الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عندما يفاوض أولئك باسم الثورة السورية العملاقة

عندما يفاوض أولئك باسم الثورة السورية العملاقة

05.02.2014
الطاهر إبراهيم


القدس العربي
الاثنين 3/2/2014
فرح السوريون كثيرا عندما كسر الشباب السوري المتظاهر حاجز الخوف الذي غرسه حافظ الأسد في صدور الشعب السوري على مدى ثلاثين عاما. وقد أكمل بشار الأسد بالعشرة أعوام أو تزيد جدار أبيه، بل وعمّق حاجز الخوف هذا. لا أكون مغاليا لو قلت إن كسر المتظاهرين حاجز الخوف كان فتحا مبينا. ولولا ذلك لبقيت أجهزة أمن بشار تفتك في الشعب السوري خوفا واعتقالا وقتلا، ثم لا تجد سوريا يجرؤ على أن يقول لا لمخبر من أجهزة المخابرات، أو يرفع عينيه في وجه أحد أعوان السلطة.
لم تقف الثورة عند حد التظاهر، فقد بدأ الانشقاق في صفوف الجيش النظامي، وبدأت كتائب الجيش الحر تقاتل جيش بشار، الذي انكسرت شوكته حتى أنه لم تعد تستطيع طائرة أن تهبط في مطار دمشق، وأصبح زوار بشار يأتون عن طريق لبنان. كما هجر مكتبه في قصر الشعب الذي كلف السوريين المليارات. وبدأ يستقبل ضيوفه في جناح في أحد أجهزة المخابرات. وبدأ الإعلام الغربي والعربي، العد التنازلي لسقوط الدولة البوليسية التي أفنى حافظ الأسد عمره في إنشائها وتحصينها، لتحميه وتحمي رثته من بعده.
وسارعت إيران بأن زادت دعمها لنظام بشار الأسد وفتحت خزائنها لتمويل آلة الحرب الأسدية، بعد أن هبطت الليرة السورية من 50 ليرة للدولار عند بدء الثورة إلى أكثر من 300 ليرة لكل دولار.
وسارع حسن نصرالله فدفع ميليشيا حزبه داخل سورية، وفتح نوري المالكي حدود العراق لتدخل منه ميلشيا أبو الفضل العباس لتقاتل إلى جانب النظام، وزودت موسكو طائرات النظام بالبراميل التي دمرت البلاد وقتلت العباد، وبدأنا نلحظ تفوقا لقوات النظام وتراجعا لفصائل الجيش الحر، الذي كان يفتقر لأسلحة فعالة في مواجهة آلة النظام الحربية.
خلافا لما كانت تقوم به موسكو وطهران من دعم لقوات بشار وحلفائه، بقيت واشنطن ترفض تزويد كتائب الجيش الحر بمضادات للطيران، بل وتمنع حلفاءها أن تفعل ذلك، ما أثر تأثيرا مدمرا على تماسك وحدات الجيش الحر. في هذا الوقت تصاعدت في المناطق المحررة شكوى المواطنين مما يقوم به تنظيم دولة العراق والشام ‘داعش’ من قتل واعتقال. ودخلت وحدات عسكرية من الجبهة الإسلامية في قتال مع داعش. وأدت هجمات النظام وحلفائه وقتال داعش مع الجبهة الإسلامية ومع جبهة النصرة إلى إصابة السوريين بإحباط.
في هذه الأثناء كانت واشنطن تطبخ في كواليس المعارضة السورية طبخات مسمومة، فبعد أن أرغم معاذ الخطيب أول رئيس للائتلاف على الاستقالة، بدأت واشنطن تضغط لإضافة عدد من الليبراليين واليساريين لتعديل الكفة مع الإسلاميين. حين أشهر الائتلاف في ديسمبر/كانون الاول 2012 كان عدد أعضاء الائتلاف 65 عضوا. وبضغط من واشنطن أضيف 23 عضوا من مجموعة ميشيل كيلو لوحدها، وأصبح العدد 121 في يونيو/حزيران 2013، وليتبين أن المجموعة الإسلامية لا تملك إلا سبعة أعضاء فقط، بمن فيهم أربعة أعضاء لمجموعة العمل الوطني التي كانت يوما من الأيام في صفوف الإخوان المسلمين. وجرى الانتخاب ففاز أحمد عاصي الجربا بالرئاسة، بفارق صوتين عن مصطفى الصباغ الأمين العام السابق للائتلاف.
كان مقصود واشنطن من هذه المسرحية واللف والدوران، أن تكون هناك أكثرية في الائتلاف توافق على الذهاب إلى جنيف، ثم توافق على البيان الختامي الذي سيصدره المؤتمرون بنهاية المؤتمر، وهكذا كان. ورغم كل ذلك لم يوافق على الذهاب لجنيف إلا 58 من 121 عضوا.
كانت المهزلة الكبرى هي نوعية أعضاء الوفد المفاوض، الذي كان لا يملك خبراء في صفوفه يكونون أهلا لمواجهة وفد نظام عريق في اختلاق الأكاذيب، بل كانت هناك علامات استفهام حول أشخاص وضعوا في واجهة وفد الائتلاف. أحدهم كان مقربا من محمد حمشو اليد اليمنى للملياردير رامي مخلوف ابن خال بشار أسد. وآخر قدمت له إحدى الدول العظمى قبل سنوات مبلغ خمسة ملايين ريال ليفتتح بها قناة فضائية ناطقة بالعربية. وثالث أحضر معه شركة دعاية بريطانية تقاضت مبلغ مليون ريال من الائتلاف.
أخيرا، ربما يكون الأخطر هو ضم الوفد المفاوض أشخاصا كانوا إخوانا مسلمين قبل سنوات قليلة. وسنجد أن الإخوان أصبحوا شركاء من دون علمهم، في أي إساءة يرتكبها أعضاء وفد الائتلاف المفاوض بحق الثورة السورية.