الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عصابات الإرهاب في بر الشام ؟

عصابات الإرهاب في بر الشام ؟

18.03.2014
داود البصري


الشرق القطرية
الاثنين 17/3/2014
لعلها واحدة من نوادر السياسة وعجائبها وغرائبها في شرقنا العربي المنهك، في أن تكون المتناقضات والمعايير المزدوجة هي السائدة في أصول التعامل السياسي والأخلاقي مع الملفات الساخنة والملتهبة، فخلال مؤتمر بغداد الأخير للإرهاب والذي كان مجرد ظاهرة إعلامية صوتية ودعائية محضة، لجأ رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لرفع شعارات محاربة الإرهاب وعزله ومواجهته! وقد تناسى المالكي أن ذلك الإرهاب الذي يحاربه جزء كبير منه ينطلق من حاضنته القريبة منه تحديدا! وهي العصابات الطائفية العراقية التي يتحالف حزبه وائتلافه معها بشكل علني وواضح، وإن تلك الجماعات المسلحة وبما تمتلكه من ميليشيات خاضعة ومرتبطة ومدربة على يد الحرس الثوري الإيراني هي وجه من وجوه الإرهاب الفاضح في الشرق الأوسط بما تقوم به من ممارسات إرهابية وإجرامية وعمليات قتل ضد أبناء الشعب السوري الثائر وتحت يافطة الشعارات والدعايات الطائفية المنتحلة والتي لا علاقة لها بالواقع الميداني، لأن تلك العصابات قد باتت تقاتل خارج إطارها الافتراضي المعلن! فقد قاتلت بعيدا عن منطقة ريف دمشق التي كانت في البداية مسمار جحا للتدخل الميليشاوي قبل أن تنفضح الأمور والملفات لنرى عصابات (العصائب)، تقاتل بعيدا في حمص وحلب والقلمون ودرعا وكل نقطة أرض سورية ثائرة، ليتعدى الموضوع الإطار الطائفي المعلن لإطارات تحالفية أخرى تدعم وجود نظام دمشق الإرهابي وتدعم الحرب الإرهابية والفاشية ضد الشعب السوري وضد مستقبله ووجوده، المالكي وهو يحشد العالم لمحاربة الإرهاب لا يكلف نفسه لينظر حوله ويوقف زخم العصابات الإرهابية المرتبطة به والمتحالفة معه والتي تحدث عنها العالم وفي طليعتهم الحليف الأمريكي الذي طالب علنا بسحب تلكم العصابات العراقية من بر الشام! ولكنه يعلم بأن السيد المالكي لا يمتلك أصلا قرار السحب لكونه أيضا لم يكن يمتلك قرار التورط والإرسال، فهو مجرد منفذ لأوامر همايونية شبه مقدسة صادرة من قيادة الحرس الإيراني الثوري التي تخوض اليوم ومنذ ثلاثة أعوام بالتمام والكمال معركة المصير الواحد في بلاد الشام!، الدعوة العراقية لنبذ الإرهاب وعزله ومقاومته ستكون أكثر جدية ومصداقية لو أنها أقرنت الأفعال بالأقوال وتم تنفيذها ميدانيا بدلا من الدعايات الإعلامية التي فقدت مصداقيتها وبدلا من إطلاق الاتهامات الجزافية لدول إقليمية ليس من منهجها ولا مصلحتها التورط في ذلك الملف الشائك، وذلك بالسحب الفوري لجميع التشكيلات الميليشاوية المسلحة العراقية المقاتلة هناك والمعروفة أسماؤها ومسمياتها وقياداتها ودلالاتها وارتباطاتها وأهدافها، وهو قرار إستراتيجي سيحقق انحسارا قويا للإرهاب الطائفي فيما لو تحقق ولكنه لن يتحقق أبداً!! والأسباب معروفة ومشخصة ولا حاجة للاستفاضة في الشرح والتعليل والتبيان! كسب المعركة ضد الإرهاب لن يكون بخلط الأوراق والدعوة المشبوهة لفك الحصار حول نظام الأسد الإرهابي والمتورط في ملفات الإرهاب الدولي حتى الثمالة! بل بإجراء مقاربات فورية وسحب لعناصر الأزمة وتجفيف لمنابعها، وإنهاء لقواعدها، وتلك أمور غير متوفرة للأسف اليوم في الحالة العراقية المنهكة وملفات التوتر الكبير الذي يحيط بالوضع العراقي وحالة الانقسام الداخلي البشعة ووضع الاحتقان العام الذي يشل البلد بأسره في ظل استحقاقات سياسية كبرى ستؤشر تطوراتها القريبة على شكل وطبيعة المستقبل العراقي.. فليس بالأقوال والشعارات الفارغة وحدها تحيا الشعوب!