الرئيسة \  مشاركات  \  عليها أن تقلع عن دعم الإرهاب قبل أن تشن الحرب على داعش؟

عليها أن تقلع عن دعم الإرهاب قبل أن تشن الحرب على داعش؟

15.09.2014
الطاهر إبراهيم





نستطيع القول من دون تردد: إن أكثر دولة تمارس الإرهاب في العالم هي إسرائيل. وقد شهد العالم كله أن واشنطن كانت تقدم الدعم دائما لإسرائيل في عدوانها، وأن آخر ذلك الدعم كان في حرب إسرائيل على غزة في آب 2014 عندما شنت حربا كاسحة على قطاع غزة وبعد أن حاصرته تجويعا وتقتيلا وتدميرا، وقد دعمتها في ذلك واشنطن.
ليس هذا فحسب، فلقد غضت واشنطن الطرف عن نجدة الشعوب المظلومة، كما حصل عندما شن بشار أسد حربا تدميرية على الشعب السوري. وقد وثقت الأمم المتحدة مقتل مائتي ألف ما بين طفل وامرأة وشيخ وما لم يوثق كان أكثر.عدا عن آلاف المعتقلين والمفقودين وعن ملايين المهجرين  داخليا وخارجيا.
ليس هذا فحسب، فقد حظرت واشنطن على دول المنطقة التي تشتري السلاح منها أن تقدم أي سلاح إلى المعارضة السورية،خصوصا السلاح المضاد للطائرات الذي يحمل على الكتف، ما أفسح المجال لطيران بشار كي يقصف براميله على السكان الآمنين في المدن السورية، فقتل وهدم حتى لم يترك حجرا على حجر. لقد كان منظر الأطفال والنساء والشيوخ الذين تستخرج أجسادهم من بين الأنقاض يدمي الصخر، لكنه لم يليّن قلب أوباما.
وعندما حانت الفرصة لكي يستفيد السوريون من خضوعهم لنفس الإرهاب الذي يهدد إسرائيل عندما استعمل بشار السلاح الكيماوي في قتل أكثر من 1400 مدني في غوطة دمشق الشرقية ،سارعت موسكو لإنقاذ بشار أسد فعرضت على أوباما أن يتم نزع السلاح الكيماوي الأسدي، فوافق على ذلك ونسي تهديده في قوله: "الكيماوي خط أحمر".
وعندما وقف الشباب السوري في وجه بشار وشبيحته وشكلوا جبهات قتالية، بادرت واشنطن لتضع أنشط هذه الجبهات في قتال بشار أسد على لائحة الإرهاب، مع أن هذه الجبهات حصر مقاومتها ضد جنود بشار ونظامه فحسب . اللافت أن واشنطن استثنت الميليشيات الشيعية من قائمة الإرهاب ،مثل ميليشيا أبو الفضل العباس وعصائب أهل الحق وميليشيا بدر وغيرها. بل لقد غضت واشنطن الطرف عن أشدها تطرفا وإرهابا، وهو حزب إيران الذي يقوده الإرهابي الكبير حسن نصر الله.
لم يظهر تنظيم الدولة الإسلامية داعش في ساحة القتال ضد بشار أسد في سورية إلا في أوائل عام 2013. قبل ذلك اقتصر على قتال الأمريكيين وحكومة المالكي في العراق. قامت حركة أحرار الشام وجبهة النصرة وفصائل أخرى بتحرير مدينة الرقة وأسقطوا تمثال حافظ أسد في 4 آذار من ذلك العام، وانطلقوا يحررون باقي الرقة. ولأن المقاتلين لم يكن يشغلهم إلا تحرير الأرض من حكم بشار أسد، فإنهم في غمرة انخراطهم  في قتال عسكر نظام بشار ومن يواليه فقد استغل داعش ذلك واستولى على مراكز السيطرة في المدينة. واستطاع بالمكر والخديعة أن يخرج باقي الفصائل من الرقة وقام باغتيال بعض قادتها. وبذلك دانت له الرقة بمجموعها. خلال ذلك لم تحرك واشنطن ساكنا ضد هذا التنظيم، ما يعني أن حربه على حركة أحرار الشام وجبهة النصرة وافق هوى في نفس أوباما.
ويبقى أن اجتياح التنظيم بعد ذلك شمال العراق وغربه من دون مقاومة تذكر من جيش العراق الذي أشرفت واشنطن على تسليحه، وخلال ثلاثة أشهر، يثير أكثر من علامة استفهام! وعندما نضيف لذلك سكوت نظام بشار على توسع داعش في محافظة الرقة ودير الزور، وردود فعل واشنطن غير المبالية يجعلنا نقول: " الأمر فيه إن"! (1). إن توافق واشنطن ونظام بشار على السكوت على جرائم تنظيم الدولة ضد المقاتلين من أهل السنة يجعلنا نعتقد جازمين أن هذا الأمر لم يأت عفو الخاطر، وأن ذبح المقاتلين من أهل السنة في سورية هو مطلب للطرفين.
واشنطن تشمر اليوم عن ساعدها لتشن حربا أمريكية في المنطقة. يجب أن لا يجعلنا ذلك نعتقد أن ذبح الصحفيين الأمريكيين كان هو السبب الأساس. لاأريد أن أتوسع في هذا المقال باستكناه الأسباب الحقيقية وراء ذلك، كي لا أكون كضارب الرمل. لكني أؤكد أن الأمر فيه إن وهو أن تستكمل حلقات التآمر على أهل السنة في المنطقة.
قد تجد بعض الدول العربية نفسها مشاركة بشكل أوبآخر في حرب واشنطن على تنظيم الدولة داعش. وهذه الدول تريد في الحقيقة إخراج هذا التنظيم من المعادلة التي تحكم سياسة المنطقة. لكنها لا تطمئن إلى سياسة واشنطن التي لا تخفي تعاونها مع الحكومة العراقية القديمة الجديدة التي تصدر عن سياسة ولي الفقيه في طهران، التي ما فتئت تكيد لدول المنطقة.
الطرف الآخر الذي تحاول واشنطن زجه في حرب داعش هي الجبهات التي تقاتل نظام بشار . لكنا نعتقد أن هذه الجبهات لن تدخل تحت راية واشنطن في قتال داعش، رغم أن هذا الأخير لم يدخر وسعا في حربها. ولن يقف مع واشنطن إلا جبهة ثوار سورية وهو تشكيل صغير إذا ما قورن مع جبهة النصرة وأحرار سورية ولواء التوحيد ولواء الإسلام التي ترفض الانخراط في هذه الحرب. يتداول في صفوف هذه الفصائل أن حسان عبود الذي اغتيل مع كوكبة كريمة من إخوانه، قال قبل أيام من اغتياله أنه لن يشارك في الحرب على داعش. ويعتقد البعض أن تصريح حسان عبود كان أحد الأسباب التي دفعت القاتل المجرم لاغتياله مع إخوانه، والبعض يشير باصبع الاتهام لنظام بشار المجرم.
ـــــــــــ
(1) يشير هذا المثل إلى ما جاء في سورة القصص: إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك.