الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ضرب الحبيب !

ضرب الحبيب !

05.05.2013
د. إبراهيم عباس

المدينة
الاحد 5/5/2013
ليست تلك المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن غارة إسرائيلية على الأراضي السورية، ينفيها تارة النظام السوري، وتنفيها تارة أخرى إسرائيل، ثم يعترف الطرفان بحدوثها! لكن في كل الحالات -حتى منذ عهد الأسد الأب- كانت دمشق تكتفي بالصمت، أو بالإدانة والشجب، والقول إنها تحتفظ بحق الرد في الوقت المناسب الذي لن يأتي أبدًا! ولنا أن نذكر بهذا الصدد أن إسرائيل شنت عدة غارات استهدفت مواقع سورية، من أبرزها الغارة التي شنتها في العام 2007 واستهدفت فيها منشأة نووية في دير الزور، وصولاً إلى غارة أمس الأول التي أكدها أكثر من مسؤول أمريكي، والتي جاءت بعد بضعة أشهر من الغارة التي استهدفت فيها الطائرات الإسرائيلية قافلة تحمل أسلحة لحزب الله.
الواضح أن غارة أمس الأول الإسرائيلية التي ذكرت وسائل الإعلام الدولية أنها استهدفت على الأرجح أنظمة إطلاق لأسلحة كيميائية، لن تكون الأخيرة. والواضح أن دوافع وأهداف إسرائيل من الغارة ليس الإطاحة بالنظام السوري الذي تعايشت معه قرابة أربعة عقود دون أن يطلق رصاصة واحدة من الجولان. والواضح أيضًا أن الرئيس بشار الأسد لن يرد على تلك الغارة، ليس فقط بسبب الفارق الكبير في ميزان القوى العسكرية بين البلدين، وإنما الأهم من ذلك، لأن تورطه في حرب مع إسرائيل سيصرفه عن حربه الأساسية، أي حربه ضد شعبه.
ما يدعو إلى الاستغراب والسخرية في أول رد فعل سوري رسمي ما ذكره سفير سوريا في الأمم المتحدة بأنه لا يعلم شيئًا عن أي هجوم إسرائيلي على بلاده. هذا الرد يعكس الحالة السورية في أدق معانيها، لأنه لو تأكد خبر الغارة فعليًّا -وهو ما سيتضح خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة- فإن ذلك يعني أن السفير السوري لا يعلم ما يدور في بلاده، أو أنه يعلم ويخجل من الإقرار بذلك.
لعل أكثر ما يدعو إلى السخرية في موقف الحكومة السورية إزاء تلك الغارة تجاهل النظام لها، وقيامه في الوقت ذاته بحملة إبادة جماعية ضد السنة في قرى القصير بالقرب من حمص، والبيضا بالقرب من بانياس، في مشهد مأساوي اتخذ شكل المذابح الجماعية، ومن خلال حرب طائفية تستهدف السنّة في مناطق التماس مع الطائفة العلوية الشيعية، وهو ما يؤكد أن حاكم سوريا الذي يستبيح دماء الأطفال والشيوخ والنساء، ويدمر مدن سوريا وريفها بالصواريخ والقنابل والبراميل الانفجارية، ولا يتورع عن استخدام السلاح الكيماوي ضد أبناء شعبه، هو أسد ضد هذا الشعب المغبون، وفأر في الجولان، وأنه يتلقى الضربات والغارات الإسرائيلية بدون أي انزعاج طالما أنها لا تسعى إلى تغيير نظامه وإنهاء حكمه.