الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عمق مشكلة اللاجئين السوريين

عمق مشكلة اللاجئين السوريين

12.01.2014
د. عبدالله جمعة الحاج


الاتحاد
السبت 11/1/2014
بتوجيهات من حضرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، انطلقت يوم الخميس 19 ديسمبر 2013 حملة "قلوبنا مع أهل الشام" بغرض جمع التبرعات للنازحين السوريين إلى دول جوار سوريا جراء الحرب المستعرة، وقد لقيت الحملة تجاوباً من قبل المواطنين والمقيمين، بالإضافة إلى جهات عدة من القطاع الخاص، وقد بلغت الحصيلة بعد انتهاء الحملة الإعلامية مبالغ مالية وصلت إلى حوالي 130 مليون درهم، بالإضافة إلى التبرعات العينية الأخرى. وأتت تلك الحملة لإغاثة اللاجئين من موجة البرد القارس التي تمر بدول الجوار السوري، حيث يتواجد اللاجئون، خاصة الأردن وتركيا ولبنان والعراق، وأدت إلى تردي أوضاعهم المعيشية والإنسانية.
ودون شك أن سعي الإمارات للتخفيف من معاناة هؤلاء المنكوبين مشكور ومُقدَّر وينطلق من بواعث إنسانية محضة لا مصالح أو أهداف سياسية وراءها، لكن المشكلة أكثر عمقاً وتجذراً من أن تحلها مبادرات دول المنطقة الفردية، فسوريا وأهلها منكوبون الآن بنظام حكم ظالم همه الأول البقاء في السلطة والتشبث بها، ما يجعل المعاناة الحالية للسوريين الأكثر إيلاماً في تاريخهم قديماً وحديثاً، فإلى الأمس القريب كانت بلادهم هي التي تستقبل اللاجئين إليها طلباً للسلامة والأمن وهرباً من الفظائع التي تواجههم. إن سفك الدماء الحاصل الآن يدخل عامه الرابع، وقد ترتب عليه حتى الآن حوالي خمسة ملايين بين نازح ولاجئ داخلياً وخارجياً مع توسع القتال والقصف وتزايد حدته وشموله كافة أرجاء القطر.
إن حالة اللاجئين خطيرة جداً، خاصة مع عدم وجود طرق آمنة وسالكة للوصول إلى أكثرهم حاجة للمساعدة في الداخل ما يفاقم أوضاعهم السيئة يوماً بعد يوم. وتشير تقارير هيئات الإغاثة التي تتعامل مع أوضاعهم بأن حوالي مليوني سوري تركوا بلادهم إلى دول الجوار طالبين السلامة والأمن خارجها، وبأنه خلال العام المنصرم 2013 كان حوالي 50 ألف سوري يغادرون بلادهم كل أسبوع حتى أنهم باتوا ينشدون اللجوء إلى دول شمال أفريقيا وأوروبا، لكن العديدين منهم لا يصلون إلى وجهاتهم المنشودة سالمين، وينتهي بهم الأمر إما أن يصبحوا عالقين في مناطق القتال، أو أن يموتوا خلال رحلاتهم الخطرة نحو الحدود. ومعظم اللاجئين الذين يتمكنون من عبور الحدود يقومون بذلك تحت جنح الظلام دون أن يكون لديهم شيء سوى الملابس التي يرتدونها، ويروون قصصاً فظيعة حول الجحيم الذي تركوه خلفهم.
هذه المأساة يجب أن تتوقف، وأن يتم إيجاد حل سياسي لكي يعود السلام إلى سوريا والأمن والطمأنينة إلى شعبها، رغم أنه وفقاً للمشهد الحالي توجد شكوك لدى البشرية في أن يكون حلول ذلك اليوم قريباً. وفي الوقت نفسه، فإن ما يمكن لنا فعله في الإمارات هو أن نستمر في مساعينا من منطلقات إنسانية تهدف إلى حفظ أرواح السوريين وكرامتهم، وأن نقدم المساعدات التي يمكننا تقديمها عن طريق السماح لنا بالوصول إلى المحتاجين إليها أينما كانوا.
وصول هيئات الإغاثة الإماراتية، خاصة الهلال الأحمر إلى المهجرين والنازحين واللاجئين أينما كانوا لا يزال هو التحدي الأكبر، فمواد الإغاثة والأموال اللازمة وطرق إيصالها متوافرة لدينا، لكن المداخل والمخارج الخاصة بإيصالها بأمن وسلامة إلى الذين هم في حاجة إليها بطرق صحيحة هي المعضلة الكبرى، وما هي قادرة دولة الإمارات على إيصاله من مساعدات بسهولة يذهب جله إلى المخيمات التي أقامتها وتشرف عليها وتديرها في الأردن