الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عقدة حلب والخطة الروسية الإيرانية

عقدة حلب والخطة الروسية الإيرانية

23.10.2016
د. وليد البني


 كلنا شركاء
السبت 22/10/2016
تتجه أنظار معظم المهتمين بالشأن السوري الى حلب ، بعد ان رفضت روسيا جميع العروض والتمنيات والمحاولات التي بذلها أكثر من طرف دولي  لفك الحصار عن أكثر من ثلاثمائة الف مدني سوري أصبحوا معزولين تماما دون اية إمكانية لإيصال المساعدات الغذائية والطبية اليهم ، ثلاثمائة الف إنسان غالبيتهم الساحقة من العائلات الحلبية الفقيرة التي تقطن منازل متواضعة مع العديد من الأطفال و التي لم تمكنها ظروفها من مغادرة حلب ، أو هم عائلات للمقاتلين الذين يدافعون عنها،  بينهم أقل من ثمانية الاف مقاتل ، قال دي مستورا ان أقل من ثلاثمائة منهم فقط  قد يكونون  مقاتلين ينتمون الى جبهة النصرة .
تصر روسيا على الحسم العسكري في حلب كمقدمة لفرض حل سياسي في سوريا ، معتمدة على القوة  التدميرية لسلاحها الجوي  مدعوماً بمليشيات تقاتل على الأرض ممولة من ايران، وهي في غالبيتها ذات خلفية طائفية كحزب الله اللبناني والكتائب العراقية والأفغانية .
إن نجاح روسيا في تمكين النظام ومليشيات ايران من دخول حلب الشرقية سيشكل نقطة تحول كبيرة في الحرب  السورية وسيؤدي الى اختلال كبير في موازين القوى لصالح ايران وميليشياتها ونظام الأسد  ، وخاصة بعدنجاح الضباط الروس في تمكين النظام من استعادة السيطرة على الكثير من المناطق المحاذية لدمشق وبعض مناطق حمص ، من خلال عقد اتفاقات مع سكانها تتضمن  إجلاء المقاتلين عنها وتجميعهم في إدلب الخاضعة لسيطرة النصرة ( من الملاحظ أن روسيا ترفض ارسال هؤلاء المقاتلين إلى اي منطقة أخرى خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة ما عدا إدلب الواقعة تحت سيطرة جبهة النصرة بالكامل) فبعد مضايا والزبداني تم اخلاء داريا والوعر وقدسيا والهامة  ، ثم المعضمية بينما تجري مفاوضات مع سكان كل من دوما والتل وحرستا وجوبر لمحاولة التوصل الى اتفاقات مشابهة ، وفي حال نجح الروس والإيرانيين  في السيطرة على حلب وإخراج المقاتلين وعائلاتهم منها وإرسالهم إلى إدلب ، ستكون روسيا وإيران قد نجحتا في تجميع قوى المعارضة السورية في ثلاث مناطق رئيسية ، اثنان منها يخضعان لتنظيمات مصنفة إرهابية من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي  ( أدلب وريفها تحت سيطرة القاعدة ، والرقة وريف دير الزور تحت سيطرة داعش) سيسهل تجييش العالم ضدهما ومن ثم استعادتهما الى سيطرة روسيا وايران ومليشياتها  بالتعاون مع الجميع أو دون اعتراض من أحد   ، وواحدة تتقاسمها  كل من تركيا وبعض الفصائل المسلحة المدعومة من قبلها في الشمال الغربي والميليشيات الكردية في الشمال الشرقي ، ولكلا الجهتين علاقات جيدة مع الروس ستمكنهم من ايجاد حلول قد يكون تم الاتفاق عليها مسبقا مع كل من تركيا وميليشيات صالح مسلم
هذا هو المخطط الروسي في دعم بقاء نظام الأسد وتقاسم النفوذ على سوريا مع ايران على ما يبدو، مع ضمان عدم قيام كيان كردي على الحدود التركية وإطلاق يد تركيا في تلك المنطقة لمنع اي تهديد لحدودها .
مع الاسف حقق هذا المخطط الكثير من النجاح الى حد الآن وقد ينجح فعلاً في قمع الثورة السورية نهائيا وخاصة بعد تحييد تركيا ، وضمان أمن اسرائيل واستغلال الإنشغال الأمريكي الحالي بالإنتخابات الرئاسية،  والعجز العربي الواضح عن الوقوف في وجه الطموحات التوسعية الايرانية.
الخطة الروسية الإيرانية  الحالية والتي هي في مراحلها الأخيرة ، يمكن إعاقتها فيما لو توفرت الشروط التالية أو بعضها  :
-صحوة عربية سريعة تتدارك العجز وانعدام التأثير على الحالة السورية ، والبدء فوراً بإتصالات جدية مع كل من روسيا وتركيا وتوصيل رسالة سريعة لهما بأن توافقهما مع ايران على حساب المصالح العربية لن يكون بلاثمن ، وأن العرب رغم التشتت والضعف الذي يعانون منه ، إلا أن إرادتهم في الدفاع عن مصالحهم ستنحي الخلافات جانبا وتجعلهم يوحدون مواقفهم .
-صحوة سورية تشمل السوريين بمختلف تلاوينهم العرقية والدينية والسياسية وفي الطرفين الموالي والمعارض غير المتورط بالفساد والدماء ، وهم يشكلون أكثرية الشعب السوري  بأن لا حليف حقيقي لهم سو وحدتهم وإرادتهم بالحفاظ على وطنهم.
-تعثر الخطة الإيرانية الروسية إلى حين وصول الإدارة الأمريكية الجديدة ونشوء تعاون امريكي اوربي يهدف الى وضع حد للطموحات الروسية الإيرانية ، وقدرة السوريين على الاستفادة من تناقض المصالح هذا للحفاظ على وطنهم دون الوقوع في التبعية لأحد المحورين .
-وقوع خلاف روسي ايراني ممكن ان يذهب النظام ضحيته،  وقدرة السوريين والعرب على الاستفادة من هذا الخلاف إن حصل