الرئيسة \  مشاركات  \  عين ...على الإدارة الذاتية الديمقراطية

عين ...على الإدارة الذاتية الديمقراطية

12.03.2015
د. ابراهيم رمضان الشدادي



المؤكد أن الشعب السوري لم يتخذ الشارع مسرحا له لممارسة ترفا فكريا أو استعراضا ثوريا ,أنما الاحتقان الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي دفعهم لا شعوريا الى الشوارع بغية التعبير ولو بصورة نظرية محضة عن تطلعاتهم التي بدت لهم مشروعة وهي حقا مشروعة بكافة المقاييس الوضعية والسماوية , ولعل مواجهة أعتى الأنظمة البوليسية في المنطقة والعالم اعزلا من أجلى الصور المعبرة عن حجم الاحتقان والكبت والمعاناة التي عانه السوريين من الطغمة البعثية الحاكمة, ولم يمتلكوا أنذاك من أدوات الثورة  سوى العنفوان الثوري  والمشاعر الهائجة والتواقة الى الحرية والتعبير مفتقرين حتى الى الايدولوجية نظرا للحياة السياسية المصادرة من قبل البعث,وليس من الصعوبة التكهن لبعض تلك الاحلام  ,فالانعتاق من النظام الشمولي القمعي البوليسي الذي صادر المجتمع بغثه وثمينه جملة وتفصيلا  قرابة أربعة عقود من الزمن تأتي في المقدمة كونها فاتحة لحياة جديدة تسودها العدالة بكل تشعباتها,بيد أن النظام البعثي وجذوره العميقة التي انتشرت في كافة مفاصل المجتمع ترك بصمته وبجدارة داخل كينيونة بعض القوى التي مارست العمل السياسي المعارض للنظام البعثي بصورة بائسة وركيكة ,بيد أن القوى الثورية التي انبثقت عن الجماهير الهائجة بعواطفها فقط أضافت هامشا من الريادة لهم ,وبالتأكيد  هذا ليس من باب التهجم او الانتقاص من هذه القوى  نظرا لتوفر العديد من التبريرات تبعا لمعطيات ومخرجات النظريات المؤثرة في علم الاجتماع السياسي ,ولكن بالوقت ذاته مأخذنا عليهم هي تلك الحقيقة العلمية ذاتها ,وهي أن التبرير والذريعة ليستا من مقومات الايدولوجيا أنما من معيقات ديمومة الايدولوجيا وأسباب أنتكاساتها مما يحتم على الجميع القوى السياسية والثورية استدعاء النية الصادقة و أبداء الجدية المطلوبة بغية التخلص من أرهاصات المراحل السابقة  بطرق علمية ناجعة كي لا تضطر تلك القوى الى دفع استحقاقات الماضي بأثر رجعي حتى تتسنى لها الالتحاق بركب الحاضر والمضي نحو المستقبل بخطى محسوبة وثابتة على قاعدة صلبة من الروابط المستحدثة والمتينة بين أفراد المجتمع بغض النظر عن المرجعية الايدولوجية ومناهلها أنما التحرر من القيود الوضعية بصورة كلية حيث لا قداسة لها ولا خشية منها للتصادم مع الموروث الثقافي او العقائدي, كون المسلم به أن أسوء أنواع الأنظمة السياسية والفكرية  تلك التي تضفي القداسة على القوانين الوضعية الموروثة أو التي تنتجها مع صيرورة الحياة الأنسانية, فالأمر نفسه تخلق وتستحدث حالة الاصطدام مع الجدار العقائدي المتماهي مع  الشخصية الانسانية العاجزة فطريا  التحرر من العقائد  ,فالادارة الذاتية الديمقراطية بحكمها الجزء السوري المتحرر من النظام البعث البوليسي بفضل العنفوان الثوري للجماهير غير المؤدلج حين ذاك ولا ينبغي لأية قوى السياسية التنكر لفضلهم وتضحياتهم (اي الجماهير الهائجة), ولا يخفى بأن مهندس تجربة الأدارة الذاتية الديمقراطية هو الاتحاد الديمقراطي الكردي ,وتبعا للمقدمة الأنفة يتحتم على هذه الجماعة التي وكلت نفسها طوعا منها وقسرا على بعض الفئات بحمل عبء هذه التجربة بكل صعوباتها ومنغصاتها ولا ينبغي التغافل عن أمر في غاية الحساسية والأهمية فالمكون الكردي عانى الأمرين في المراحل السابقة  ,فمنها ماهو نظري مثل الشعور بالاضطهاد العرقي – كون الغبن الذي وقع عليهم كان يعزيه الكردي الى التمييز العرقي الاثني ,علما لم أكن من مريدي هذا التوجه وبمقارنة بسيط أظن أن الجميع سوف يتخد توجهي نهجا – جريمة الشنيعة التي قام بها النظام البعث في عامودا المتمثلة بحرق الاطفال في دار السينما يقابله في طرف الأخر سلسلة من المجازر والجرائم ارتكبها نفس النظام بذات رموزه المريضة بحق المدنيين في مدينة حماه السورية وكذلك مجزرة سجن تدمر المشهورة بالأضافة الى ملف  الأف المفقودين في السجون من المحسوبين على جماعة اخوان المسلمين ,الجريمة الاجتماعية التي تسمى( مشروع الحزام العربي )في منطقة الجزيرة وتبعاته على شريحة واسعة من الشعب الكردي يقابله في الطرف الأخر معاناة النازحين من الاراضي السورية التي تم بيعه للكيان الصهيوني أبان الانتصارات الوهمية للنظام البعثي العتيد, فالنظام البعثي بأعتقادي كان عادلا في توزيع المعاناة والجرائم على مواطنيه ورعاياه وبغض النظر عن انتمائهم العرقي ,فمن يخدم هذا النظام ويحافظ على مصالح عتاولته هم من عظام الرقبة ,ولكن كان من الصعوبة بمكان تفصيل تلك الحالة السيكولوجيا التي عانى منه الاكراد لفترات طويلة  وتحليلها ومعالجتها وبقيت تلك الحالة طي الكبت والكتمان وما زاد الطين بلة بلادة القوى السياسية السورية المعارضة في التعامل مع الملف الكردي بمختلف زواياه,وما هو عملي كباقي سياسيات النظام التي لا يخفى ممارساته القميئة على أحد ,وبالتالي الاتحاد الديمقراطي وادارته الذاتية بدورها تثير لغطا واسعا في الاونة الاخير في معرض الحديث عن الحريات العامة والعدالة ,ولعمري أنه من المعيب أن الاتحاد الديمقراطي بتاريخه النضالي والثوري الطويل أن تسعى الى نسب الانتصارات والانجازات لنفسه والانتكاسات والعوائق للمخالفين معهم في الرأي أو المتخالفين معهم في العرق او القومية ومن العار أن يتطابق خطابهم مع خطاب النظام البعثي انما ينبغي عليهم احترام مسيرتهم النضالية العريقة وأن يسعوا جاهدين لتحرير رعاياهم من قيود التفكير والتأمل المقننة والمقولبة وأن يجعلوا مما يسمونها بالكانتونات نموذجا للتعددية والحرية في الاعتقاد والتفكير والعمل المؤسسي المبني على التكافئ والمنافسة الشريفة لا ان تكون مرتعا للقمع والتشبيح والتهميش ولا بد التحلي بالحكمة والقدرة على أحتواء الجميع وبغض النظر عن توجهاتهم العقائدية أو أنتماءاتهم العرقية بل تسعى الى تطبيق – الأنسان أغلى ما نملك – قولا وعملا