الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ضرورة الوعي الحقيقي.. سوريا نموذجًا

ضرورة الوعي الحقيقي.. سوريا نموذجًا

10.02.2015
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الاثنين 9-2-2015
في غياب الأجندة الحقيقية لما يدور في العالم من صراعات وخصوصا لدى العرب والمسلمين، فإن معظم التفسيرات والتحليلات تجنح إلى تبيين الأجندة الظاهرية لما يدور في حلبة الحروب والمعارك الباردة والساخنة، ولكن لو عرفنا التكتيكات التي يحقق من خلالها أرباب الحكومة السرية الخفية في العالم غاياتهم وسبرناها ووقعنا على أمثلتها السابقة والحاضرة وما يستشرف منها للمستقبل فإننا نستطيع عندها أن نشخص الصورة ونعطي – إن استطعنا – الدواء المناسب للداء أو على الأقل نعرفه فلا تضيع الدماء هدرا بلا سدى، ويجد المفكرون والحكماء أنفسهم مع النخب الأخرى على رأي سواء فيحافظون ويحفظون قدر الإمكان عمر العباد والبلاد ويحدون من سطوة الطغاة إما بتفويت الفرصة عليهم وعدم الاستجابة للكمائن التي يخططونها من باب الوقاية خير من العلاج أو يتدخلون بقوة الإدراك والإدارة والفكر والفعل وغالبا باللاعنف بداية مهما استطاعوا كي يخففوا من وطأة الكوارث على البلاد دون أن ينجرفوا مع التيارات، فيجرفوا معهم العوام والعديد من الخواص وذلك باتباع مخططات درسها الباحثون مثل جدلية "هيجل" أو سياسة الخطوة خطوة بحيث يقتنعون بذلك ويكون هو نفسه الهدف المتوخى من المعارضين وتتحقق المؤامرة.
ولذلك، فإننا نجد أن إسلامنا العظيم بما قرر من المصالح المعتبرة الحقيقية للأقوال والأفعال والأحوال بعيدا عن الوهم والخيال قد سبق أي سبق في هذا المجال، فنظر إلى الماضي والحاضر والمآل، يقول الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات ص 419: كل مسألة ترد فلابد من عرضها على الشريعة التي تعتبر الميزان العادل، فإن وافقتها نظرنا إلى الزمان وأحوال الناس فيه فراعينا الواقع قبل إصدار الحكم ثم عرضنا المسألة على العقل الذي هو أصل الشرع كما يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر ص 221 فإذا رفضها العقل النير السوي فعندها نؤجل الحكم ولا نتسرع، فالتريث في هذا مطلب مفيد للجموع وهو لن يكون إلا بما يخدم الشرع أولا والعقل وواقع الناس ثانيا، ومفاد كلامه رحمه الله واضح، فإذا أجريناه على الصراعات في زماننا أدركنا النفع العميم باتخاذ الإجراءات المناسبة للرد على المغرضين.
وعلى سبيل المثال: الوضع في سورية الذي أصبح قضية لا مجرد أزمة كما يعبرون عنها لا بد أن ندرس أن الحاكم الذي نصبه أرباب المؤامرات الخفية بشار كما نصبوا أباه لغرض حماية إسرائيل وأمنها إنما يأتي الحل فيه لإزاحته ونظامه بالتأتي الشرعي العقلي الذي لا يلعب على المبادئ والثوابت ولكن يستفيد من المتغيرات العصرية بما يجعلها تخدم هذه المبادئ، فالخبر الذي يقول مؤخرا إن بشار هو عضو في جماعة فرسان مالطا من الحكومة الخفية لا يستغرب البتة لأننا عرفنا مع ذلك أن الصهاينة يصلون ويتقربون إلى الله بأن يبقى بشار لأنهم معه ومع أبيه قبله مرتاحون وتتوسع مستوطناتهم في الجولان، فبهذا نعرف ما جدوى أن إسرائيل وأمريكا والروس والمجوس هذا المنحى ماديا ومعنويا وتأتي أحداث داعش لتكون ستارا لهذا المخطط الرهيب لإخماد الثورة السورية التي هب فيها الشعب السوري لنيل حريته وكرامته، وها هو من أكثر من أربعة أشهر يحقق انتصارات باهرة في الجنوب والشمال ووسط سورية رغم الفرق الشاسع في الحجم والمستوى من حيث العدة والعتاد والميليشيات المعينة لعصابة الأسد القاتلة، ولذا فلا يمكن إذا عرفنا حقيقة أجندة الأعداء إلا أن ننتصر عليهم طال الزمن أو قصر متوكلين على الله، ولن يفيد قول جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: يجب أن تجتاح تركيا سورية وتخلصنا من الأسد وداعش معا. فبعد كل هذا التفكير هذا ما خرج به علينا السيد بيكر، ولكننا ندرك أن عملية الانتصار للبشمركة خصوصا في عين العرب كوباني على داعش بتسليح دولي ما هو إلا حلقة في المؤامرة لإقامة كيان كردي متاخم لتركيا يهددها على الدوام، وما هو إلا رد من الأسد على أردوغان الذي صرح بأننا سوف نصلي في المسجد الأموي قريبا، بينما الإرادة الأمريكية الإيرانية لهذا المخطط لإضعاف تركيا الحليف القوي للثورة السورية وخاصة على المستوى الإنساني.
وعلى كل، فلا بد من البحث الواعي والدراسة الدقيقة لما يتآمر علينا الأعداء به حتى نعرف كيف نتعاطى مع الأحداث، وإلا فلا نجاح مع غياب الإخلاص والاختصاص معا.