الرئيسة \  تقارير  \  عام من النزوح العالمي‏

عام من النزوح العالمي‏

21.12.2022
‏‏‏فرح حسن

عام من النزوح العالمي‏
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
‏‏‏فرح حسن*‏‏ – (أذر ووردلدز) 14/12/2022
الغد الاردنية
الثلاثاء 20-12-2022
تتطلب أزمة النزوح العالمية التي حطمت الأرقام القياسية هذا العام مزيدًا من الحمايات والاستثمار من قبل المجتمع الدولي بدلاً من المزيد من اللامبالاة والقسوة.
كما تتطلب انتهاج سياسات إنسانية ترتكز على الاحترام والكرامة لجميع الناس.‏
* * *
تميز هذا العام بالسمة غير المرحب بها المتمثلة في كونه أول عام يشهد ‏‏نزوح أكثر من 100 مليون شخص‏‏ عن ديارهم في جميع أنحاء العالم.
ويذكرنا مثل هذا الحدث المذهل بضرورة بذل جهود أكبر لمعالجة الأسباب الكامنة التي تجبر هذا العدد الكبير من الأبرياء على الفرار من ديارهم.‏

بل إن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الوصول إلى هذه النقطة تم بحلول منتصف العام.
وقد نزح أكثر من 50 مليون شخص داخليًا في بلدانهم نفسها، وأُجبر ‏‏أكثر من 30‏‏ مليون لاجئ على الفرار من بلدانهم، وكان نحو 4.3 مليون شخص عديمي الجنسية وبلا دولة.‏
ماذا عن النزوح الناجم عن أزمة المناخ؟
جاء أكثر من 70 بالمائة من جميع اللاجئين من ‏‏خمسة بلدان‏‏ غارقة في صراعات عنيفة: سورية، وفنزويلا، وأوكرانيا، وأفغانستان وجنوب السودان.
وفي الوقت نفسه، أسهمت حالات الطوارئ المتعلقة بالمناخ -بما ‏‏في ذلك الفيضانات الشديدة في باكستان‏‏ ‏‏والجفاف في الصومال‏- إسهامًا كبيرًا في تزايد عدد النازحين داخليًا.‏
وقد رحبت العديد من البلدان باللاجئين هذا العام، على الرغم من التحديات الزلزالية والموارد المحدودة. في الأشهر الخمسة الأولى من حرب أوكرانيا، ‏‏قبلت‏‏ الولايات المتحدة أكثر من 100 ألف لاجئ أوكراني، بينما رحبت مجتمعات أخرى حول العالم بملايين آخرين.‏
هذا التعاطف في مواجهة الصراعات الدائمة هو أمر مشجع -وينبغي أن يمتد إلى جميع الأزمات.
كما حافظ اللاجئون على قدرتهم على الصمود في مواجهة هذه العقبات، وهو ما يدل على عزمهم الملهم وشجاعتهم التي نادرًا ما تتحدث عنها الأخبار.‏‏
لكن الدول تتبنى في كثير من الأحيان معايير مزدوجة في معاملتها للاجئين وطالبي اللجوء.‏
وينطبق هذا الواقع بشكل خاص على الهاييتيين، ‏‏الذين واجهوا‏‏ منذ فترة طويلة سياسات الهجرة التمييزية وسوء المعاملة في الولايات المتحدة -والتي تجسدت في صور عملاء دوريات الحدود الأميركية وهم يعتلون ظهور الخيل ويجلدون طالبي اللجوء الهاييتيين اليائسين في ‏‏ديل ريو‏‏ في تكساس العام الماضي.
وبين شهري تشرين الأول (أكتوبر) 2018 وحزيران (يونيو) 2021، ‏‏رفضت‏‏ الولايات المتحدة طلبات لجوء للهاييتيين أكثر من أي جنسية أخرى.‏
‏بعد عقود من الاضطرابات السياسية والاقتصادية، ‏‏تدهورت‏‏ الظروف المعيشية في هاييتي هذا العام بسبب عنف العصابات في أعقاب اغتيال رئيس البلاد في ذلك الحين، جوفينال مويس، في العام 2021. ويواجه ما يقرب من نصف سكان البلاد ‏‏الجوع الحاد‏‏.
كما أدى نقص مياه الشرب المأمونة والمرافق الصحية الأساسية إلى عودة متسارعة لوباء ‏‏الكوليرا‏‏.‏
ماذا عن النزوح الناجم عن أزمة المناخ؟
ونتيجة لذلك، اضطر العديد من الهاييتيين إلى الفرار من بلادهم، مما دفع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إلى ‏‏دعوة‏‏ جميع البلدان إلى “التضامن مع هاييتي” و”عدم إعادة الهاييتيين إلى بلد بالغ الهشاشة”.‏
‏لسوء الحظ، سرعت الولايات المتحدة عمليات ‏‏الطرد الجماعي‏‏ لأكثر من 25.000 هاييتي بين أيلول (سبتمبر) 2021 وأيار (مايو) 2022. وقد أعيدوا إلى هاييتي حيث يواجهون ‏‏الأذى‏‏ المحتمل والكوارث الإنسانية.‏
وتم تنفيذ معظم عمليات الطرد بموجب ‏‏المادة 42‏‏، وهي بند نادرًا ما يستخدم في قانون الصحة الأميركي، الذي احتج به الرئيس ترامب لأول مرة واستمر في عهد الرئيس بايدن من أجل منع الأشخاص من طلب اللجوء على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك بحجة منع دخول وباء “كوفيد -19”.
‏من خلال استخدامه لحرمان الهايتيين وغيرهم من الحق في طلب اللجوء، يشكل هذا الاستخدام للمادة 42 انتهاكًا صارخًا للقانونين، ‏‏الدولي‏‏ ‏‏والأميركي.‏‏
وهو تمييز يتنكر في صورة سياسة لمبدأ ضمان الصحة العامة، والذي تسبب فقط في خلق المزيد من الفوضى على الحدود.‏
وقد أكد حكم قاضٍ فيدرالي ذلك في تشرين الثاني (نوفمبر) من خلال ‏‏إلغاء‏‏ المادة 42، على الرغم من أن ما سيحدث بعد ذلك لم يتضح بعد. وفي خطوة أخرى إلى الأمام، ‏‏مدد‏‏ بايدن مؤخرًا وضع الحماية المؤقتة للهاييتيين الموجودين بالفعل في الولايات المتحدة.‏‏
لطالما كانت الولايات المتحدة ملاذًا آمنا للمضطهدين، لكنّ عليها بذل المزيد من الجهد لمعاملة جميع طالبي اللجوء باحترام والسماح لهم بالوصول الكامل إلى إجراءات عملية اللجوء.
وتؤكد المعاملة المتباينة للاجئين وطالبي اللجوء أيضًا الحاجة الأكبر إلى وضع نظام هجرة أميركي أكثر كفاءة وعدلاً وشمولية.‏
تتطلب أزمة النزوح العالمية التي حطمت الأرقام القياسية هذا العام مزيدًا من الحمايات والاستثمار من قبل المجتمع الدولي بدلاً من المزيد من اللامبالاة والقسوة.
كما تتطلب انتهاج سياسات إنسانية ترتكز على الاحترام والكرامة لجميع الناس.‏
*‏فرح حسن Farrah Hassen: كاتبة ومحللة سياسات وأستاذة مساعدة في قسم العلوم السياسية في كال بولي بومونا، تحمل درجة الدكتوراه في القانون.‏
نشر هذا المقال في موقع “عوالم أخرى” OtherWords تحت عنوان: A Year Of Global Displacement