الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عام كارثي لأطفال سوريا والعرب… إلى متى؟

عام كارثي لأطفال سوريا والعرب… إلى متى؟

10.12.2014
رأي القدس
رأي القدس



القدس العربي
الثلاثاء 9-12-2014
"في سوريا تأثر أكثر من سبعة ملايين وثلاثمئة ألف طفل بالحرب الأهلية بينهم 1.7 مليون طفل فروا من البلاد. وفي العراق تأثر نحو مليونين وسبعمئة ألف طفل بالصراع بينما يقدر عدد الأطفال الذين قتلوا او شوهوا هذا العام بسبعمئة على الأقل، وفي غزة قتل نحو 538 طفلا وأصيب ثلاثة آلاف وثلاثمئة وسبعون آخرون خلال حرب الخمسين يوما بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس، بينما شرد نحو سبعمئة ألف طفل في جنوب السودان وهناك 230 ألف طفل يعيشون كلاجئين".
هذا بعض ما جاء في تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أمس الاثنين اعتبرت فيه ان 2014 "عام كارثي" للأطفال الذين حوصر نحو 15 مليونا منهم في حروب تدور في العراق وجنوب السودان وسوريا والأراضي الفلسطينية وأوكرانيا وجمهورية افريقيا الوسطى.
وقال المدير التنفيذي للمنظمة أنتوني ليك إن العدد الكبير من الأزمات في العالم يعني أن الكثيرين من الأطفال أصبحوا طي النسيان أو لم يظهروا بشكل بارز في تغطيات وسائل الإعلام العالمية مثلما هو حال الأطفال في أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وباكستان والصومال والسودان واليمن.
وقال ليك في بيان "قتل الأطفال وهم يدرسون في الفصول… وهم نيام في أسرتهم… تعرضوا لليتم والخطف والتعذيب والتجنيد والاغتصاب بل حتى بيعوا كعبيد… لا تعي الذاكرة الحديثة مطلقا أن الكثير من الأطفال تعرضوا لمثل هذه الوحشية التي لا توصف."
ويبدو جليا لكل من طالع التقرير الدولي ان الاطفال العرب، يتقدمون على غيرهم في قوائم ضحايا الجرائم والحروب التي تستهدف براءتهم وحياتهم ومستقبلهم.
الواقع ان هذا التقرير الصادم يطرح اسئلة مشروعة بشأن امكانية استمرار هكذا وضع كارثي من الناحية الانسانية خاصة في ظل حالة من الانسداد السياسي والعجز عن الحسم العسكري تكاد تمثل قاسما مشتركا بين اغلب النزاعات العربية.
وحسب الارقام، فان الازمة في سوريا او "الحرب الاهلية" كما أسمتها اليونيسف تشكل رافدا رئيسيا في هذه المأساة التي يعيشها اطفال العرب والعالم ايضا، وهو ما يجب ان يعيد فتح ملف الاوضاع الانسانية الكارثية هناك. ومن الواضح ان القرار 2139 الذي اتخذه مجلس الامن الدولي في شهر شباط/ فبراير الماضي فشل في منع تفاقم الازمة الانسانية هناك، رغم انه صدر بإجماع نادر من كافة الاعضاء.
ومن الواضح ان ثمة غيابا فادحا للإرادة السياسية جعل أطراف الحرب اكثر حرصا اما على توصيل البراميل المتفجرة او ادخال الاسلحة والمقاتلين منهم على تقديم اي مساعدة انسانية لأولئك الملايين السبعة من الاطفال السوريين الذين يدفعون ثمن صراع لا ذنب لهم فيه.
بل ان المعاناة الانسانية تزداد بشكل مضطرد، وهو ما تؤكد الاخبار المتواترة عن تعرض اللاجئين السوريين، وخاصة الاطفال، الى اشكال عديدة من الاستغلال والتجويع والاضطهاد داخل سوريا وخارجها. وبينها على سبيل المثال لا الحصر، بدء محاصرة قرية عرسال الحدودية اللبنانية ومنع وصول المساعدات اليها في عقاب جماعي على ذبح "جبهة النصرة" لجندي لبناني، وهو دون شك عمل ارهابي مدان بكل قوة. وقبل ذلك قرار من برنامج الغذاء العالمي وقف تقديم المساعدات الغذائية لنحو 12 الف عائلة سورية في الاردن، وهو ما يعني حرمان عشرات الآلاف من الاطفال من الطعام، بدعوى "نقص المساعدات الدولية"(..). فاين ذهبت المساعدات والمنح المليونية اذن؟
لقد حان الوقت ليستمع الجميع الى صوت الانسانية في هذا النزاع الدموي، بدلا من تغييبه لمصلحة مصالح ضيقة او اجندات خاصة لسياسيين او متربحين من دماء المدنيين ومعاناة الاطفال، بغض النظر عن جنسياتهم او انتماءاتهم الحزبية او الايديولوجية. ومع اقتراب النزاع المسلح من دخول عامه الرابع، وبعد سقوط أكثر من مائتي الف قتيل وتشريد ملايين النازحين واللاجئين، لابد انه حان الوقت لهدنة انسانية شاملة يفرضها المجتمع الدولي لإنقاذ ملايين الاطفال بوقف هذا النزيف.
ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لملايين الاطفال في غزة والعراق والسودان والصومال الذين ينتظرهم شتاء قارس من التشرد والجوع والمرض، بعد ان أفلتوا من القنابل والصواريخ، اذ يجب على الامم المتحدة ان تسعى عبر مبادرات محددة الى انقاذهم بدلا من الاكتفاء بالبكاء على احوالهم. الا ان المسؤولية الاساسية تبقى على العرب أنفسهم، في ان يبادروا والا ينتظروا من الاخرين ان يكونوا اكثر رحمة باطفالهم.
اننا نعيش اليوم في عصر لا تقاس فيه حضارة الامم بضخامة الترسانات العسكرية ولا ارتفاع الابراج او عدد ناطحات السحاب، بل بمدى رعايتها للفئات الاكثر ضعفا وعوزا، وخاصة الاطفال والمعوقين وكبار السن والنساء. فمتى يلتحق العرب بركب الحضارة ولو على المستوى الانساني، خاصة بعد ان تخلفوا فيما عداه؟