الرئيسة \  واحة اللقاء  \  على عتبات العام الرابع للثورة السورية

على عتبات العام الرابع للثورة السورية

27.03.2014
سعاد نوفل


القدس العربي
الاربعاء 26/3/2014
تدخل الثورة السورية عامها الرابع ولا تزال سفينة الموت تُبحر بدماء البسطاء من السوريين، ممن لم يستطع ترك البلاد والرحيل إلى حيث الأمان له ولأسرته.
ولنكن صادقين مع أنفسنا في هذه الوقفة، ونقول إن الكثير من السوريين باتوا اليوم يترحمون على أمرين: فمنهم من يترحّم على ما قبل الثورة، وهم ممن التزم ‘الحياد’، أي الرماديون، ومنهم من انخرط بالثورة لتكون ستارا لتاريخه غير المُشرّف وحماية لماله وعياله، وهم المتسلقون؛ أما البعض الاخر فهم الناشطون المدنيون الذين أرادوها سلمية كما بدأت، وعملوا على هذا الاساس ولم يحملوا السلاح، لكن دخول المتأسلمين على خط الثورة الذي لم يكن مفاجئاً، فمجازر حماة عام 1982 وهروب قيادات حزب الأخوان المسلمين، وترك الشعب تحت مطرقة الموت من قبل الاسد الاب ما تزال شاهدة عليهم. والمتأسلمون هم الذين يسعون جاهدين لتطبيق فكرهم بالقوة مستخدمين الدين الإسلامي وسيلة لتنفيذ مشروعهم. وفي الثورة السورية ظهروا بشكل جلي وكان لوجودهم وقعا سلبيا، حيث استطاعوا إفراغ الثورة من مضمونها الثوري الشعبي عندما ألبسوها عباءة الإسلام، وبذلك منحوا النظام فكرة محاربة الإرهاب والتطرف، فهم الخنجر المسموم الذي انغرس بخاصرة الثورة وفتح فيها.. لن نقول ثغرة، إنّما تسبب بتسمم جسمها. هذا بالضبط ما أراده النظام السوري.. أظهروا للشارع الثوري بعض الانتصارات على الأرض، لجعل الثوار يلتفون حولهم، ولكن سرعان ما سقط هذا القناع وبانت عوراتهم. فتنظيم ما يسمى ‘داعش’ شتت الثورة، وأفرز عناصر جُل عملها هو الإساءة لها في محاولة إظهارها بأنها العدو الأوحد للشعب. فرض الاستبداد الذي مارسه هذا التنظيم على الشعب باسم الدين الإسلامي، جعل الناس تترحّم على أيام النظام، وهذا ما أرادته عصابة الأسد عندما تمكنت بهذه الأداة التوأم الحقيقي لها أن تحوّل الثورة إلى صراع، حيث حاربت الكنائس واحتلتها، وفرضت الجزية على الاخوة المسيحيين السوريين، وهنا اظهرت للعالم أنّ الأقليات ستُعدم في حال سقوط الأسد وتسّلمهم السلطة، وأيضا محاربة الكرد السوريين ومضايقتهم في قُراهم، وبذلك هي تنفّذ كلام النظام بالحرف، عندما قال في بداية الثورة انّ ما يحدث في سورية هو فتنة طائفية وليس ثورة. داعش بسلوكياتها تمزق النسيج’الاجتماعي السوري والنظام من جهته وبمساندة إيران يشق الصف ما بين العلويين والسنّة بالحرب المفتوحة عليهم.. ما تقوم به داعش هو خدمة مجانية للنظام.. داعش تعمل على تعزيز التخلّف بكل أشكاله، وتقف بوجه الإنسان وتمتهن كرامته ورغبته بالحياة الكريمة. هذا لم يُحوّل مسار الثورة فقط، وإنما زاد من ويلات السوريين، وبات ذراعا للموت فنجد الجلد بالسوط والذبح بالسيف وقطع الأيدي، غالبا أمام العامّة لتربية شخصيات معقدة ودموية مستقبلا. لم يعمل هذا التنظيم إلا على تشويه الدين الإسلامي وتشويه الإنسان من الداخل.
ونحن اليوم على أعتاب عام جديد للثورة، ومن خلال مشاهداتنا للشارع السوري ممن تبقى طبعا فيه إن كان بالداخل، أو ممن حمل أسرته ونزح لبلد آخر، أو سكن في مخيم بائس، نستطيع أن نقول: ما من أحد بقي يتغنّى بأمجاد الثورة إلا من نال حفنة من مال مسروق تحت اسم غنيمة او بيتا كَبّر عليه، والأمر بات مكشوفا لأبسط الناس. وطبعا السرقة هنا لم تعد تقتصر على المحتاج، إنّما تعدت لتشمل المُتنفذين الذين وجدوا في الثورة فرصة لزيادة ثروتهم وجشعهم الذي لا نهاية له، وذلك عن طريق زج أحد ابنائهم أو إخوتهم بلواء إسلامي، وبذلك يضمن حماية وزيادة لأمواله وتجارته، وفي الوقت نفسه يكسب لقب أبو الثوار. عند هذه الوقفة نكون قد وصلنا لمقولة الثورة باتت ثروة للبعض من ضعاف النفوس وما أكثرهم.
صراع أراده النظام في سورية وأطراف أخرى ساندته، وأعتى المحللين لا يمكنهم التكهّن بما تحمله السنة الجديدة من عمر الثورة للسوريين.
‘ ناشطة عايشت الثورة لعامين ونصف العام
في الرقة قبل أن تضطرها داعش إلى الملجأ التركي