الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عن المبادرة الروسية للحل في سوريا

عن المبادرة الروسية للحل في سوريا

06.01.2015
ياسر الزعاترة



الدستور
الاثنين 5-1-2015
بكل بساطة تعلن الناطقة بلسان الخارجية الإيرانية أنها توافق على المبادرة الروسية للحل في سوريا، وكذلك يفعل نظام بشار، وفي ذلك ما يكفي لكي يدرك العقلاء أي دفء يطلبون في صقيع روسيا.
يتحدث مساعد وزير الخارجية الإيراني "عبداللهيان" الذي ينطق بلسان المحافظين أكثر من الحكومة عن التمسك بالأسد، أما حسن نصرالله فيُغدق عليه من المدائح ما يكاد يرفعه إلى مقام المعصومين، فيما يعلم الجميع أن نصرالله في ملف كهذا لا ينطق عن الهوى، وإنما هي أوامر الولي الفقيه.
لا شيء لدى روسيا تقدمه للمعارضة السورية، أو القلة التي ستذهب منها إلى هناك، وحين يتحدث معاذ الخطيب عن روسيا ومبادرتها فهو يتحدث ببراءة الشيخ البعيد عن تعقيدات السياسة، فمن أفشلوا مؤتمر جنيف لأنه يشترط هيئة انتقالية تدير السلطة من دون النص على تنحي الأسد، لا يمكن أن يقبلوا بما يردده الشيخ من أن سوريا لن تقبل ببقائه.
الذي ينبغي قوله قبل كل شيء هو أن المبادرة الروسية، والتأييد المعلن من قبل إيران، وقبول النظام لا يعدو أن يكون تعبيرا عن الأزمة أكثر من أي شيء آخر؛ معطوفا على مساعي لشق المعارضة السورية، من دون أن يكون لذلك أي أفق واقعي، إذ حتى لو ذهب معاذ الخطيب إلى دمشق رئيسا للوزراء، فإن شيئا لن يتغير في الواقع العملي، فهو سيبقى صورة مسؤول، أقل مرتبة من وائل الحلقي حاليا، فيما سيبقى القتال على حاله، لأن أحد لن يقبل بتغيير الشكل فقط، والإبقاء على تحكم رئيس وجهاز عسكري وأمني طائفي بالوضع السوري برمته، فيما تتحكم إيران بمفاصل البلد، وبتفاصيل المعركة بكل حيثياتها.
سيقول البعض إننا نتحدث بكلام طائفي، وإن في سوريا الكثير من المسؤولين السنّة، وفي هذا ما فيه من تضليل، فالنظام هو من دفع الصراع إلى المربع الطائفي لحماية نفسه، أما أن يكون في سوريا سنّة يستفيدون من النظام ويدافعون عنه، فلايغير في الحقيقة شيئا، إذ حتى في الدول المحتلة يكون هناك عملاء للاحتلال. ثم ليأتوا لنا بشخص سنّي واحد جاء من الخارج لكي يدافع عن النظام، وليفسِّروا لنا لماذا جاء سليماني بشيعة من كل أصقاع الأرض لكي يدافعوا عن بشار الأسد.
إنهم يعلمون طبيعة النظام، وأي حديث عن تنحي بشار، ومهما تبعه من تنازلات لن يكون مقبولا من إيران، ولا حتى من روسيا، لاسيما أن الأخيرة لا تدفع شيئا من الناحية العملية لإسناد النظام، وهي إذا باعته أسلحة فإنها تقبض ثمنها، وإيران هي التي تتكفل بكلفة الحرب كاملة، لكنها تجد في هذا الملف فرصة لمناكفة الغرب، والمثير للسخرية أن الغرب وأمريكا لم يعودوا معنيين بهذا الملف، وهم يفضلون استمرار الحرب على أي حل سياسي، تماما كما يرى نتنياهو، وبالتالي، فإن ما يفعله بوتين لا يعدو أن يكون لعبة بهلوانية لا تقدم ولا تؤخر، بينما يتخبط هو في أزمة اقتصادية خانقة بسبب أسعار النفط.
في المقابل، وفيما يمكن احترام بعض الكلام الذي يصدر عن الشيخ معاذ الخطيب وبعض الآخرين حول وقف معاناة الشعب السوري، فإن تلك المعاناة لن تتوقف لأن أحدا لن يقبض الحل المقترح، والذي يترك كل شيء على حاله مع تغييرات شكلية بلامعنى، بخاصة من يقاتلون على الأرض، أما الأهم، فهو أن الشعب السوري لم يدفع كل هذه التضحيات لكي يبقى تحت حكم أقلية طائفية، وفي ظل وصاية إيرانية، والأمة من ورائه أيضا لن ترضى بأن تبقى سوريا تحت ولاية إيران التي ذهبت إلى اليمن واحتلته عبر المليشيات الحوثية لكي تساوم على سوريا!!
ما لا يراه هذا الفريق الذي يريد الذهاب إلى موسكو هو أن لعبة عض الأصابع تقترب من مراحلها النهائية، وأن نزيف إيران بات أكبر من قدرتها على تحمله سنوات طويلة، لاسيما بعد أن أضيف اليمن إليه، فيما تتخبط في العراق الذي كان يساعدها في سوريا.
يحتاج الأمر إلى مزيد من الصبر. وإذا كان لا بد من ذهاب بعضهم إلى موسكو، فليقولوا لها إن الحل هو بتنحي بشار، وليس ببقائه مع تغييرات شكلية لا تغير في طبيعة النظام، ولا توقف الحرب، ولا تشف صدور قوم مؤمنين، ولا توقف عدوان إيران على الأمة بأسرها، فإن قبلت فذاك، وإلا فليعلنوا فشل المفاوضات على الملأ كي يكونوا أمناء مع شعبهم وقضيتهم.