الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عاشوراء سوريا

عاشوراء سوريا

03.11.2013
احمد عياش


النهار
السبت 2/11/2013
آلاف الشبان الذين يجنّدهم "حزب الله" للقتال في سوريا ليس من الامور التي يمكن أخفاؤها. فمشهد البلدات والقرى الجنوبية الخالية من زحمة الشبان تبدو واضحة للعيان في فترة الاجازات. لا يزال الجنوبيون يتذكرون حالة مماثلة ايام الاتراك حين جندوا في آخر أيام سيطرتهم آلاف اللبنانيين بمن فيهم الشيعة للقتال في الحرب العالمية الاولى. وقد روى الذين خاضوا هذه التجربة حكاياتها التي تناقلتها الاجيال حتى اليوم. ومنها ما سمعها كاتب هذه السطور من والده الذي نقلها عن والده أي الجد الذي كان مجنداً في صفوف الجيش التركي. وفيها ان مواصفات الشخص الملائم للتجنيد هو الذي يخضع بنجاح لتجربة انتعال الحذاء العسكري الذي دُسّ فيه مسماراً عن عمد كي يضايق من ينتعله. فاذا أظهر الشاب صبراً على اذية الحذاء جرى إلحاقه فوراً بالجيش. أما من أظهر انزعاجاً الى حدود الهلع اعتُبر غير صالح للتجنيد. وبالطبع ارتضت غالبية شبان ذلك الزمان تحمّل اذية الأحذية التركية لأن الامر يتعلق برجولتهم التي كلّفت لبنان آلاف الضحايا.
بالطبع لا يحتاج "حزب الله" الى اعتماد اسلوب الحذاء التركي كي يجذب الشبان للقتال في سوريا. فهو لديه وسائل إغراء أكثر فاعلية تتضمن إمكانات مالية ضخمة وماكينة دعائية تعمل ليلاً نهاراً في البيئة الشيعية كي تحثّ مَن له القدرة على حمل السلاح على تلبية "نداء الواجب". وأهم مبتكرات التحريض التي يشتبه في أنها من ابتكار إيراني هو شعار "زينب لن تُسبى مرتين" في اشارة الى ما حصل مع السيدة زينب شقيقة الإمام الحسين بعد موقعة كربلاء في العراق قبل أكثر من ألف عام وانتهى بها الأمر الى ضواحي دمشق التي أقيم فيها مقام شهير معروف باسمها. ولم يجد "حزب الله" في بداية الأمر صعوبة في اجتذاب الشبان بموافقة ذويهم الورعين للانخراط في معارك سوريا تحت شعار "نصرة" السيدة زينب. لكن، وبعد سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى صار ضرورياً تكثيف الاغراءات التي تتضمن تعويضات مالية كبيرة لا سيما بعد الوفاة. أما المال فموجود وبوفرة وليست هناك حاجة الى انتظار الشحنات منه من طهران بعدما تكفلت سيطرة "حزب الله" على مرفأ بيروت ومطارها ومصانع حبوب الكبتاغون المخدّرة التي لا تزال تعمل بهمّة عالية على توفير الموارد المالية اللازمة. ومثل شعار زينب حاول نظام بشار الاسد تحريض الاقليات المسيحية في سوريا على ان تحذو حذو "حزب الله" في لبنان. فكانت "أسطورة تدمير قرية معلولا". لكن النتيجة كانت تحريض هذه الاقليات على الهجرة!
تحل غدا ذكرى عاشوراء التي تبدا أيامها العشرة مع مطلع السنة الهجرية. هل من يسمع أصوات الأجنّة في بطون الامهات السوريات وقد باتوا هدفا لقناصة النظام السوري. انهم يصرخون كما صرخ الحسين: "هل من ناصر ينصرني؟".