الرئيسة \  واحة اللقاء  \  على أبواب الجولة الثانية...

على أبواب الجولة الثانية...

08.02.2014
علي العبدالله


الحياة
الجمعة 7/2/2014
من الطبيعي ان تكون الفترة الفاصلة بين اختتام جلسات الجولة الأولى ل "جنيف2 " وانطلاق الجولة الثانية فترة تحرك نشط لطرفي الصراع والدول الراعية لتقويم الجولة الاولى ولاستكشاف أفق المستقبل وما اذا كانت ثمة تطورات او تغيرات في المواقف المحلية والإقليمية والدولية. فقد شهد مؤتمر الامن الاوروبي في ميونيخ عشرات اللقاءات الثنائية والمتعددة، ناهيك عن الندوات على هامشه، لبحث نتائج "جنيف2" واحتمالات حل الصراع، كما شهدت الفترة تحركات لوفد الائتلاف وبخاصة زيارته الى روسيا واجتماعه مع وزير خارجيتها ومساعديه.
ولعل اهم ما تم في هذه الفترة لقاء بيرن الذي ضم، وفق ما سرب، روسيا وإيران والائتلاف السوري، ومشاركة اميركية غير رسمية وفق قول نُسب الى السفير الاميركي روبرت فورد.
اتفقت التقديرات على تواضع نتائج الجولة الأولى من "جنيف 2" حيث لم تحقق نتائج ملموسة، لا في الميدان الإنساني ولا في إقامة الهيئة الحاكمة الكاملة الصلاحيات التي ستدير المرحلة الانتقالية، واعتبرت إنجازها الوحيد حصولها وعدم انسحاب أي من طرفي الصراع، واتفاقهما على مرجعية بيان "جنيف1"، مع تباين في رؤيتهما بخصوص أولويات المفاوضات.
لقد اعتبر عقده انجازاً هاماً لأنه كرس خيار الحل السياسي من دون النظر الى المعطيات الميدانية حيث واصل النظام عملياته العسكرية وتوسع في استخدام البراميل المتفجرة للإجهاز على ما تبقى من أحياء وبلدات ومواطنين. صحيح ان جلسات الجولة الأولى لم تكن مثمرة، فالفجوة بين وفدي النظام والائتلاف واسعة. فالأول لم يأت ليفاوض بل ليستنزف خصومه ويمنح قواته مزيداً من الوقت للقضاء على المقاتلين وتدمير ما بقي من البيئة الحاضنة للثورة لإحراج الائتلاف ودفعه الى الانسحاب، أو لتحقيق حسم عسكري وإنهاء مبرر التفاوض. لكن الاهم هو الموقف السلبي الذي اتخذته الدولتان الراعيتان، بخاصة الجانب الروسي الذي غادر وفده جنيف بعد انتهاء جلسة الافتتاح وترك موظفين من الدرجة الثالثة لمتابعة الجلسات، حيث لم يُبذل جهد مناسب لدفع الطرفين المتفاوضين الى تحقيق إنجاز على صعيد الميدان الانساني ووقف القتال، كما لم يضغطا على النظام لوقف القصف بالبراميل المتفجرة. وقد برر البعض هذا الموقف السلبي بوجود قناة تفاوض موازية هي الأساس، في اشارة الى ما أشيع عن لقاء تم في العاصمة السويسرية بيرن، ومفاوضات جنيف "الشكل الخارجي" للتفاوض.
فهل تريد موسكو الإبقاء على استعصاء مفاوضات جنيف بينما هي تفاوض الائتلاف سراً على مصالحها في سورية؟ لقد سُربت قائمة مطالب موسكو في لقاء بيرن كثمن لتنفيذ بيان "جنيف1" جاء فيها: الالتزام ببقاء القاعدة الروسية في طرطوس، وبعقود النفط والعقود العسكرية والاتفاقات والمعاهدات السياسية بين البلدين، وبالديون الروسية على النظام بما في ذلك ثمن الاسلحة التي سلّمت اليه أخيراً، وإعطاء الروس حصة 50الجمعة 7/2/20141 من أعضاء مجلس الامن القومي السوري الذي سيتشكل في اطار الحل. وتأكد توجه موسكو السلبي من المفاوضات في تحفظها على مناقشة قضية الوضع الانساني في سورية في مجلس الامن الدولي وتهوينها من عدم التزام النظام بالجدول الزمني لتسليم الاسلحة الكيماوية.
فالحرص على نجاح المفاوضات وبلوغ حل سياسي تنفيذاً ل جنيف1 واستثمار انجاز إطلاق المفاوضات، تستدعي فتح ممرات للتقدم وأولها وقف القتال ورفع الحصار عن المدن والبلدات والقرى وإدخال المواد الغذائية والأدوية، فما جدوى جلسات التفاوض ما لم يُشع النظام مناخاً ايجابياً للبدء بتنفيذ بنود السيد كوفي انان الستة فيبعث الامل في نفوس المواطنين.
لن تكون المفاوضات سهلة، فكل التقديرات تشير الى مفاوضات صعبة وطويلة مع عدم استبعاد الفشل في ضوء موقف النظام الرافض لأي تخلٍ عن السلطة بالقبول بإقامة هيئة حاكمة كاملة الصلاحيات، والصراعات الاقليمية والدولية على سورية، وهذا يستدعي التوجه الى مجلس الامن لإصدار قرار لوقف اطلاق النار وفتح ممرات آمنة لإدخال الاغذية والأدوية وإعادة الكهرباء والماء الى كل المناطق، وإخراج المقاتلين الأجانب، كل المقاتلين الأجانب، كي يُفتح الطريق امام التفاوض ويصبح بلوغ اتفاق سياسي في متناول اليد.