الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عندما يصبح السوريون محط اذلال اشقائهم!

عندما يصبح السوريون محط اذلال اشقائهم!

01.05.2013
حسام وعدي العسّال


القدس العربي
الاربعاء 1/5/2013
شعبٌ عربيٌ سوري رزح في ظل عهودٍ ظلامية وتحت قبضةٍ أمنية وحُكم بيدين من حديدٍ ونار، حُرِّم عليه حتى الكلام بل ومجرد أن يتناول حاكمه في خياله بنيةِ سوء، عهودٌ انتفت منها الحرية فأراد الشعب انتزاعها رغم كل الأنوف وإن كلفه ذلك حياته لكنه سيكفلها لأطفالها، فالحرية كلفتها عالية مريرة لكنها تستحق وتستحق. من الكُلف الباهظة للثورة ذلك الكم الهائل من اللاجئين في دول الجوار. لستُ هنا بصدد تناول الموضوع بشقه السياسي.. إنما هي رؤية انسانية تلقي الضوء على معاناة اللاجئين السوريين ومدى ما وصل إليه فئةٌ من العرب في الدول المستضيفة وعلى قلتهم من عنصرية فجّة ولا إنسانية مثيرة للحنق، لكن تلكم هي حال الدنيا وحال ساكنيها يتلذذون بإذلال مَـن ضَـعُفَ ونالت منه الدنيا.
لا أستطيع إنكار ما تدعيه الحكومات العربية المستضيفة للاجئين بأن وجودهم عبءٌ عليهم ومُستنزفٌ لقدراتهم الشحيحة ولست بموقف المتنكر لتلك الدول بخصوص استضافتهم والتعاون معهم وإنما أدعو لأخذ القضية بمنظورٍ إنساني بالدرجة الأولى وتغليبه على الشق الأمني (مع أهمية عدم إغفاله)، حيث أن هذا اللاجئ لم يصل إلينا ليُزعزع أمننا ويتآمر علينا وإنما أتى متخلياً عن كل ما يملك أملاً بالنجاة بروحه وروح أصلابه..أملاً بالبقاء حيــاً.
ما ينبغي على الحكومات المستضيفة وشعوبها أن تعمل على إرساء معاني التعاضد العربي الإنساني والإحتضان الحقيقي لأخٍ ضاقت عليه الدنيا بما رَحُـبَـت وحولته فريسة للنظام ومتسلقي الثورة فأضحى اليوم من استطاع النجاة بروحه لاجئاً مَسخاً يُنظرُ إليه كلغمٍ قابلٍ للإنفجار بأي لحظة، حيث ظهرت العديد من التصريحات والممارسات العنصرية في الدول المستضيفة وصلت حد مناقشة القضية في البرلمان الأردني في جلسةٍ اتسمت بعنصريةٍ فجّـة ومفاجئة حيث تمت مهاجمة اللاجئين وحملتهم مسؤولية كل مصيبة وعثرة حلت بالأردن وووصلت الأمور حد إطلاق إتهامات لا أخلاقية بحق اللاجئات السوريات، متغافلين في جلستهم المقيتة تلك عن ‘نيرون’ دمشق حيث لم يشيروا إليه ولا حتى بإستخدام هاء الغيبة. أما في لبنان فأصبحت رائحة العنصرية تجاه اللاجئ السوري تزكم الأنوف من فرط قباحتها، حيث يتم التصريح بذلك جهاراً نهاراً وعبر العديد من الشخصيات الرسمية ووسائل الإعلام المعروفة، منحازين ضدهم عرقياً محملين إياهم مسؤولية حتى أدنى مشكلة تحل بلبنان، حتى أن هناك بعض الإتهامات عكست قدراً كبيراً من السُخف والسذاجة حيث اتُــهِم اللاجئون بأنهم يمثلون خطرا كبيرا على الهوية الوطنية اللبنانية.. في الوقت الذي فشل فيه اللبنانيون في الوصول لهويةٍ وطنية جامعة لكل اللبنانيين منذ التحرر من الإنتداب الفرنسي وحتى يومنا هذا.
من أشد ما مثل لي صدمةً أن العديد من مهاجمي اللاجئين السوريين مرّوا بقسوة ومرارة التجربة عينها، حتى أن العديد منهم لجؤوا في سوريا ذاتها متناسين كذلك فضل تلك الأرض عليهم، حيث وصف شاعر العروبة نزار قباني دمشق بقوله ‘.. والذين سكنوا دمشق، وتغلغلوا في حاراتها وزواريبها الضيقة، يعرفون كيف تفتح لهم الجنة ذراعيها من حيث لا ينتظرون..’.
التعامل مع قضية اللجوء يتوجب أن يكون عبر أيادٍ عربية متشابكة وأكتافٍ متعاضدة.. كلٌ يساهم ويمد يده بما يتمكن، وكذلك يتوجب عدم ترك دول الطوق تغرق وتتحمل وحدها أعباء الإغاثة.
فنصرة اللاجئ إغاثةٌ للملهوف، إحياءٌ للإنسانية، إعزازٌ للعروبة ونصرةٌ للدين والثورة.