الرئيسة \  واحة اللقاء  \  على غرار بدايات الثورة السورية..الأجهزة الأمنية تقمع مظاهرات سلمية في السويداء بالسلاح الأبيض وتعتقل

على غرار بدايات الثورة السورية..الأجهزة الأمنية تقمع مظاهرات سلمية في السويداء بالسلاح الأبيض وتعتقل

17.06.2020
هبة محمد


على غرار بدايات الثورة السورية..الأجهزة الأمنية تقمع مظاهرات سلمية في السويداء بالسلاح الأبيض وتعتقل مشاركين فيها
القدس العربي
الثلاثاء 16/6/2020
دمشق – "القدس العربي" : اعتقلت أجهزة أمن النظام السوري، امس الاثنين، عدداً من المتظاهرين من مدينة السويداء، جنوب سوريا، وأرسلتهم إلى المعتقلات في العاصمة دمشق، وذلك بعد مهاجمة عناصر الأمن والشرطة المظاهرات السلمية للمرة الأولى منذ اندلاعها في المدينة، بعدما تبنت سقف مطالب سياسية مرتفعاً، تمثل بالمطالبة برحيل النظام السوري وإسقاط بشار الأسد، الأمر الذي أثار حفيظة السلطات التي أوعزت للجهات الأمنية باعتقال المتظاهرين والاعتداء عليهم بالسلاح الأبيض، بمساعدة ميليشيات محلية نظمت بدورها مسيرة سرية في المكان ذاته.
وقالت مصادر محلية لـ "القدس العربي" إن قوات الأمن هاجمت المتظاهرين بالعصي والسكاكين والحجارة وذلك في ساحة السير وسط مدينة السويداء واعتقلت أكثر من 7 متظاهرين ونشطاء مدنيين، أحدهم مدرس فصل من دوامه بحجة الاعتصام.
وحسب مدير شبكة أخبار "السويداء 24" ريان المعروفي فقد شهدت ساحة السير انتشار تعزيزات أمنية بحجة "حفظ النظام والأمن الداخلي" وعناصر من ميليشيا "كتائب البعث"، أمام قيادة شرطة السويداء، على مشارف الساحة، التي تجمع فيها العشرات في مظاهرة طالبت بإسقاط النظام السوري ورفعت شعارات الحرية والتغيير السياسي، وذلك تزامناً مع "تجمع العشرات من موالي السلطة وخروجهم بمسيرة موالية للرئيس السوري، حيث هاجمت الأجهزة الأمنية المظاهرة وفضوها بالقوة، ونفذوا حملة اعتقالات، ساندهم فيها موالو النظام الذين خرجوا بمسيرة مؤيدة".
وقال إنه رصد عبر أشرطة مصورة "لحظة تنفيذ أجهزة الأمن وعناصر حفظ النظام، اعتقالات في صفوف المتظاهرين السلميين، المطالبين بالتغيير السياسي، في ساحة السير وسط مدينة السويداء، وذلك بعد تهجم مؤيدي السلطة والتابعين لحزب البعث على المظاهرة السلمية، حيث حصلت اشتباكات بالأيدي".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات النظام والأجهزة الأمنية التابعة لها، اعتقلت 10 متظاهرين، جراء خروجهم بمظاهرة مناوئة للنظام السوري في مدينة السويداء، وسط استمرار التوتر والاستنفار، عقب مهاجمة المظاهرة أيضاً من قبل موالين للنظام، حيث طالب المتظاهرون برحيل الأسد وإسقاط نظامه، وإخراج المعتقلين من أفرع النظام الأمنية، ووفقاً لمصادر المرصد، فإن الموالين عمدوا إلى مهاجمة المتظاهرين وضربهم بأدوات صلبة، ما تسبب بوقوع عدد من الجرحى في صفوف المتظاهرين، تزامناً مع انتشار أمني كثيف تشهده مدينة السويداء منذ الصباح.
وكتب أحد الشبان تعقيباً على مهاجمة عناصر الأمن للمظاهرات السلمية، جاء فيه "الذي حصل اليوم هو مجموعة شباب يدعون علناً وأمام كل العالم لتجمع الساعة 11 في ساحة الكرامة، مقابل مجموعة دعت بشكل سري لتجمع مضاد. لماذا بشكل سري؟ كي لا يلغي الشباب تحركهم، وكي يحصل صدام، وبالتالي هذا تعدٍ مقصود بالقانون. ببساطة لو طلبوا الساحة ودعوا لوقفة في هذا المكان لكنا أخلينا لهم الساحة كما فعلنا في مرة سابقة، ولكنهم غير مهتمين بالساحات، لأن الساحات لرأي الشعب، ورأي الشعب آخر ما يعنيهم".
وأضاف "لماذا هاجموا المتظاهرين على الرغم من صرخة المتظاهر "سلمية" ..قولاً واحداً ومن فهم مقاربة النزاعات، لأن العنف وسيلتهم وهذا لا يترك مجالاً للشك عند الموالي العاقل أنهم من أطلق النار على المظاهرات عندما كانت سلمية، أي أنهم لا يحتاجون العنف ليبادلوه بعنف، بل ينتجون العنف لنبادلهم بعنف.. والله سنبقى سلميين وسنعلمكم الأخلاق وسنفاجئكم ونقض مضجعكم، وستفهمون ماذا نقصد عندما نقول عن شخص إنه حر.. الأيام قادمة لا سلاح يحمينا غير الحق… والأيام تثبت". وناشد الناشط المجتمع بفئاته على اعتبار أن ما فعلته قوات النظام الأمنية "غدر وكمين، اذا ترون أن من شيم الجبل وأخلاقه أن تضرب الناس بعضها في الشارع بسبب كلمة فأنتم لا تعرفون الجبل، أما إذا كنتم تعرفونه فأشيروا للمعتدي وابصقوا عليه، واحموا أولادكم فهم أحرار لن يعودوا ولن يرجعوا ولن يستكينوا عن الحق".
وتعتبر مظاهرات السويداء مربكة بالنسبة للنظام السوري لجهة تأثيرها على سرديته التي يتبناها حول حمايته للأقليات، وادعائه أن سبب الأزمة في البلاد هي تنظيمات متطرفة مرتبطة بالخارج. وفي هذا الصدد يحدد الخبير السياسي السوري محمد سرميني جملة من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات الشعبية وهي ملف الممتنعين عن الالتحاق بالمؤسسة العسكرية التابعة للنظام السوري من أبناء المحافظة، وعدم التوصل إلى تصور نهائي لحلحلة هذا الملف رغم محاولة وضع تصورات عديدة خلال الأعوام السابقة، كلها لم تبصر النور، وسوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية، التي تخيم على سوريا عموماً في الآونة الأخيرة، وأبرز فصولها تمثل بانهيار غير مسبوق لقيمة الليرة. إضافة إلى غياب الدور الاقتصادي والخدمي للنظام السوري عن محافظة السويداء، والحرص على الوجود الأمني فيها فقط، واستمرار محاولات التجنيد لشبان المحافظة عن طريق بعض الأحزاب الموالية للنظام أو الزعامات الدينية، وكان آخرها قيام حزب "الشباب الوطني السوري" بتجنيد بعض الشبان للقتال في ليبيا تحت قيادة "فاغنر" الروسية.
كما أن من الأسباب الهامة لاندلاع الاحتجاجات الشعبية هو بداية سريان قانون "قيصر" وما حمل في طياته من رسائل سياسية تفيد بصعوبة أو استحالة تعويم النظام من جديد. ومن الواضح أن توجيه الحراك الشعبي يتم عن طريق نشطاء شبابيين، بدون وجود دور ملموس للزعامات الدينية أو القبلية.
 
درعا
 
وحول مستقبل الحراك في السويداء، فقد رجح الخبير السياسي أن يكون مرتبطاً بعدة عوامل مهمة وهي، موقف مشايخ عقل الدروز الذين يمثلون مرجعية لشريحة واسعة من أبناء المحافظة، كالشيخ يوسف جربوع و حمود الحناوي وموقف الفصائل المحلية وخاصة فصيل "رجال الكرامة" الذي يعتبر الأكثر شعبية في السويداء، حيث لا يزال موقف تلك الفصائل ضبابياً، إضافة إلى الاستراتيجية التي سيتبعها النظام السوري لمواجهة الاحتجاجات، وفي هذا السياق من غير المستبعد اللجوء لورقة داعش وتسهيل وصول خلايا تابعة للتنظيم إلى السويداء لتنفيذ تفجيرات وعمليات أمنية على غرار ما حصل عام 2018، بالإضافة إلى استخدام بعض المرجعيات الدينية المتحالفة مع النظام مثل الشيخ حكمت الهجري الذي أصدر بياناً له في الثاني عشر من الشهر الجاري يعتبر فيه المظاهرات "مظاهر بشعة وخروجاً عن التقاليد والأصول وقلة أدب". فضلاً عن حجم التدخل الدولي في ما يجري بمحافظة السويداء، وإمكانية رعاية بعض الدول لتسوية بين النظام السوري والمكونات الشعبية بما يضمن عودة الهدوء للمحافظة.
وإلى مدينة درعا المجاورة، رصدت مصادر متطابقة كتابات وعبارات مناوئة للنظام السوري والإيرانيين، جرت كتابتها على جدران أحياء ومدارس بلدة الكرك الشرقي في ريف درعا الشرقي، وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن بعض تلك العبارات "لا للاحتلال الإيراني، إيران تطلع برا" و"المعتقلون أو الحرب".
وتأتي هذه الخطوة التصعيدية من الأهالي، بعد خروج عشرات المواطنين بمظاهرتين، الأولى في درعا البلد في مدينة درعا والثانية في بلدة الجيزة في ريفها، حيث طالب المتظاهرون بإخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا وإسقاط النظام السوري والإفراج عن المعتقلين الذين يقبعون في أقبيته، كما هتفوا بشعارات أكدوا خلالها على وقوفهم إلى جانب الاحتجاجات الأخيرة المناوئة للنظام ورأسه في محافظة السويداء.