الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ضحايا خارج التعداد!

ضحايا خارج التعداد!

03.10.2013
محمد أحمد الحساني


عكاظ
الاربعاء 2/10/2013
بينما تتحدث الإحصائيات المتفائلة عن أكثر من مائة ألف قتيل في سوريا خلال السنوات الثلاث الماضيات إضافة إلى ربع مليون مفقود قد يكون معظمهم في عداد الأموات أيضا أو هم في طريقهم إلى الموت في زنازين المجرم، فإن سوريين نازحين من الداخل إلى دول الجوار وإلى غيرها من الدول التي تستقبل اللاجئين يتحدثون عن موت نحو ربع مليون سوري آخرين بسبب نقص الغذاء والدواء وانعدام العلاج وانتشار الأمراض وتلوث المياه والبيئة، هذا العدد المأساوي الهائل من الموتى يضم الأطفال الرضع الذين لم يتوفر لهم الحليب أو التطعيمات الأساسية، والمرضى العاجزين عن الحركة وأصحاب الأمراض المستعصية؛ مثل أمراض القلب والفشل الكلوي والسكري والضغط والشلل والسرطان، حيث لا دواء ولا علاج ولا رعاية إلا رعاية الموت الزاحف على بيوتهم المظلمة وغرفهم الكالحة السواد، فهم يموتون على فراشهم وتخمد أنفاسهم بعد أن أنوا ليالي وأياما فلم يسمع أحد أنينهم أو قال من سمعهم: «نفسي.. نفسي» وهو يحاول مع أسرته تفادي غارات الجبان وبراميل المتفجرات وصواريخ سكود وغيرها من وسائل القتل الرهيب الذي أهلك الحرث والنسل، وسمعت أحد السوريين يقول عن علم إنه إن لم تجد المأساة السورية حلا فإن معظم من تبقى في الداخل السوري من غير أزلام الأسد، سوف يموتون جوعا ومرضا وقد يبقون في بيوتهم فلا يجدون قبورا تحتضن جثامينهم لفرار من حولهم وتشردهم في الآفاق وتركهم للضعفاء والأطفال والعاجزين يواجهون مصيرهم، والعالم غافل أو متغافل عنهم يتلهى بتدليل الوغد القاتل اللعين بإعطائه الفرصة تلو الأخرى تحت ذرائع شتى ليس من بينها ذريعة واحدة مرتبطة بمبادئ أو أخلاق أو إنسانية، ولن يكون ذلك الوغد بحاجة إلى أي سلاح للقضاء على من تبقى في المدن المهدمة من الأسر السورية لأن الموت سوف يزحف عليهم بسبب فقدانهم لجميع وسائل الحياة!؟

ولعل السؤال الذي يفرض نفسه هو عن أسباب تجاهل وسائل الإعلام والسياسيين لهذا النوع من الضحايا السوريين الذين لم يزالوا خارج التعداد، ألم يبلغهم عن طريق الفارين اللاجئين الناجين من الموت ما يعانيه أولئك المساكين التعساء من موت بطيء وإهمال شديد وجوع ومرض وآلام لا تطيقها حتى الجبال، أم أن التعتيم على أخبارهم وأحوالهم هو جزء من اللعبة القذرة التي جعل الشعب السوري وقودا لها بلا رحمة ولا ضمير .. وإلى متى تستمر هذه المأساة المروعة وسط تخاذل الأقربين ومراوغة القوى العظمى وتحدي الوغد وأنصاره من دول وجماعات وأحزاب وأوغاد، إلى متى؟!