الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عن فتح كابل وحلب.. أرجو ألا تشبه الليلة البارحة

عن فتح كابل وحلب.. أرجو ألا تشبه الليلة البارحة

10.08.2016
شريف قنديل


المدينة
الثلاثاء 9/8/2016
عن فتح كابل وحلب.. أرجو ألا تشبه الليلة البارحة أرجو ألا تكون الليلة أشبه بالبارحة.. أرجو ألا تكون الفرحة أشبه بالفرحة البارحة.. أرجو ألا يكون النصر مثل الذي حدث في ذاك العصر!
عن حلب الصمود والبسالة أتحدث، وعن كابول الملهاة والمأساة أتذكَّر!
والذي حدث أنني عاصرت بل شاركت ورصدت ليلة فتح كابول. وما أغربها بل ما أفظعها من ليلة!
كنت في موكب بل في السيارة المُقلة للرئيس الأفغاني برهان الدين رباني، حينما عبرنا جلال أباد؛ في طريقنا من بيشاور باكستان الى العاصمة الأفغانية المحررة!
في الطريق كانت رائحة النصر تهب مع الرياح.. وكان صوت المنتصرين من المجاهدين يهدر في البطاح.. ويجيء من جرح مضمد بالبطولة والكفاح.. وكنت أتعجل بزوغ الشمس.
ها قد وصلنا على أبواب المدينة حيث قفزت من السيارة.. كبّر الكبار.. وتحلَّق حولي الصغار.. عانقتهم وعانقوني.. وأطعمتهم من خبز الأناشيد والكلام الطري الذي كنت أخبئه في حزامي.. مرج نار ونور.. وقوس فرح أو قزح.. وأنا أمضي مفتوناً بحنيني.
دقائق وبعدها دب الصراخ. حيث انهالت الصواريخ من كل صوب. واختفى موكب الرئيس قبل أن ندخل القصر.. كان القادة الكبار قد بدأوا معركتهم الكبرى حول المناصب والغنائم، وأتذكر انني كنت في كل مرة ألتقي فيها أحد القادة الكبار أردد داخلي: خذلتني!
كانت الجحافل السوفيتية وكأنما تركت على أرض كابول آثار مخالبها وأنيابها الدامية.. إنها امبراطورية الشر المتوارثة تأبى إلا أن تترك أفغانستان حتى الآن غارقة في نزاعات وصراعات حول الحصص والهويات التي تدفع الجميع للسباحة في الدم ،والغرق في الخراب، وكأن الشر الذي غُرست بذوره يتولى الحكم بجبروته البشع نيابة عنها!
حين عدت من أفغانستان كان الحزن قد تلبَّس وجهي وأنا أمضي في طرقات المدينة.. وكان صمتي ينزف بعض الحروف الثخينة.. يا الله.. ضاعت العبارة.. خانني صوتي. فحاولت الإشارة.. أواه يا أمة الفرح المقيد والأمنيات السجينة!
عفواً وعذراً استغرقت في الشعور بالمرارة والحزن والهزيمة.. نسيت أن أقول لكل ثائر سوري أبيٍّ أصيل قل لهم.. ثمة زمن لم يأت سوف يجيء.. ثمة سر تحت الأرض يكمن في عمق الأشجار.. ثمة وغد أحمق لا يعرف ميلاد النار.. لا يعرف أن حلب. لحظة توشك أن تسقط من تعب.. تتدفق فيها الأنهار..
وأيا أيها الشهيد النبيل.. قتلوك وماعرفوا أنك اليوم مقتلهم.. فلتكن مقتلاً يا قتيل.. ولتكن موعداً وملقناً للذين انحنوا في الزمان الذليل.. لعلك الآن تستمع لنشيد يتردد الآن في الجولان.. بل في سماء الجليل.