الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عن بوتين وانتصاره بسوريا وانسحابه منها

عن بوتين وانتصاره بسوريا وانسحابه منها

21.12.2017
ياسر الزعاترة


الدستور
الاثنين 20/12/2017
على عجل تم استدعاء بشار إلى قاعدة “حميميم” في اللاذقية، فالرئيس الروسي لا يملك الكثير من الوقت. هي اربع ساعات فقط، سيخصص جلها لضباطه ومستشاريه، وليس لـ”قائمقامه” على سوريا، وكي تكتمل دلالة المشهد باللقاء في القاعدة الروسية وليس في قصر بشار كدلالة على عنوان صاحب الأمر، جاء “فيديو” الضابط الروسي وهو يمنع بشار من اللحاق ببوتين ليمنح اللقاء نكهة أكثر وضوحا من الإهانة!!
مؤكد أن “الولي الفقيه” في طهران لم يكن سعيدا باللقاء ولا ببروتوكولاته، لا لشيء إلا لأنه يذكّر بحقيقة “السيد” هنا في سوريا. إنه بوتين، وليس سليماني (مندوب الولي الفقيه)، ومن يستنجد بدولة كبرى كي تحميه أو تحمي أحد أتباعه، فليس له سوى الاعتراف بأنه هي صاحبة الكلمة العليا.
ليس هذا ما يعنينا في واقع الحال، بل عنوان اللقاء ممثلا في مقولتين لبوتين؛ الأولى أن الانتصار على الإرهاب قد تحقق، والثانية أن القوات الروسية ستباشر الانسحاب من سوريا، باستثناء القواعد الثابتة في اللاذقية وطرطوس.
في الجانب الأول كان مثيرا للسخرية أن يخرج الرئيس الأمريكي في اليوم التالي لكي يقول: “انتصرنا في سوريا، وانتصرنا في العراق، لكن (الإرهابيين) ينتشرون في مناطق أخرى. ونلاحقهم بذات السرعة التي ينتشرون بها”، الأمر الذي أثار غضب روسيا التي أطلقت عددا من نوابها وسياسييها، وإعلامها كي يردوا عليه، لكأنه جرح شعورهم بمحاولته سرقة الإنجاز (لاحقا شكر بوتين ترامب لأن السي آي إيه، ساعدت في كشف مخطط لتنظيم الدولة كان يستهدف مواقع في مدينة بطرسبرغ)!!
والحال أن الدور الأمريكي في محاربة تنظيم داعش لم يكن هامشيا كما يحاول الروس الإيحاء، فلولا ملاحقته من قبل الأمريكان في العراق، لكانت مطاردته في سوريا أكثر صعوبة، ولا ننسى أن واشنطن كان لها دور بارز في ضربه بسوريا أيضا، أما الأكثر إثارة للسخرية فهو أن أكبر دولتين من حيث القوة العسكرية تتنافسان على من هو الأحق بالانتصار على تنظيم بإمكانات محدودة.
وفيما يتحدث الأمريكان عن تنظيم داعش كعنوان للقوة التي هزموها، يبدو كلام بوتين مختلفا، فهو يتحدث عن “الإرهاب” بشكل عام، والإرهاب عنده يشمل كل من حملوا السلاح ضد النظام، وهؤلاء لم ينتهوا بعد، فهم موجودون بكثرة، أما الأهم من ذلك، فهو أن نهايتهم التي ما زالت بعيدة كقوىً تسيطر على أرض، لا تعني نهايتهم الفعلية في زمن العنف الرخيص، وبعد ثارات رهيبة مع نظام دموي، وطائفة داعمة.
هنا ينهض السؤال الآخر حول حقيقة الانسحاب، وما إذا كان حقيقيا أم لا؟ والذي أجمع عليها المراقبون هو أن إعلان بوتين هو خطاب للداخل الروسي بعد قراره الترشح للانتخابات العام القادمة، فضلا عن حاجته إلى القول إن حربه انتهت في ظل استضافته لكأس العالم، العام المقبل أيضا. أما الحقيقة فهي أن الانسحاب سيكون شكليا، ولن يشمل سوى القليل من عديد القوات، مع التذكير بأن إعلان الانسحاب الجديد لم يكن الأول، فقد كان هناك إعلان آخر في شهر آذار/ مارس من العام الماضي.
الخلاصة أن حرب سوريا لم تضع أوزارها بعد، والمفاوضات لا زالت تراوح مكانها، وتحتاج لوقت قد يطول، ومعها وضعها موضع التنفيذ، وبجانبها تناقضات الموقف الروسي والإيراني، ومعها شروط الصهاينة التي لا يمكن لبوتين تجاهلها، وبعد ذلك كله أيضا، قصة إعادة الإعمار ومن سيدفع كلفتها؟!
قصة طويلة، لكنها لا تنسينا بحال أن سوريا هي جريمة العصر التي ارتكبها خامنئي ضد شعب طلب الحرية والكرامة من أجل مشروع طائفي مجنون، وحين عجز، قام باستدعاء قوة كبرى، من دون أن يمنعه ذلك من إقامة كرنفالات الاحتفالات، وتلقي التهاني بالانتصار العظيم، تماما كما فعل بوتين، وترامب أيضا!!!!