أولئك الذين راهنوا ولا يزالون على الحل العسكري وهم يعملون من أجل ذلك منذ عامين. والمتضررون لا يكترثون بتحذير كيري من ان استمرار الحرب في سوريا سيقود الى تفكك هذا البلد. وهم ببساطة يفضلون تفتيت سوريا وتدميرها تماماً على ان يروا الرئيس بشار الاسد مستمراً في منصبه بموجب أي اتفاق.
فهناك اطراف اقليميون لم يعودوا قادرين على التعايش مع سوريا يستمر فيها النظام الحالي بأي شكل من الاشكال بعدما حول هؤلاء السياسة عداء شخصيا. ولا حاجة الى التذكير بالتصريحات التي انطلقت من دول اقليمية عقب اعلان كيري ولافروف عن مؤتمر دولي حول سوريا يجمع النظام والمعارضة من اجل ايجاد حل للأزمة.
ويشعر هؤلاء بانهم سيكونون ضحايا أي انفراج بين الولايات المتحدة وروسيا. وهم يعملون بشتى الوسائل من أجل اجهاض أي محاولة في اتجاه حل سياسي للازمة يصون البقية الباقية من سوريا. فلا تفكك سوريا وتلاشيها عن الخريطة السياسية يؤرق هؤلاء ولا انفجار الدول المجاورة في حرب مذهبية يشكل رادعاً امام ذهابهم في الحرب على سوريا حتى النهاية.
لهذه الاسباب لا يمكن الاغراق في التفاؤل بما يمكن ان تسفر عنه الجهود الاميركية - الروسية، ما دام ثمة طرف عند نقطة البداية من خلال ازاحة الاسد قبل دخول المفاوضات. وهؤلاء يعلمون في حقيقتهم ان مثل هذا الشرط مستحيل التحقق. لذلك هم ماضون في خيار تدمير سوريا حتى النهاية. انهم ببساطة لا يطيقون فكرة ان يكونوا ضحايا "الوفاق" الاميركي - الروسي.