الرئيسة \  مشاركات  \  عملية قطارات تورنتو وتورط ايران ... إيران وسياسة استنزاف الاستخبارات المركزية

عملية قطارات تورنتو وتورط ايران ... إيران وسياسة استنزاف الاستخبارات المركزية

27.04.2013
جاسم محمد


أكد قيادي إسلامي في مدينة تورنتو الكندية لـCNN  يوم 23 ابريل 2013 ، أن "نصيحة" من أحد الأئمة المحليين، قادت الشرطة إلى إحباط ما وصفته  ب مخطط إرهابي كبير، واعتقال كل من شهاب الصغير، ورائد جاسر، المشتبه بقيامهما بالتخطيط لاستهداف قطار ركاب في  تورنتو الكبرى .وبحسب الشرطة الكندية حصلا الاثنين على توجيه ودعم من عناصر تابعة لتنظيم القاعدة موجودة في إيران . جاءت بالتعاون بين عناصر وزارة الأمن الداخلي وهيئات أمنية أخرى ومكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكي "اف بي اي".  وقد ذكر  Jonathan Eyal رئيس معهد ألخدمات ألملكي للدراسات الامنية بان خطة استهداف القطارات الكندية تمت على اراضي ايرانية . واضاف ، أن الوكالات الاستخبارية الغربية على اطلاع بنشاط القاعدة داخل الاراضي الايرانية. أن أعتقال كل من شهاب الصغير، ورائد جاسر بعد متابعة مشتركة من قبل ال اف بي اي / مكتب التحقيقات الاميركية والاستخبارات الكندية ولفترة طويلة منذ شهر اوكست 2012 ولحد الان يعطي مصداقية اكثر بتورطهما في المحاولة الارهابية  وتورط  أيران .
 
جهود دبلوماسية مكثفة
لقد تسارعت الاحداث كثيرا مع سخونة الازمة في سوريا  لتشهد منطقة الشرق الاوسط زيارات  وزير الدفاع الاميركي هيغل ووزير الخارجية كيري للمنطقة هذا الشهر ابريل 2013 واستقبال اوباما الى امير قطر في البيت الابيض في 23 ابريل 2013 مع الزيارة المحتملة للعاهل الاردني الى واشنطن هذه الشهر ايضا  ، جميع هذه الزيارات والنشاطات تتجه باتجاه دفع الولايات المتحدة لاتخاذ قرارات اكثر حسما اتجاه الازمة في سوريا  والتي من شانها تمهد الطريق باتجاه ايران ،مع احتمالات ان يكون هنالك تغير دراماتيكي في الموقف الاميركي والالماني الممانع بتسليح المعارضة  أو الخيار العسكري.
ويعكس تصريح وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيغل ذلك  قائلا :"، إن إسرائيل لا تحتاج إلى موافقة أميركية، عند اتخاذها قرار توجيه ضربة عسكرية لإيران وكيف تكون هذه الضربة، وذلك في إطار دفاعها عن نفسها ". واحتلت مسألة إمكانية اتخاذ موقف دولى من الأزمة السورية الجارية، الصدارة خلال مناقشات وزير الدفاع  في زيارته الى عمان في 23 ابريل 2013.
 
هواجس اميركية
ان حادثة تفجير بوسطن صعدت من هواجس اميركا من الارهاب والاسلام فوبيا ولا نستبعد ان تكون هذه الحادثة أنذر الى اوباما وادارته والاجهزة الاستخبارية في الولايات المتحدة . بينما كان المدير العام الوطني للاستخبارات يقوم بمهام الاشراف والتنسيق بين 17 من أجهزة ووكالات الاستخبارات الاميركية، إضافة الى عمل هذه الأجهزة هناك عمال وزارة الامن الداخلي التي تقوم بتوحيد جهود ومهمات 22 دائرة ووكالة اتحادية تضم 240 ألف شخص . ان ادارة اوباما  في موقف لايحسد عليه اما الكونغرس بعد استجواب ال اف بي اي من قبل الكونغرس بعد تفجيرات بوسطن ، وربما هذه الحادثة تؤكد الانتقادت التي وجهت سابقا الى اوباما بالتراخي ومهادنة الخصوم ، لذا قد يكون رد فعل ادارته اكثر حسما ومختلف تماما عن قراراته النمطية . ويرجح مراقبون ان تكون واشنطن التي عادت لتواجه خطر الإرهاب مباشرة متمثلا بتفجيري بوسطن، قد اقتنعت أخيرا بان الملف السوري لم يعد يحتمل بقاءها في موقع المتفرج على صراع بات ينزلق إلى تطورات خطرة جدا خاصة بعد إعلان حزب الله عن دخوله مباشرة في المعركة.
 
شبكات تجسس ايرانية
تملك إيران شبكة من ألجواسيس يبلغ تعدادها 30 ألف يشاركون في النشاطات السرية التي تتراوح من التجسس وسرقة التكنولوجيا إلى الهجمات الإرهابية بالقنابل والاغتيالات، وفقًا لتقرير سري صدر عن البنتاغون. وكشف التقريرأن طهران تتعاون مع القاعدة وحزب الله للقيام بعمليات تخريب وتجسس في الدول الغربية وخلص التقرير إلى أنّ وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية هي واحدة من أكبر وكالات الاستخبارات وأكثرها حيوية في الشرق الأوسط . وتدعم الوزارة بنشاط الفريق الراديكالي الإسلامي الحرس الثوري الذي شارك في تفجيرات إرهابية من الأرجنتين إلى لبنان، وفقاً للتقرير الذي صدر عن وزارة الدفاع الأميركية .وقد حصل موقع "واشنطن بيكون" على نسخة من التقرير الذي يتألف من 64 صفحة، ويشير إلى أنّ  وزارة الاستخبارات الإيرانية تقدم الدعم المالي والتكنولوجي، أو غيرها من الخدمات لحزب الله، وتنظيم القاعدة في العراق، وهي منظمات تعتبر إرهابية بموجب القرار التنفيذي رقم 13224 الصادر عن الولايات المتحدة .
 
 أشتباك ايران استخباريا مع الولايات المتحدة
توصف  العلاقة مابين ايران والقاعدة بالمزدوجة والمركبة تشترك في عدائهما للولايات المتحدة الاميركية وافشال مشروعها في الشرق الاوسط ، من خلال الاشتباك المباشر معها على الارض عسكريا واستخباريا وكذلك من خلال حلفائها من داخل دول النزاع. فالسبب الاول لحلفهما غير المعلن يكمن في ان الاثنان يشاركان العدو الاول وهو امريكا، والسبب الثاني ان ايران هي بوابة العبور في الدخول والخروج من والى كل من افغانستان والعراق، ثالثاً قد يكون تودد القاعدة لايران وعدم مهاجمة المصالح الايرانية لرغبة القاعدة في الحصول على المواد الاشعاعية لاستعمالها في هجومات مستقبلية، وايضاً مصلحة ايران بابقاء امريكا تحت عبئ القاعدة في العراق وفي باكستان وافغانستان ،ومصلحة القاعدة في ابقاء حلف غير معلن مع ايران له مصالح مشتركة لكل الطرفين.
هنالك عدد من المطلوبين من تنظيم القاعدة موجودين في ايران بينهم اسرة بن لادن : ابنته فاطمة واربع من اولاده : عثمان محمد ، لادن وسعد بالاضافة الى عناصر من الخط الاول في القاعدة رغم ان البعض منهم وضعتهم ايران تحت الاقامة الجبرية كاجراء احترازي لحماية نفسها من القاعدة وكشفت رسائل بن لادن الكثير عن هذه العلاقات .
ومن بين قيادات القاعدة هنالك  سيف الدين العدل المسؤول عن اركان عمليات القاعدة واستخباراتها و ياسين السوري/ اسمه الحقيقي  عز الدين خليل حيث عرضت الاستخبارات الاميركية مكافأة مالية  وهي الاكبر بعد المكافأة الممنوحة الى من يجد  ألظواهري  وقيادي اخر ملقب بالكويتي  وغيرهم . ايران هي  معبر القاعدة  من الباكستان الى الشرق الاوسط  ، لكن  ألعلاقة مابين ايران والقاعدة شهدت تعقيد في الاشهر الاخيرة مع سخونة المواجهة مابين المعارضة / التنظيمات الجهادية والقاعدة ضد نظام الاسد. وفي مطلع هذا العام 2013 ابعدت أيران سليمان ابو الغيث صهر بن لادن من  ايران الى تركيا وهو في طريقه  ألى الاردن ،لكن تم اعتقاله وترحيله الى اميركا . وكانت هذه الخطوة مقصودة من ايران للايقاع بابو الغيث بعد تسريب الخبر ـ  ان كانت ايران تريد سلامته لابعدته عن طريق الباكستان  ـ . كذلك سربت ايران خبر مغادرة احد اولاد بن لادن في عام 2009  من ايران  الى باكستان وقتل بعملية " درون" / طائرة بدون طيار وهذا يعني ان ايران تلعب اللعبة المزدوجة استخباريا ففي الوقت التي تستفيد من قيادات القاعدة ضد اميركا فهي تسرب اخبار القاعدة ألى الولايات المتحدة  للتخلص منهم ، بعد ان تنتفي الفائدة  منهم  او تفقد سيطرتها . وهذه العمليات تعكس المبد ألبراغيماتي  لايران :" لاتوجد سياسة ثابتة لكن مصالح ." .
ألعلاقة مابين القاعدة وايران تعكس ارتكاز ايران على الحرب غير التقليدية بالاعتماد على الميليشيات وخلاياياها الاستخبارية وشبكة جواسيس  في الدول الاهداف ومنها في الدول الخليجية واوربا واميركا. وما ظهرت على المشهد السياسي من فشل عمليات مخابراتية وارهابية في اسيا : تايلند وماليزيا وفي اوربا : المانيا وفي اميركا وكندا جميعها هي خلايا مخابراتية ،ولا نستبعد ان  قامت ايران بتحريكها ومنها  ألمحاولة الارهابية في كندا يوم 23 أبريل 2013 . أن استعراض عمليات ايران التجسسية والتخريبية في الدول الاهداف تعكس البؤس الاستخباري ونقص التدريب المخابراتي  لشبكاتها وقد يكون حرص ايران على عدم  اشراك خلاياها الاستخبارية من ألحرس الثوري او اطلاعات او فيلق القدس  ،محاولة منها  بعدم تقديم أدلة بتورطها  . تعرف  أيران  جيدا ان وقوع  عملائها  في الاسر  يعكس نتائج سلبية على تنظيماتها الاستخبارية ، لذا هي تدفع بوكلائها في الخارج . هذه العمليات الغير نوعية وغير مكلفة  من شانها تكلف الولايات المتحدة والغرب كثيرا وتستنزفهم استخباريا  وتصب بخدمة الملف النووي  ، لان هذه العمليات الاستخبارية سوف تشغل الولايات المتحدة وتربك علاقاتها مع حلفائها لتخفف الضغط  الاعلامي والسياسي والاستخباري على الملف النووي الايراني وقضايا اهم .
 
ألملف النووي الايراني أولا
و يتضح من قرار الحكم الصادر عن محكمة في نيويورك كانون الاول 2011 أن إيران دربت نشطاء من القاعدة الذين ساعدوا من بين ما ساعدوا به في شن الهجمات الارهابية على السفارات الأمريكية في نيروبي ودار السلام 1998 . ويشير تقرير اللجنة الأمريكية بخصوص التحقيق في احداث 11 أيلول 2001 أن المعتقلين الذين تم التحقيق معهم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أبلغوا أن إيران وافقت على مرور نشطاء القاعدة فوق أراضيها في طريقهم الى أفغانستان .واعتبر التقرير أن الاستخبارات الإيرانية تتعاون مع القاعدة على الرغم من الخلافات الايديولوجية والدينية   وأضاف:" يستند التعاون بين إيران وتنظيم القاعدة على معارضتهم المشتركة للهيمنة الأميركية في العراق وأفغانستان والمنطقة" .يشار إلى أنّ الجنرال المنشق عن وزارة المخابرات الإيرانية، علي رضا أصغري، زود إسرائيل بمعلومات استخباراتية عن سوريا، من ضمنها المفاعل النووي وسوريا ، الذي تعرض للقصف في العام 2007  . أن محاولة خلية ايران باستهداف قطارات كندا تؤكد البؤس الاستخباري عند ايران على نقيض الخبرات الميليشية . الخلية الايرانية لم تستطيع كشف المراقبة عليها منذ تعقبها من قبل ال اف بي اي في الولايات المتحدة  في اوكست 2012 والى تاريخ دخولها كندا 23 أبريل 2013 ، بالاضافة الى ان خطة العملية تم تسريبها عن طريق " امام جامع " في اميركا بالتعاون مع ال اف بي اي . و الكشف عن شبكة الجواسيس الإيرانية بالاشتراك مع القاعدة  في ألمنطقة جاء ليؤكد الشكوك بأن طهران لم تتوقف عن نشاطاتها الاستخبارية الخارجية رغم انشغالها بالملف النووي وسوريا .
____________
*كاتب في قضايا الارهاب والاستخبار
 
المصادر
1ـ صحيفة ناشينول بوست و مجموعة تقارير من الصحف الكندية الصادرة في 23 ابريل 2013
2 ـ الثوار السوريون ضد حزب الله/ صحف عبرية / معاريف  أساف جبور 23.ابريل 2013
3 ـ روسيا اليوم 23 ابريل  2013 بعنوان لخارجية الايرانية: الحكومة الكندية أخذت على عاتقها مهمة التخويف من ايران
4 ـ جريدة الامارات /تفجيرات بوسـطن توقظ وحش المخــاوف الأمنية الأميركية في 23 ابريل 2013
5 ـ ميدل ايست اون لاين أوباما يستقبل امير قطر في 23 ابريل 2013
6 ـ تسخين جبهة الاردن السورية / عبد الباري عطوان / القدس 23 أبريل 2013
7 ـ وزير الدفاع الأميركي: صفقة الأسلحة رسالة إلى إيران/ القبس 23 ابريل 2013
8 ـ تقرير طالب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري / دوتش فيلة الالمانية 23 ابريل 2013
9 ـ تقرير علاقة ايران بالقاعدة / شبكة انا مسلم
10 ـ يس ان ان / زيارة وزير الدفاع الاميركي عمان في 23/ ابريل 2013
11 ـ أ ف ب / 23 ابريل 2013 / تصريحات وزير الدفاع الاميركي للصحافة حول زيارة اسرائيل
12 ـ تقرير الديلي تلغراف بالنسخة الانكليزية 23 ابريل 2013   Canada terror plot: Iran's complex al-Qaeda  بقلم David Blair