الرئيسة \  مشاركات  \  عناق الربيعين

عناق الربيعين

16.06.2014
د. محمد أحمد الزعبي





في الشهر الثامن من العام الماضي ( 26.08.2013 ) نشرنا مقالاً بعنوان " دمشق أم الربيعين " ( إشارة إلى ربيع دمشق عام 2000 ، وربيع ثورة آذارالسورية عام 2011 ) ، أشرنا فيه إلى العلاقة التي سمحت لنا بالربط بين تسمية مدينة الموصل بـ " أم الربيعين " ، وإطلاقنا نفس التسمية على مدينة دمشق ، ولكن من منظور سياسي وليس مناخي ( أنظر الحوار المتمدن ، 26.08.2013 ). واليوم ( حزيران 2014 ) ، وبعد أن انطلقت في الموصل ، وبالتالي في العراق الشقيق ، ثورة " الشرف والكرامة " ، لتلتحق بأخواتها ثورات الربيع العربي في تونس والقاهرة وطرابلس وصنعاء ودمشق وتضيف إلى ربيع البحتري الطبيعي، ربيعاً سياسياً عربياً جديداً ، باتت الأختان(دمشق والموصل ) على موعد مع هذا العناق ، الذي ترتبط فيه أخوة الجغرافية مع أخوة التاريخ ، ارتباطاً أخوياً ، إن لم يكنارتباط التوأمة، فإنهارتباط الأسرة الواحدة على أية حال .
يتخوف كثير من المناضلين العرب ، من عدم استطاعة ثورة حزيران 2014 العراقية ( الربيع العراقي ) ، أن تصمد أمام عاصفة التحالف الإمبريالي ـ الصهيوني ـ الفارسي ، والتي يمكن أن تكون عاصفة هوجاء ، تقتلع الأخضر واليابس ، ليس في العراق وسورية وحسب ، بل وفي كافة الأقطارالعربية التي دخلتها روائح ياسمين الربيع العربي أيضاً .
لانستطيع أن ندفن رأسنا كالنعام في التراب ، ونتعامى عن مثل هذا الخطر، الذي يمكن أن يكون على الأبواب، ولكن لابد من أن نقف مع ذلك ، بل وبالرغم من ذلك ، عند قول المتنبي: (وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام) ، وعند قول أبي القاسم الشابي :( إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر) ،وأيضاً عند المثل الشعبي القائل (مالذي يلزمك أن تتجرع المر ؟ والجواب : ماهو أمر منه ! ).
 
إن وضع إنسان أو شعب بين خيارين ( أحلاهما مر ) هو أمر صعب بدون شك ، والخياران المعنيان هنا ، هما عيشة الذل أو الموت ، وهو مالخصت بهما ثورة آذار السورية أيديولوجية طغمة بشارالأسد الديكتاتورية والعميلة بشعار ( نحكمكم أو نقتلكم ) . وهو ماينفذه حرفياً نوري المالكي هذه الأيام في العراق ، هذا المرتزق الذي وصل إلى الحكم ليس فقط على حساب دماء أطفال العراق ولقمة عيشهم ، وإنما أيضاً على حساب كرامة شعب العراق وحريته .
إن مانسيه بشار الأسد ومستشاروه ، وما ينساه الآن نوري المالكي ومستشاروه ، هو " الخيارالثالث " خيار " هوسة النشامى " في وجه من جاؤوا على ظهر الدبابات الأجنبية ، والذي يقول لهم ، بالفم المليان، يمكنكم أيها العملاء أن تنالوا من أجسادنا ، ولكنكم أبداً لن تنالوا لامن إرادتنا ، ولا من صمودنا ، لقد شب شعبنا في الوطن العربي عامة ، وفي سورية والعراق خاصة ، عن الطوق ، وما عاد ممكناً أن يقبل بحكمكم العميل والفاسد من ألفه إلى يائه .
إن الخيار الوحيد الباقي أمامكم أيها الفسدة ، هو أن تنفذوا بجلودكم ، وترحلوا إلى حيث ألقت ... غير مأسوف عليكم ، ولسوف تلاحقكم لعنة التاريخ ، على مااقترفت أيديكم بحق من لاذنب لهم ، سوى أنهم يريدون أن يعيشوا بحرية وكرامة ، وفي ظل نظام ديموقراطي تعددي تبادلي ، لافضل فيه لأحد على أحد إلاّ بالتقوى ، وحكم الدستور والقانون . إرحلوا أيها العملاء .