الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عند حلب لم يعد الصمت ممكناً

عند حلب لم يعد الصمت ممكناً

02.06.2016
أسعد مصطفى


هافينغتون بوست عربي
كلنا شركاء 30-5-2016
اجتاحت دبابات الجيش السوفييتي (رفاق بوتين) مدينة براغ في ستينات القرن الماضي؛ لتخنق أول نزوع نحو الحرية في شرق أوروبا. بعد عشرين عاماً انهار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو وعم ربيع براغ. ياروزولسكي الرئيس البولندي قال إنه ما زال يشعر بالتمزق والأسى لإرسال القوات البولندية لسحق ربيع براغ .القوات التي دخلت براغ هي ذاتها التي تدك مشافي حلب وأسواق إدلب وكل مناطق سوريا، وتعربد على حدود تركيا لقطع شريان الحياة بين الثوار وأهلهم هناك. وتنشئ -وبمباركة أميركية- جيباً لمليشيا الـpyd ليكون خنجراً يطعن الثورة السورية وتركيا، ويشوه دور الأكراد وتضحياتهم، ويرسم فصلاً جديداً من سايكس بيكو الأسود.
كم سيندم حكام وحكومات على ما فعلوه بالثورة السورية بعد سقوط نظام دمشق ومشروع الملالي وثعلب الضاحية.
لا يحق لأحد الصمت بعد محرقة حلب ومعارك الكاستيلو، التي تدور منذ مطلع عام 2014.
حلب لأنها القاصمة، وبوابة الشمال والحصن الذي يمنع تقسيم سوريا، مدن دمشق ودرعا وحماة واللاذقية وطرطوس تركت “محمية” للنظام، وحمص سلمت مدمرة والآن يريدون حلب ثم الرقة ودير الزور (وديعة صنيعتهم البغدادي) وبعدها يتفرغون للريف السوري العظيم الذي استعصى على كل خطط الكريملين وقم وسراق أوسمة أبطال الجمهورية.
إيران وروسيا والنظام، ينفذون أكبرعملية في التاريخ لإبادة وتهجيرعشرين مليون سوري (سني) دفنهم تحت ركام منازلهم أو توزيعهم على مخيمات الهوان وقارات العالم. وقد شردوا حتى الآن خمسة عشر مليوناً وقتلوا وشوهوا واعتقلوا أكثر من مليونين ونصف. إيران ومليشياتها وروسيا يدخلون سوريا بسلاسة، في حين استنفرت الإدارة الأميركية وجامعة العرب لإخراج مائة وخمسين جندياً تركياً يدربون البيشمركة في العراق؛ كي لا يعكروا مهمة الحشد الشعبي الذي يبيد السنة هناك.
النظام مفتوحة أمامه جسور الرجال والسلاح والمال، والثوار تُكسر الظهور التي تحمل إليهم مؤونة بقائهم في حمص ومضايا وداريا. ممنوع عنهم السلاح الفعّال وكثير من غير الفعال، ولا يسمح لهم بتحقيق نصر هو قاب قوسين منذ ثلاث سنوات، مطلوب أن يموتوا لأنهم كلهم إرهابيون.
 
هذه المعادلة الرهيبة تنفذ في سوريا منذ خمس سنوات أمام أعين أصدقاء الشعب السوري ومخابراتهم التي تتابع دبيب النمل من نصيب إلى باب الهوى، ومع مفاوضات جنيف 3 التي تسعى لحل سياسي لأنه لا حل عسكري في سوريا كما يقولون، ولا يسألهم أحد لماذا صواريخ قزوين والسوخوي وألوية إيران تحرق سوريا وأهلها.
الكل يهاجم المجتمع الدولي، يدفع قضية السوريين إلى المجهول، من هو المجتمع الدولي؟
الرئيس أوباما يعلن أن أفضل ما فعله هو عدم التدخل ضد نظام الأسد، يقول إن على العرب أن يتدخلوا هم في سوريا، أوباما يقول في اتصاله مع بوتين إن سوريا تتفكك بسرعة، وهو وبوتين يحميان “كانتون” علوياً في الساحل، وآخر كردياً عميلاً للنظام في الشمال، ونتنياهو أعلن كانتونه الثالث ضم الجولان. أوباما لم يجد بديلاً لنظام الأسد بعد احترام خطوطه الحُمر؛ لذلك يجب المحافظة عليه ومكافأته على ما أنجز من تدمير سوريا حتى الآن.
أوباما يريد الغدر بأردوغان وليس رحيل الأسد، ويريد حصار السعودية وتركيا وقطر، لولا أنه يعرف ثقل السعودية الذي لا يستطيع حمله ومكانتها في قلوب العرب والمسلمين، ومكانة تركيا وثقلها الإقليمي والاقتصادي، ومكانة قطر ودورها في إطفاء كثير من حرائق المنطقة، تركيا العضو في حلف الناتو، والسعودية وقطر الحلفاء والشركاء.
أوباما درب وسلح الـpyd وما يسمى وحدات سوريا الديمقراطية، وقائد القوات الأميركية في المنطقه يشرف بنفسه على الخطط السابقة واللاحقة، لمحاولة حصر إنجاز محاربة داعش بهم وحدهم وتسليمهم الأراضي التي تنسحب منها تماهياً مع مخططات النظام. داعش التي كانت الإدارة الأميركية تمنع حربها في سوريا تحت شعار احتوائها.
الرئيس بوتين يقود الحرب ضد الثورة السورية بنفسه، ووزير دفاعه وكبار جنرالاته، ويعلن تحرير تدمر، وبدء معركة حلب، ويصرح أنه نفذ عشرة آلاف طلعة جوية وقصف ثلاثين ألف هدف في سوريا. وأوروبا غارقة في مؤتمراتها ويتم عملياً استبعاد دورها.
ألا أحد يسأل لماذا يحدث كل هذا في سوريا، لماذا لا يعلن واحد من قادة العرب ووزراء دفاعهم أن الروس وإيران محتلون يمارسون الإبادة في دولة عربية “سوريا” وعليهم المغادرة، وإلا فإن جيوشاً عربية سوف تدخل الحرب، لماذا لا يظهر أحد من القادة العرب الذين يقولون إن روسيا تقوم بدور بناء وإيجابي في سوريا، ليشرح ماذا يعني بالدور البناء والإيجابي، ماذا يخشى الأشقاء العرب وهم حلفاء أميركا والغرب منذ الحرب العالمية الأولى، وإيران الفارسية تحارب وتدمر في طول الوطن العربي وعرضه.
إذا لم تتدخل قوات عربية، فلماذا لا يقدم السلاح للثوار؟ لماذا لا تفتح الحدود في الجنوب والشمال أمام السلاح النوعي والدعم اللوجستي، كما فتحت حدود وسماء العراق ولبنان وقناة السويس إضافة للبحر المتوسط أمام النظام؟ لماذا ومتى يتم توحيد الثوار تحت قيادة واحدة؟
 
نتوجه إلى أشقائنا في السعودية وتركيا وقطر والأردن والإمارات، نتوجه إليهم وحدهم في زمن جديد مليء بالأمل، زمن عاصفة الحزم والتحالف الإسلامي ورعد الشمال ونسر الأناضول، زمن التنسيق السعودي التركي القطري الذي كنا نحلم به، إذا لم ينقذ كل ذلك سوريا الآن وبعد خمس سنوات فمتى؟ كيف تحارب إيران وروسيا وتمنعان أي قرار لا يريده النظام في مجلس الأمن وفي خارجه أيضاً، ودول الأشقاء بثقلها الكبيرلا تستطيع منعهم ولا تسليح الثوار السوريين؟
هل ننتظر جنيف؟ لقد ذهب وفد الهيئة العليا إلى جنيف بناء على تعهدات أصدقاء الشعب السوري والأمم المتحده؛ قبل وقف شامل لإطلاق النار وقبل رفع الحصار وقبل إطلاق سراح المعتقلين وكلها بنود ملزمة قبل التفاوض في خطة عنان وقرار مجلس الأمن 2118، ودون اشتراط خروج ومنع إيران ومليشياتها من الحرب في سوريا، وفي ظل هدنة تحدد بالأيام والساعات تدمر حلب وحمص وداريا ودرعا وكل سوريا. هيئة الحكم الانتقالي مضى أربعة من شهورها الستة ولم تناقش، وقبل عامين ذهب وفد الائتلاف إلى جنيف 2 بدون شروط، وقد حذرنا يومها من الذهاب إلى جنيف قبل تنفيذ بنود خطة عنان الخمسة بالكامل، خطة عنان وقرارمجلس الأمن 2118 اللذان لم يقرأهما أحد. مفاوضات جنيف لم تبدأ وهي لن تبدأ أبداً في ظل رعاة أعداء.
في داخل سوريا مئتا ألف مقاتل من الفصائل المعتدلة وخلفهم مثلهم يحمون بصدورهم وجباههم العاليه حدود التاريخ والجغرافيا، يتنافسون على حياض الشرف، لا يلتفت واحد منهم خلفه، لا تسقط الراية من أيديهم، يواجهون تحالف روسيا وإيران والنظام وداعش وحالش دحروهم في معارك مشهودة، آخرها في حلب والعيس وخان طومان. إخوتكم ثوار سوريا باقون هناك عهدهم مع ربهم ومع أهلهم ومعكم، النصر أو الشهادة وكل قوى العالم لن تغلبهم بعون الله، ينتظرونكم منذ خمس سنوات فلا تخذلوهم.
تحرير سوريا وحده الذي سيوفر الأمان لكل المنطقة.
الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- في تصريحه الشهير بعد احتلال أميركا للعراق عام 2003 قال (سياسة أميركا تضع العقل في الكف، أميركا تسلم العراق لإيران على طبق من ذهب). نقول لأشقائنا وأهلنا في السعودية وتركيا وقطر والأردن والإمارات، نحن لم يعد لنا عقول لنضعها في أكفنا أنتم تتركون سوريا لإيران وحلفائها على بحر من دماءنا..